فردٌ إذا غـابتِ الأنظارُ رؤيتهُ ***فالعيبُ فـــي الطرفِ،لا في نجمهِ وكفـى!
ما كـــان عبقرُ حكراً للذي ســلفوا ***هـــذي النوابغ أثــرتْ سلفــــها تُحفا
من البحر البسيط ، هكذا ولدت القصيدة ، وخلّها حرّة تأتي بما تلدُ!! راجع الهامش رجاء .
اكرمْ بدنياكَ ، كدر الهمَّ قدْ سلفا **أنّى حللّتَ بــأرضٍ عشـــتها نجفا
تحلو الشمائلُ منِ ألْفٍ ومنْ ألَفٍ**حتّى صرفتَ الذّي ما كان منصرفا!
“فاستوحِ مَنْ طببَّ الدنيا بحكمته”* قدْ ثارَعدلاً ، أزالَ الظلمَ والسّدفا
بُعْدٌ يقرّبُ منهُ الوجـدَ، تلهمهُ *** إشعاعَ فكرٍ، وقدْ زان الورى شـرفا
عشْ ذائباً في سموِّ الرّوح أزهدهمْ ** عيشاً،وكان أخاً للمصطفى وصفا
هذا العراقُ،ويأبى اللهُ قسمتهُ *** أرضى الإمامَ ،وأرضى الصحبَ والخلفا
لو داعشٌ لعّبتْ في لِعبها لُعَباً **** تبّاً لها لنْ تنـــــالَ الظـــــهرَ والكتفا
شعبٌ تآخى على مرِّ العصور،فلا***أعني سوى الشعب مَنْ في مجْدهِ حُلِفا
يا حادياً بثْ خفايا القلب اعذبها **** حـيِّ العراق ، وحـــيِّ الأهلَ والنّجفا
ذاكَ الغريّ،وراحُ الشّعرِ(نابغُهُ)**إذْ غــرّ (أحمدُ) كأسَ (الجوهرِ) ارتشـفا(1)
أنت ابن ذاكَ وهذا ، والروي نسبٌ**** اغرفْ أجدتَ،كما كانا،وما اغترفا
لا تأبهنَّ بسجنِ الدار مؤتزراً ***** فالدرُّ يســكن ُ في قعر الدّجى الصدفا
دعْ عنكَ مَن يرتقي عرشاً بهابطةٍ ***** والهــابطاتُ لكعبٍ سمتها الخسفا
خمسون عاماً مضتْ منْ لا أباً لهمو! *** تصحيفَ لؤمٍ،ويأبى اللهُ ما صُحِفا
إنَّ المقاديرَ إنْ غالبتَـــــها غُلِبتْ ***** تغدُ المطيّةُ ، ركّــــبْ فوقها الهدفا
وانشد رعاكَ الذي ســواكَ نابغةً *** واقلبْ عليهمْ بيوت الشعْرِ و (السلفا)!!
وارجعْ لدنياك شجواً أنتَ صاحبه **** ريمٌ على القاعِ يا منْ قد رعى و وفى
يا أمَّ زيدٍ : ثلاثوناً و واحــدةٌ ***** لمْ نألفِ الخلفً ، لا قــــطرُ البكا ذُرِفا
يا أمَّ زيدٍ : وأمُّ (الأُسْلِ) واسطة ٌ***** والنّبعُ أينعَ في (عبّاســـهِ ) و(صفا)(2)
هذي الرجالُ، إذا ما جُذرها رسختْ *** مثل الرواسي تصــدُّ الريحَ إنْ عصفا
فردٌ إذا غـابتِ الأنظارُ رؤيتهُ ***** فالعيبُ فـــي الطرفِ،لا في نجمهِ وكفـى!
ما كـــان عبقرُ حكراً للذي ســلفوا ***** هـــذي النوابغ أثــرتْ سلفــــها تُحفا
لكنَّ مَن بدّدَ الأنـــــوارَأظلمُهمْ ****** والأرضُ تحجــبُ شـــــمسا بدرها خسفا
شتّــــان بينَ وضيعٍ ٌ أمــــرهُ تبَـــعٌ****** للســـــاقطينَ وبيــنَ الحـــرِّ إن أنــــفا
أنتَ ابنها ، لا ركامُ القشِّ راهبـةٌ ******* كلاّ ، ولن مــن فحيح الصــلَّ ترتجفا(3)
خذْ ما تشاءُ مـــــن التنويمِ هيمنة ً*****أيــنَ البطولــــة ُللأبــــرارِ والشّـُــرفا ؟!
منّا الحضاراتُ قد سـادتْ ركائزها**** قـــفْ ! واسألِ الدّهرَ إذْ كنّا ، وما خلفا
لا يستبينُ ضحى الغبــــراءِ،عجّتها ***** تُدني الذليل وترمي عـــــــزّها قذفا
فوضى تشيرُ إلى الأقـــــــدارِ هازئةً ً****** يا خيرَ مَــــنْ سلبَ الآنامَ أو نسفا!!
شعبٌ كــأنّ بلا عــرقٍ يعــرّقــــهُ *** ***** يـا للـرجالِ ! ألا رأسٌ ، فـوا أســـفا
عمرٌ يمرُّ بذي الآمــــــالِ يرقبُها ******* يومـــاً بيـومٍ فلا بــرّتْ ولا نصـــــفا
إنّ الحياةَ إذا لا ترتجــي أمـلاً ****** كالمــــوت ســـــــيّان ، إذْ أيّـامها حُتفا
يا صاحبيَّ قفا نحدو على وطـــنٍ *** ***** دامــي الجراح، قفـا يا صاحبيَّ قفـا!!
هلّ كانَ أعذبَ من ماءِ الفراتِ؟ وكـمْ ***** * يا دجلةَ الخير! يا لهفي ومَنْ لهفا!!
يا دجلة الخيرِ! جرحٌ في ضمائرنا ***** قلبٌ يذوبُ ، ودمـعُ العيــــــنِ قد وكفا
تباً لقومٍ يسودُ الجرمُ عالمهم ******** يغري الجهولَ ، ويخشى العلمَ والظرفا
صبراً جميلاً على البلوى ، وإنْ دهمتْ ***** نحنُ لها ، وسيروي عزمنا النطفا
والدّهرُ ينجبّ ليلاً ، أمــــــره عجبٌ ******** قــد يرتـــدي الأملَ المعقودَ ملتحفا
سمعاً ! ولا أتّقي قولاً بخــــــاتمةٍ *******عاش العراقُ ، ليبقى فوقَ مَـــــنْ وصفا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) نظمت عدة أبيات ارتجالية عند وصولي مدينة النجف الأشرف سنة 2004 نسيتها وكان مطلعها :
اكرم بدنياك كدر الهمِّ قد سلفا *** حيّ الإمام وحيّ الأهل والنجفا
وهذه الأيام تذكرت المطلع ونظمت على غراره ، وختمت القصيدة قبل أحداث الموصل الأخيرة ، ثم أضفت عليها بضعة أبيات بعدها ، فولدت القصيدة هكذا بذاتيتها وموضوعيتها
(1) النابغة الذبياني من حيرة النجف ، أحمد بن الحسين المتنبي من كوفة النجف ، الجواهري ابن النجف !!
(2) أسيل أم صفا ، ابنة الشاعر واسطة العقد ، وزيد الابن الأكبر ، وعباس الأصغر
(3) أنا أحياناً أسير على نهج المدرسة الكوفية ، ولي مؤلف ( نشأة النحو العربي ومسيرته الكوفية / مقارنة بين النحو الكوفي والنحو البصري ) ، والمتنبي والجواهري كثيرا ما ينهجانها ، وهما من أبنائها ، وأنا أزعم كذلك ، وعراقتي فيها تمتد لمئات من السنين ، المهم ، العرب قد يفصلون بين لن ومعمولها ، والكوفيون يسيرون على الشاذ حتى أنني في بحثي عن الضرائر الشعرية ، ونشرته خمس حلقات مطولة ، أدرجة خمسين ضرورة شعرية !! ، ومنها ما سمع من العرب قولهم :
لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلا ***أدعَ القتال وأشهدَ الهيجاء
المعنى لن أدع القتال ما رأيت أبا يزيد مقاتلا ، ـ (ما) مصدرية ظرفية تسبك مع ما بعدها بمصدر أي لن أدع القتال مدة رؤيتي أبا يزيد مقاتلا .والفعل أدع : منصوب بلن ، وأشهد منصوب بأن مضمرة جوازا بعد واو العطف والمصدر معطوف على القتال.
البيت من الكامل وهو في خصائص ابن جني :2/411 ، ومقرب ابن عصفور : 1/262 ، ومغني لبيب ابن هشام الأنصاري : 373
شرح هذه النقطة فقط للتوضيح ، والقياس على غيرها .. والشعر صعبٌ وطويل سلمه !!