23 ديسمبر، 2024 9:57 ص

واقع المفوضية العليا لحقوق الإنسان ؟!

واقع المفوضية العليا لحقوق الإنسان ؟!

منذ أن وطأت أقدام المحتلين الغزاة أرض العراق ، وهم وأتباعهم يتشدقون بحقوق الإنسان ، وكأن الإحتلال والغزو المسلح من مزايا ومكرمات صيانة حقوق المواطنين الآمنين الأصلاء ؟!. وبعد إشاعة كل عناصر الخرق للحقوق ، أدون نص مقدمة أمر سلطة الإحتلال المؤقتة رقم (60) لسنة 2004 ، بإنشاء وزارة حقوق الإنسان ، لتعرية مخططات الإحتلال الرامية إلى النيل من كرامة الإنسان العراقي وحقوقه المشروعة ، بأضعاف ما تم به وصف الحال قبل الإحتلال ؟!. لأن السلطات المخولة للمدير الإداري لسلطة الإئتلاف المؤقتة ، بموجب قوانين وأعراف الحرب ؟!، مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ، لم ترتقي بمصداقية القول أو الفعل المقارن وصفا ، بأن الشعب العراقي قد عانى طويلا من إنتهاكات رهيبة لحقوقه الإنسانية وحرياته الأساسية ، وبأن تطبيق حكم القانون ونظام حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ، وكذلك تبني الموازين الدولية لحقوق الإنسان وإحياء الموازين التقليدية العراقية للمعاملة الإنسانية ، هي أمور حيوية لتحقيق الإستقرار السياسي والإجتماعي للمجتمع العراقي ، وتعزيزا لأهداف مجالس الحكم المعنية بإنشاء وزارة مسؤولة ، تتولى مواجهة الإنتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان التي وقعت في الماضي ، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأشخاص المتواجدين في الأراضي العراقية مستقبلا ، وإعترافا بإلتزامات العراق التي يتحملها بموجب المعاهدات الدولية بشأن حقوق الإنسان والتي هو طرف فيها ، بما فيها الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، وإتفاقية التخلص من جميع أشكال التفرقة العنصرية ، وإتفاقية التخلص من جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، وإتفاقية حقوق الطفل ، أعلن إنشاء وزارة حقوق الإنسان . وإقرار جميع الأفعال والقرارات المتخذة من قبل الوزير الإنتقالي لحقوق الإنسان ، المتعلقة بمنصبه والتي تقع ضمن صلاحياته ، واقرار جميع الأفعال والقرارات التي إتخذتها الوزارة ضمن صلاحياتها منذ تعيينها من قبل مجلس الحكم في 3 / أيلول /2003، لتحقيق أغراض هذا الإقرار .

كما صدر قانون المفوضية العليا لحقوق الانسان رقم (53) لسنة 2008 ، بعد مضي المدة القانونية على عدم مصادقة رئيس الجمهورية على إصداره ( لأجل إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في العراق ، وحمايتها وتعزيزها وضمانها ومراقبة إنتهاكاتها وتقويمها ، ولغرض تشكيل مفوضية عليا لحقوق الإنسان تتولى تنفيذ تلك المهام ) . وهي متمتعة بالشخصية المعنوية ، والإستقلال المالي والإداري ، ومرتبطة بمجلس النواب ومسؤولة أمامه . ولها فتح مكاتب وفروع في الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم . بهدف ضمان حماية وتعزيز إحترام حقوق الإنسان في العراق . وحماية الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور وفي القوانين والمعاهدات والإتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل العراق . وترسيخ وتنمية وتطوير قيم وثقافة حقوق الإنسان . ولكن كل ما نص عليه القانون ، ما هو إلا عبارة عن مهام وواجبات وآليات عمل لم نلمس من نتائجها غير التقارير الإنشائية والدعائية ، التي إن تطابقت في الوصف مع الواقع المزري لحقوق الإنسان في العراق بعد الإحتلال وحتى الآن ؟!. إلا إنها لم تلق الإستجابة في المعالجة اللازمة والمطلوبة ، مع إن مجلس النواب هو من يتولى تشكيل لجنة الخبراء بما لايزيد على خمسة عشر عضوا ، تضم ممثلين عن مجلس النواب ومجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى ومنظمات المجتمع المدني ، لغرض إختيار المرشحين لعضوية مجلس المفوضين بإعلان وطني ، ولها الإستفادة مما يقدمه مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق من مشورة ودعم فني ، ولمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق ، تعيين ممثل لحضور إجتماعات اللجنة بصفة مراقب . ويتكون المجلس من إثني عشر عضوا أصليا ، وثلاثة أعضاء إحتياط ممن سبق ترشيحهم من قبل اللجنة ، وتتم المصادقة على إختيارهم بالأغلبية المطلقة من عدد الحاضرين من أعضاء مجلس النواب . ويؤدي الرئيس وأعضاء المجلس اليمين القانونية أمام مجلس النواب ، بصيغة ( أقسم بالله العظيم ، أن أودي مسؤولياتي القانونية والمهنية بأمانة وتفان وإخلاص ، وأعمل على إنجاز المهام الموكلة إلي بإستقلال وحياد ، والله على ما أقول شهيد ) . لعظيم المهمة الإنسانية التي تتطلب القدر العالي من نزاهة الموقف وعدم الإنحياز في الوصف أو المعالجة .

*- ونصت المادة (12/ سابعا) من القانون ، على أن يتولى المجلس مهمة تحديد مكافآت للعاملين في المفوضية وشروط منحها . بعد أن يصدر المجلس قواعد خاصة للخدمة والملاك خلال الشهر الأول من بدء عمله . وإقرارها من قبل مجلس النواب حسب أحكام المادة (13) منه ، ولم يتبين لنا ضرورة وضع قواعد الخدمة الخاصة لمنتسبي المفوضية ، لأن من يرأس المفوضية بدرجة وزير ، ونائبه بدرجة وكيل وزارة ، وأعضاء المجلس بدرجة مدير عام . ويتمتع الرئيس ونائبه وأعضاء المجلس بالحصانة خلال مدة عملهم في المفوضية ، حسب نص المادة (16) من القانون ، وهي مما يتطلب الإيضاح عن الأسباب الموجبة لمنحها ، مع أن الموارد المالية للمفوضية حسب نص المادة (14) منه ، على أن تتكون من :-

أولا- المبالغ المخصصة لها في الموازنة العامة للدولة .

ثانيا- مايقدم لها من موارد من داخل العراق وخارجه ، على أن لاتتناقض والقوانين العراقية ولا تؤثر على إستقلالية المفوضية .

ثالثا- تتسلم المفوضية الموارد المذكورة في ثانيا أعلاه بعد موافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة .

رابعا- تودع الأموال النقدية للمفوضية في حساب خاص لدى أحد المصارف العراقية.

خامساً- تخضع حسابات المفوضية لتدقيق ورقابة ديوان الرقابة المالية.

*- وكشفا لحقيقة تفاصيل حالة حقوق الإنسان في العراق ، فقد رأينا عرض بعض نصوص ما تضمنه تقرير منظمة العفو الدولية عن العراق لسنة 2017/2018 ، وكما يأتي :-

(( إرتكبت القوات العراقية والكردية والمليشيات شبه العسكرية وقوات التحالف والجماعة المسلحة المعروفة بإسم – الدولة الاسلامية – ، إنتهاكات للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سياق النزاع المسلح الجاري . وقام مقاتلو تنظيم – الدولة الإسلامية- بتهجير آلاف المدنيين قسرا إلى مناطق النزاع الساخنة ، وإستخدامهم كدروع بشرية على نطاق جماعي ، وقتلوا المدنيين الفارين من مناطق القتال بشكل متعمد ، وجندوا ونشروا الجنود الأطفال . وقامت القوات العراقية والكردية والمليشيات شبه العسكرية بإعدام المقاتلين الأسرى ، والفارين من النزاع ، خارج نطاق القضاء ، وتدمير المنازل وغيرها من الممتلكات المدنية . كما قامت القوات العراقية والكردية ، بالإضافة إلى السلطات الحكومية ، بعمليات إعتقال تعسفي وإخفاء قسري وتعذيب المدنيين المشتبه في إنتمائهم إلى تنظيم – الدولة الإسلامية – . وأخضعت المحاكم الأشخاص المشتبه في عضويتهم في تنظيم – الدولة الاسلامية – ، وغيرهم من المشتبه في إرتكابهم جرائم تتعلق بالإرهاب ، لمحاكمات جائرة ، وأصدرت أحكاما بالإعدام على أساس – اعترافات- أنتزعت منهم تحت وطأة التعذيب . وإستمرت عمليات الإعدام بوتيرة مقلقة .

*- خلفية

بحلول كانون الأول ، تمكنت الحكومة العراقية ، والقوات الكردية ، والمليشيات شبه العسكرية ، وقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ، من إستعادة السيطرة على المناطق والمراكز السكانية التي كانت تحت سيطرة تنظيم – الدولة الإسلامية – ، بما فيها شرق الموصل في كانون الثاني ، وغرب الموصل في تموز ، وتلعفر في آب ، والحويجة في تشرين الأول . وبحلول شهر تشرين الثاني ، كان أكثر من (987 ، 648) شخصا في محافظة نينوى قد نزحوا داخليا نتيجة للعملية العسكرية لإستعادة الموصل والمناطق المحيطة بها . ولا يزال أكثر من (3) ملايين شخص نازحين داخليا في جميع أنحاء العراق . وفي 25/ أيلول أجرت حكومة إقليم كردستان إستفتاء حول إستقلال – إقليم كوردستان العراق – ، بالإضافة إلى المناطق المتنازع عليها في العراق ، ومن بينها مناطق في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى . وقد أظهرت النتائج الأولية أن نحو (93%) من الأصوات كانت مؤيدة للإستقلال . وأعلنت الحكومة العراقية أن الإستفتاء غير شرعي وغير دستوري . وعقب الإستفتاء ، تمكنت قوات الحكومة العراقية والقوات المؤيدة للحكومة ، ومن بينها – وحدات الحشد الشعبي – من إستعادة السيطرة على محافظة كركوك بالإضافة إلى مناطق في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى .

*- عمليات القبض والإحتجاز بصورة تعسفية :

أخضع آلاف الرجال والأولاد الذين اعتبروا في سن القتال (65-15) عاما) والذين فروا من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم – الدولة الإسلامية- لعمليات تدقيق أمني من قبل قوات الأمن العراقية ، والقوات الكردية والمليشيات شبه العسكرية في أماكن الإستقبال أو مراكز الإحتجاز المؤقتة . وأحتجز رجال يشتبه في إنتمائهم إلى تنظيم – الدولة الإسلامية- لأيام أو شهور، وغالبا في ظروف قاسية ، أو نقلوا إلى أماكن أخرى . وأعتقلت القوات العراقية ، والقوات الكردية ، والمليشيات شبه العسكرية ، ومنها قوات الحشد الشعبي ، آلاف الأشخاص الآخرين ممن يشتبه في علاقتهم بالإرهاب ، بدون مذكرات قضائية من منازلهم أو عند نقاط التفتيش أو من مخيمات النازحين داخليا .

*- التعذيب والإختفاء القسري :

أخضع الرجال والأولاد المشتبه في كونهم أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية لعمليات الإختفاء القسري– وقطع صلتهم بعائلاتهم وبالعالم الخارجي– في مراكز خاضعة لسيطرة وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين وإقليم كوردستان العراق ، وفي مراكز الإعتقال السرية . وتم إستجواب المعتقلين من قبل ضباط الأمن بدون حضور محامين ، وتعرضوا للتعذيب بشكل معتاد . ومن بين أشكال التعذيب الشائعة : الضرب على الرأس والجسم بالقضبان المعدنية والأسلاك الكهربائية ، والتعليق من اليدين والرجلين في أوضاع مؤلمة ، والصدمات الكهربائية والتهديد باغتصاب الإناث من الأقارب . وكانت الرعاية الطبية التي حصل عليها المعتقلون محدودة للغاية ، إلى حد أن ذلك أدى إلى وقوع وفيات في الحجز وعمليات بتر الأطراف . كما واجهوا ظروفا صعبة ، من بينها الإكتظاظ الشديد ورداءة التهوية ، والإفتقار إلى الحمامات .

*- المحاكمات الجائرة :

ظل نظام العدالة الجنائية في العراق يتسم بالعيوب العميقة . فقد حرم المتهمون، ولاسيما المشتبه في علاقتهم بالإرهاب ، من حقهم في الحصول على الوقت الكافي والتسهيلات الكافية لإعداد الدفاع ، وفي عدم تجريم النفس أو الإعتراف بالذنب ، وأستجواب شهود الإدعاء . وإستمرت المحاكم في قبول الاعترافات التي أنتزعت تحت وطأة التعذيب كأدلة . وحكم بالإعدام على العديد من المتهمين الذين أدينوا إثر محاكمات جائرة ومتعجلة . وفي الفترة من تموز إلى آب ، أصدرت السلطات العراقية مذكرات إعتقال بحق ما لا يقل عن 15 محاميا ، ممن كانوا يدافعون عن أشخاص يشتبه في أنهم أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية ، وإتهمتهم بأنهم أعضاء في التنظيم . وقد أثارت تلك الإعتقالات قلقا عميقا في أوساط المحامين الآخرين ، من أنهم يمكن أن يعتقلوا لمجرد دفاعهم عن المشتبه في أنهم أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية )) . ويستمر التقرير في سرد رصده لحالات ( إنتهاكات الجماعات المسلحة – النزاع المسلح ، إنتهاكات القوات الحكومية وقوات التحالف والمليشيات – الأشخاص النازحون داخليا – النزوح القسري وتدمير الممتلكات – تجارة الأسلحة – حرية التعبير – إقليم كوردستان العراق – الإفلات من العقاب – عقوبة الإعدام ) . وسيبقى الشعب متطلعا إلى عدالة السلطات الجديدة ، عسى أن تبرهن على حرصها في خدمته بعد عناء مرير وعذاب طويل إمتد لعقد ونصف من السنين ؟!.