22 ديسمبر، 2024 1:27 م

واقعية الوهم / الحلم ُ أطول من عمر الإنسان

واقعية الوهم / الحلم ُ أطول من عمر الإنسان

(حفلة الصيد الأخيرة ) رواية وحيد غانم
21/ 10/ 2023
(.. واستعادته ذاكرتهم كحلم/ ص 254 من الرواية)
ما بين القوسين هو منصة هندسة سرد رواية وحيد غانم (حفلة الصيد الأخيرة) وعلى القارئ أن يقرأها وهو مغمض العينين!! وهذا المقترح بالطبع هو الغرابة بعينها. لكنني فعلتُ ذلك بعد كل فصل تنزهت فيه..
(*)
كتابة الرواية : مهنة شاقة حين تكون روائيا حقيقيا . عليك أن تكون غواصا في تاريخ بلادك غير المدوّن، ثم عليك أن تكون صائغا ماهراً لكي تحوّل ما صار في حيازتك إلى سردٍ روائي وهنا المهنة الشاقة الثانية فأنت مطالب بكتابة غير نمطية تختار قارئها النوعي. الموسوم بالتأني أثناء القراءة لكي يقوم بتقطير أحداث وشخوص الرواية في وعاء التلقي لديه..
(*)
تعقبت ْ قراءتي تاريخين : تاريخ الصهيل. وتاريخ الوطن المنتهك دائما
والتاريخان يتمازجان . فعندما فتحت الحكومة نيران بنادقها في وثبة كانون 1948 وكان ضمن الشهداء تلك الفتاة الجنوبية، يخبرنا السارد وهو يستعيد الجريمة البشعة للحكومة الملكية..(موت الفتاة الجنوبية المتظاهرة برصاصة على الجسر، لم تعِرهُ الصحف اهتماما فلم ينتبهوا إلى موتها.. كانت خيولهم أهم من فتاة ساذجة ٍ سكنتها أوهامٌ ثوريّة../ 294) والأمير يعتبر اصطبلات خيوله : حصنه الحصين وضئيل الفارق اللغوي الحصان والحصانة، والاصطبل بمثابة العلاج السريري له فهو (كلّما شعر بالخوف لا ذ باصطبلاته وسوّاسه/ 161) ومن شدة حبهم للحصن يستبشرون بأسمائها ويتسمون بها ويحذفون أسمائهم الشخصية أحدهم كان عنده فرس من نسل العبيّان وهذا النسل من أنسال الخيل الكريمة التي تمتاز بالسرعة (من حبّه له سمّى نفسه باسمه، فصار الناس تناديه عبيّان وكان يغضب لّما أحد يناديه باسمه القديم، اسمه الآدمي، وكان يضرب أمي بعصاه لما تغلط وتناديه جفيّن، وبمرور الوقت نسي الناس اسمه الآدمي القديم/ 230)
(*)
فعل الرؤية / الرؤيا يتكرر هذا الفعل بقصدية لتنبيه القارئ لما يجري. وهذه السطور الستة هي مِن السطور الأولى في الرواية.
(رأوا فرس اليهودية تعدو عبر محلة الكرد حتى تبلغ ضفاف دجلة، فرسا دهماء يطوي زهاءها نورُ الغروب ولا تبين إلا لمعة حجولها البيض / 9)
(رأوا ذياب خميس في أسواق البصرة القديمة، فالرّجل لا يفارق المدن وسيزعم بعضهم رؤيته في مطعم منزوٍ يتناول ماعون رز بالفاصوليا../ 133)
وحين يكون الكلام عن الوصي عبد الإله ستكون الرؤية جماعية أيضا (ليلتها رأوه برفقة سائسه الاسكتلندي وبرهان بيك وبعض الضباط../ 158)
(رأوه يسير حتى حجرة أخته رضيّة للاطمئنان عليها/ 185) المعني هنا هو أحمد الشيخ
(رأوا الأمير يرحل إلى مضاعن بادية السماوة / 216)
(رأوا في أحلامهم فرسا دهماء سلبهُم حسنها، كان ضوء النهار يطويها بنوره والرذاذ يهمي، رأوها تدرب وتنثر ذيلها بينما أحمد الشيخ يلكزها بكعبه لكزاً خفيفاً/ 273)
(تراءت لهم أخيلة سيول ٍ مندفعة ٍ عند تخوم الأرض ورمالٌ ناعمة/ 280)
(رأوا ابن نويران راكباً ذلوله وهو يقود الحصان وبعير الأعرابي/ 311)
(رأوا وجه أحمد الشيخ مسفوعاً، شفّ كالهواء، ولم يعد يجد روحه، إلاّ بلمسة من صايد/ 250
نلاحظ أن الرؤية/ الرؤيا جماعية وليست فردية والحلم جماعيا أيضا (رأوا في أحلامهم فرساً دهماء سلبهم حسنها/ 273).. وهذا يعني أن كائنية الآخر هي التي تتحكم بنفوسهم ومخيلاتهم ومشاعرهم
ويكون تركيز الرؤية/ الرؤيا على شخصية أحمد الشيخ، في النسق الثلاثي البحري في ص166:
رأوا أحمد الشيخ يتابع طائرتيّ بريد عائمتين وسط الشط
ورأوه على ظهر السفينة وهو يسلّم نفسه لبوصلة الخرائط الاستوائية
رأوه يستند بمرفقه إلى حاجز السفينة بعد ليلة ونهار
من جانب ٍ آخر أن واو الجماعة علامة اجتماعية طيبة في لحظة عراقية عم فيها التعايش السلمي بين الطوائف والقوميات (كانوا سبعة أشخاص يهودييّن ومسيحي وأربعة مسلمين أثنان منهما كرديان، تشاجروا بعد أن اختلفوا على اقتسام الربح، بلبلتهم نسبة سابعهم، وحلاً للنزاع اشتركوا بشراء ربعيات عرق مستكي ووجبات باذنجان مقلي وطرشي../ 242)
(*)
الشخصية المحورية هي الخيول والشخصية الموازية لها هي شخصية أحمد الشيخ.. السرد الروائي مزيجا من الميداني والمتخيل والحلم والشخوص بصيغة أطياف ونسيج السرد الروائي يتماهى في نسيج القصيدة المدورة التي برع فيها الشاعر الكبير حسب الشيخ جعفر والرواية لا نهاية لها فهي مدورة تبدأ وتعود للنقطة ذاتها.. تبدأ الرواية بهذا المشهد ( رأوا فرس اليهودية تعدو عبر محلة الكرد.. تذكروا أن ذياب خميس يلتصق بظهرها/ 9) وتنتهي بهذا المشهد (ترجل من العربة ومشى عبر درابين محلة الكرد. رأوا ذياب خميس يظهر في المنعطف وهو يقود فرسا دهماء، ولم يتبين أحمد الشيخ ملامحه إلاّ بعدما اقتربا من بعض وتوقفا/ 331)..
(*)
السرد الروائي يتمازج بين زمنيّ الماضي والمستقبل، فهو حين يتناول الوصي عبد الإله والملك فيصل الثاني نقرأ الكلام التالي :(رأوا الأمير يدخن لافتا ً نظر من حوله إلى فرس خارج السباق) ما بين القوسين يحتوي فعل الرؤية وهو بصيغة الماضي (رأوا) يليه فعل مضارع (يدخن).. ستكون الجملة معنية بمستقبل تدخين الأمير الوصي،(ومن خلال سنوات سترافقه سيجارته كعلامة قلق مما يحيق به/ 264)،ومن المستقبل المسبوق بالماضي نتوقف عند معرفة الضابط دشر لما يجري للأمير الوصي وكيف سيتحول شعورالأمير بالطبيعة الأنثوية الصامتة،
إلى اكتشاف معرفي بعد قرابة ربع قرن من الزمن( الطبيعة الأنثوية التي تحدث عنها علي الوردي في كتاب ٍ عن متحول جنسي لا بد أطلع عليه الدكتور سعد فخري في السبعينات بعد مرور سنوات على موت الأمير../ 265).. ثم ننتقل إلى المستقبل من خلال تخطيطات الصبي ابن اخت الضابط دشر : (رسمة الولد لوجهه كشفته لعيني دشر، مع أنّه لم يفهم تلك التفاصيل في حينها بل أحسها بشكل مبهم إلى وقت أطلع فيه على كتاب علي الوردي فاستعاد إيحاءً لم يفهمه سابقا../ 265) وحين يزداد وزن الوصي بسبب شراهته في الأكل والشرب سيرسمه الصبي (نحيفاً بوجه مثلّث، ورسمه على فرس شهباء أنيقا ً قبعته ُ على رأسه.. بعد سنوات رسم فرسا ضعيفة ً وبرزت زوايا عظام كفليها، امتطاها رجل شيطاني الملامح. كانت رسمة ً حزينة ً لفرس ٍ تحتضر وفارسها/ 266) هذه الرسمة سيفك شفرتها الوصي عبد الإله ويخبر الضابط دشر : (أشعر أن أبن أختك لا يحبنا).. وهنا مفتاح ثان للشفرة من خلال كابوس يتكرر الذي يداهم نوم الوصي: (عاوده في منامه كابوس ٌ رأى فيه أحد موظفي ملحقية السفارة البريطانية يراسل وزارته بما يسيء إليه ويصفه ُ بالضعيف والفاسد والمتردد والمزاجي والقاسي، فكأنه يقرأ أسطر الرسالة السرية، كلمة ً كلمة ، ويمضّه أن تحفظ الرسائل والآراء التي بحقه في أرشيف المستعمرات الأبدي/ 267).. وسرد المستقبل يتداخل مع سرد الراهن حين يجري الكلام عن فرس الدلال أكرم ريحانة التي سحقت ضلوع جاكيها دانيال فيخبرنا السارد (لم يدركوا سحرها النّحس إلاّ فيما بعد، بعد مرور السنين…/ 12) وحين يجري الكلام عن (أصيلة) الفرس الحمدانية، فرس الوصي التي يعشقها وكان الجميع يجّلونها ويشتمون الوصي نفسة، ثم يقفز السارد قفزة واسعة (بعد عقدين من ذلك الزمان كتب َ الدكتور سعد فخري – طبيب الباطنية أحد تلامذة الدكتور محب الخيل سندرس باشا – قائلا إن مصطلحات كالبرجوازية والإقطاع والاستعمار ألهبت حماسهم يومذاك، ولم تفلت مقالته في صحيفة الجمهورية خلال أعوام الستينات من مقص الرقيب. ذاكراً أنهم كانوا طوال أشهر يودّون الالتحاق بأفواج الإنقاذ بفلسطين، إذ تحمسهم رؤية مواكب تشيع الجنود والمتطوعين الصرعى، ويكرهون حاشية الملوك والوزراء المرفهين. عرباتهم الكاديلاك والروز رايس وقصورهم / 14) ومن جهة أخرى فأن العراقيين (تعاطفوا مع الملكة عالية حين التحقت بالهلال الأحمر وخدمت الجرحى وجنود لواء عبد الإله عند سفرها إلى الأردن. وتظاهروا ضد الحكومة في كل مناسبة)
وهناك القفزة السردية الأكبر من راهنية العهد الملكي إلى ما يتجاوز النصف قرن حين يحدثنا السارد عن نجم شقيق مهجة (كانوا يدركون مدى شغفه بركوب الحصن وسيذكره بعضهم في مقالاته بعد ستين عاماً../ 28)

(*)
شبحية الشخوص تنفث ريحها من الصفحات الأولى للرواية حتى الصفحة الأخيرة
(في زوايا عيونهم لاح أحمد عمران الشيخ حاملاً حقيبة بيطرة ٍ صغيرة.. وبعد رحيله رأوا شذرة وجوده مراراً وتخيلوه يعبر الفراغ ويكون شيئا منه، منبعثاً من دواخلهم، مطاردا ً تجتاحه ظلال مخاوفهم التي باتوا بمرور الوقت على يقين ٍ من تكرارها/ 10)
وهنا الصورة السردية المشعرنة غرائبيا والسارد يصف خسارة الوصي في سياق الخيول (لمعت ذكراه وشعت كالحبر في الشمس ثم خفتت، كما لو أن جريدة قرندل الهزلية طبعت بالخطأ على صفحة جريدة الريسز فاختلطت حروفهما وصورهما بقوائم السباقات، وجوه سياسيين كاريكاتورية، وخيول وأرقام لعب متشاركة/ 11) هذه الصورة الغرائبية فيها كل بلاغة التاريخين
تاريخ الصهيل وتاريخ الحكومة. وللأسف ما تزال هذه الصورة اللوكس الخالد لما يجري دائما في العراق, ومثلما تمازجت جريدة قرندل وصفحة جريدة الريسز سيكون هناك تمازج لدى اليهودية سمحة التي كانت بعينيها الفرحتين تبحث عن طيف أحمد الشيخ متخيلة أن محبوبها الصغير يرقبها من بعيد وهنا تجالس صويحباتها في الريسز يخبرنا السارد عن أحمد الشيخ مبأراً لدى سمحة ( ستتذكره فيما بعد عندما تشاهد مراسيم تتويج الملك الشاب تعرض على شاشة التلفاز لتندمج صورتان في خيالها، ثم يعتمهما الرماد لا حقا/ 18) وحين تتساءل قراءتي من هو أحمد الشيخ..؟ يخبرني السارد (لم يتابع دراسته بالطب بعد وفاة أبيه، لكنه بفضل نسبه ومعارف عمه عبد الرحمن الشيخ أرسل لدراسة البيطرة فأمضى عاما في الهند/ 25) وهنا تأتي المعلومة الرجراجة (ولم يحفلوا إن كان بيطريا أم موظفا بلا صفة ٍ واضحة ٍ أم مساعداً لبرهان بيك/ 25) لكن الحسب هو الأقوى (فلم تتبدل نظرتهم إليه إذ تفيئه ظلال بيت الشيخ) لكن استير التي هي سمحة اليهودية السبعينية المتلهفة على أحمد الشيخ كلّفت عشيقها القديم حاييم في السؤال عن أصل أحمد الشيخ (أنهم كادوا أن يكونوا ملوك العراق../ 262) قبل كلام حاييم، كان أحمد الشيخ قد دخل صيدليتها فإذا بسمحة (شمت عطره، فحسبته أحد أفراد الأسرة الملكية يدخل عليها فجأة، وتطلعت خلفه بحثا عن أشباح الحرس ومرافقيه/ 18).. وحين عرفت أن أحمد سيتزوج أهدته حقيبة أنيقة عوضا عن حقيبته المسلوخة الجلد كما أهدته قطعة قماش إنكليزية تكفي لخياطة بذلة,,/ 263) والمسكوت عنه هو : مَن قتل أحمد الشيخ؟ ولماذا؟.. يخبرنا السارد (تذكروا شيئا لم يتفقوا عليه، إذ صادف رحيل أحمد الشيخ يوم الجمعة من شهر حزيران عام 48 أي بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات وانطفائها وبعد خسارة الفرس أصيلة بأيام. هذا كل ما خطر لهم، فلا تأكيد من أحدٍ أو وثيقة رسمية لكنهم أسفوا على التفاهة التي رحل بها، فكأنه لم يعش سوى بضعة أيام في ذاكرتهم وسنينا في خيالاتهم../ 30)..
وتتساءل قراءتي كما تساءل برهان بيك 🙁 مَن سرق حقيبة البيطرة الجلد لحظة موت الشاب ؟/ 237)..بعد أكثر من مئتين صفحة يخبرنا السارد (الشرطة لم تحدد هوية قاتل أحمد الشيخ ولا عشيرتهم امتلكت وسيلة ً لمحاسبة شخص منقطع الجذور لا وجود له وفاضل لم يحفل بالعشيرة ،أو زيارة عمه عبد الرحمن الشيخ. تحريات الشرطة، لم تثمر غير احتمالات وأقاويل.. ولا أحد رأى ذياب خميس يُردي أحمد الشيخ/ 254) هذه التعددية تقابلها تعددية الاحتمالات التالية (ربما رآه طفلٌ أو امرأة ٌ عابرة ٌ ملفوفة ٌ بعباءتها عصرية الجمعة) كأن الحقيقة الوحيدة في (حفلة الصيد الأخيرة) هي التعددية المختلفة فيما بينها
(*)
الصورة السردية الشعرية هي حين يدخل برهان بيك الصيدلية ليشتري شيئا يخفف التهاب بلعومه،يلمح إسحق الصيدلي مشغولا كعادته بإعداد وصفة دواء وكأنهم به لا يعمل شيئا. هذا السرد مألوف لدى القراء لكن الأجمل الصورة الباذخة التالية ( كأنه لا يعمل شيئا، إنما انعكاسه على الزجاج هو من يحضّر الوصفات ويدير عالمها الشفاف/ 19)،والسارد يواصل سرده من خلال عالمها الحلمي، بدت لهم ثمة خلطة جميلة امتزج فيها وجه أحمد الشيخ، وهي تنظر إلى سحنته الخمرية اللطيفة، بروعها ودهشتها، منعكساً على زجاج الرفوف والبوفيهات ونبتة الترياق الأبدية ) العالم الحلمي الذي يكتنف سمحة هو يكتنف جميع شخوص الرواية والحلم في الرواية يتمازج مع التذكر المتضبب (تذكروه عبر بخار الأنفاس ودخان لفائف سجائرهم مثل حلم/ 21) والواقعي ملتبس في الرواية فالشخوص (عرفوا أو تذكروا أو حدسوا/ 18) وكذا الحال حول نهاية مهجة( مهجة الجميلة، ربما دُفنت فيما بعد ولم تبلغ الأربعين في مقبرة الكرخ أو في النجف أو أي تربة ٍ أخرى/ 29) وكذا الحل
كأنهم صور شبحية كلهم(ترى أحمد الشيخ ولا تراه متوجها إلى المشن/ 21) (ظلال قصة ٍ لا معنى لها أو أنها مبهمة أو ربما تعني شيئا ما ككل ما أحاط حياتهم../ 26) هكذا أرادهم السارد ضمن المحتمل والممكن. وحين يريد السارد أن يستعمل تراجعات السرد فهو يبدأ هكذا (ذكّرهم الشعاع المصفّر أنها كانت وحيدة أبيها سليم عبودي..) هنا فعل التذكر جماعي وليس فرديا وكل الامور في الرواية تكون جماعيا وهذه قائمة عينات من أفعال الجمع في الرواية :

رأوا
آنسهم
حدسوا
حسوا
عرفوا
تذكروا
ذكرهم
عشقوا
تبينوا
تعطفوا
تجمهروا
نسوا
استعادوا

(*)
أحمد الشيخ يقتل وتسجّل الجريمة ضد مجهول. العبيان يختفي حين يطاردونهم الفرسان فيركض راجلا ولا يمسكونه وفي آخر الشوط (تركوه بسلامٍ ورحلوا ومن حينها ما رأينا جدّي عبيان/ 241) كما تخبرنا حفيدته.
مأمور الشرطة حسون الدردري يلاقي مصيره (على طريق الحلة، ولم يوجه الاتهام لحمّاد الكعب/ 239) أما برهان بيك فقد عرف رعشة الخوف في أحدى الليالي أثناء عودته من محجة دروشته (في تلك الليلة أربعة رجال يعترضون طريقه لم يكلفوا أنفسهم إخفاء وجوههم. كانوا نسخة ً مكرورة ً من ذياب خميس، ببصيرة أوضح، لم يكن يعنيهم قتله، عليهم أن يزرعوا الخوف في نفسه: سمعت؟ نحرك أبو الخلفوك لو ما سحبت أيدك من اللعب!/ 241)
(*)
البحث موضوعة عريقة في كل أدب وهنا نحن مع شخوص تبحث عن عشبة الخلود العراقية وتضحي بكل شيء من أجل الحصول عليها ويبدو أن الشخوص كلهم يهيمون حباً بالطريق وطريقة الوصول إلى المثال الأعلى في الوجود، بذل القاص والروائي وحيد غانم جهودا عميقة ً في صياغة هذه المنحوتة السردية البصرية العراقية ومنحنا درسا جديدا في الكتابة الروائية
وحيد غانم : حفلة الخيول الأخيرة/ غاف/ ط1/ 2023