26 ديسمبر، 2024 5:20 م

واقعة الطف .. تساؤلات عقلانية

واقعة الطف .. تساؤلات عقلانية

أستهلال : كنت قد تعرضت لواقعة الطف في مقال سابق ، وذلك بشكل عام ( وتسمى أيضا معركة كربلاء ، هي معركة وقعت على ثلاثة أيام وختمت في 10 محرم سنة 61 للهجرة ، وكانت بين الحسين بن علي ، ومعه أهل بيته وأصحابه ، وجيش تابع ليزيد بن معاوية . سبب هذه المعركة هي عدم مبايعة الحسين ليزيد .. ) . في هذا المقال سأسرد ما جاء / وفق بعض المصادر ، حول عدة وعدد جيش يزيد مقارنة بمن حارب مع الحسين وأصحابه ، من ثم سأبين وجهة نظري الشخصية .

الموضوع : 1 . وفق موقع / الكوثر – سأنقل بأختصار ، ما جاء بعدد جيش يزيد بن معاوية / الجيش الأموي { ذكرت بعض المصادر أسماء بعض قادة جيش عمر بن سعد ، وعدد من كانوا تحت أمرته : فذكر أنهم كانوا 22 ألفاً . ونقل الشيخ الصدوق و السيد ابن طاووس رواية عن الإمام الصادق و الإمام السجاد ذكر فيها أن عدد جيش عبيد الله بن زياد كان 30 ألفاً . وذكر المسعودي أنهم كانوا 28 ألفاً . وذكر الطبري الإمامي أنهم كانوا 14 ألفاً. وذكر ابن شهر آشوب أنهم كانوا 35 ألفاً . ولما أن ذكر أسماء القادة منهم فقد أوصل عددهم إلى 25 ألف شخص .وذكر سبط بن الجوزي أنهم كانوا 6 آلاف شخص . وذكر ابن عتبة أنهم كانوا 31 ألفاً . ونُقل أنهم إلى يوم السادس (6) من المحرم كانوا 20 ألفاً . أما الملا حسين الكاشفي فقد ذكر أنهم كانوا 32 ألفاُ ، وذكر في موضع آخر أنهم كانوا 17 ألفاً أيضاً . } . * أما عدد قتلى جيش يزيد .. { وبناءً على بعض الأقوال فإن بعض أصحاب الإمام قتل 225 أو 226 شخصاً . وذكر إبن شهر آشوب أن عدد قتلى جيش ابن سعد أكثر مما ذكره الشيخ الصدوق .. } . 2 . أما أصحاب الحسين – الذين قاتلوا معه ، فوفق موقع / الأئمة الاثنى عشر – أنقل بأختصار التالي { أختلف المؤرخون في عدد أصحاب الامام الحسين يوم عاشوراء على عدة أقوال ، المشهور منها بين المؤرخين انهم 72 . وهي رواية ابي مخنف التي نقلها الطبري واختارها الشيخ المفيد في (الارشاد) والطبرسي في (إعلام الورى) وابن الأثير في (الكامل) والقرماني في (أخبار الدول) وغيرهم كثير فهذه هي الرواية المشهورة . وقد رواها ابو مخنف عن شاهد عيان كان متواجدا في صفوف أصحاب الامام الحسين وهو الضحاك بن عبد الله المشرقي } .. وفي رواية أخرى { أن عددهم كان 60 أو 61 ، حكى الأول الدميري في (حياة الحيوان) ، وحكى المسعودي في (اثبات الوصية) الثاني .. وهناك رواية تبين : أن عددهم كان 100 يزيدون او ينقصون قليلا ، رواه الطبري عن أحد شهود العيان وهو سعد بن عبيدة .. } .
* أما شهداء أصحاب الحسين ، فوفق أقدم المصادر ، أحصى ” الفُضَيل بن الزبير الكوفي الأسدي ” { في كتابه هذا غير الامام الحسين 106 شهيدا يتألفون من 19 هاشميا و الباقي من غير الهواشم ، ولكن يُلاحظ أنه أحصى ضمنهم هانئ بن عروة وسفراء الإمام الأربعة : مسلم بن عقيل وقيس بن المسهّر وعبد الله بن يقطر وسليمان بن رزين الذي ضبطه المصنف بأنه (بن ربيعة) .. وهؤلاء الخمسة الأطايب وإن كانوا قد استشهدوا في سبيل ثورة الامام الحسين ولكن ليس في كربلاء .. فإذا طرحناهم من العدد المذكور يكون المتبقي 101، وإذا أخرجنا الطفل الرضيع أيضا باعتباره لم يكن في عداد الجيش وانما كان ضحية لطغيان جيش السلطة تكون النتيجة 100 مناصر ، بين هاشمي وعام .. } .

التساؤلات : * الواقعة ، حدثت ، والأمر تم ، ونحر رأس الحسين ، وسبي أهل آل محمد بن عبدالله رسول الأسلام ، فالسلطة والحكم لا تفرق في سبيل أهدافها وغاياتها ، من كان أبن بنت محمد ، فاطمة زوجة علي بن أبي طالب ، أبن عم محمد ، أو من كان بدويا من العوام ! . ففي سبيل السلطة تراق الدماء وينحر أكبر رأس ، لذا نحر رأس الحسين ! . * الأشكال هو في الأخبار التي تواترت عن واقعة الطف ، ونذكر بهذا المقام ما قاله ابن خلدون ( ينبغي علينا إعمال العقل في الخبر ) فليس كل ما يتناقل من أخبار صحيحاً أو معقولا ً. وتصديق الأخبار ونشرها دون تمحيص نقص في العقل . * الكارثة الكبرى ، هو أن الأخبار المنقولة عن العدة والعدد لجيش يزيد غير منطقية ، فمنهم من قدر العدد ب 6 ألاف مقاتل كسبط بن الجوزي . ومنهم من قال ست أضعاف ما ذكر بن الجوزي ، كأبن شهر آشوب الذي قال كانوا 35 ألفاً . وهذا دليل على ان أخبار المحدثين بأجمعها غير دقيقة ، بل لا تمت للحقيقة بصلة ، لأن المنطق يقول أن الفرق يكون بمئة أو مئتين أو ثلاث مئات .. ولكن هنا الفرق بعشرات الألاف ، وهذا دليل على عدم موثوقية أخبار المحدثين في نقل الخبر ! . * أما عدد أصحاب الحسين فأن أكثر المراجع تقول 72 مقاتلا / . وهي رواية ابي مخنف التي نقلها الطبري واختارها الشيخ المفيد والطبرسي وابن الأثير والقرماني وغيرهم .. أذن ليس هناك من عدد مؤكد في من حارب مع الحسين . * وفي أي مقارنة بين عدد المحاربين مع الحسين ، وبين عدد الشهداء ، نلحظ مسائل غير منطقية : (أ) عدد الشهداء من آل بيت الرسول وفق الفُضَيل بن الزبير الكوفي الأسدي ، كانوا 19 هاشميا ، والباقي من أصحاب الحسين . ولكن لبيب بيضون ، يبين في كتابه ، موسوعة كربلاء ، الجزء : 2 صفحة : 36 ( أجمعت الروايات على أن عدد القتلى من آل أبي طالب في معركة كربلاء ما عدا الحسين ، يتراوح بين 17 شخصا على الأقل و27 شخصا على الأكثر .. ) . أذن ليس من أتفاق بعدد شهداء آل البيت ، فهل هم : 17 ، 19 أو 27 شخصا . (ب) ولو فرضنا أن العدد الكلي لمن قتل مع الحسين 100 / وفق رواية الفضيل – وذلك لعدم وجود عدد أكيد لعدد القتلى . ونطرح من هذا العدد من قتل من آل البيت / 20 مقاتل كعدد أفتراضي ، فيكون باقي القتلى من صحابة الحسين 80 شخصا . (ج) أيضا كل هذه الحسابات لا تتفق مع من ذكر من أن أصحاب الحسين كانوا 72 مقاتلا – وفق رواية ابي مخنف التي نقلها الطبري . ووفق هذه الحسابات الجدلية ، يكون عدد شهداء الأمام الحسين / 100 ، أكثر من عدد من قاتل معه / 72 ، وهذا الأمر أيضا بعيد كل البعد عن المنطق .

خاتمة : خلاصة الأمر ، أن كل أعداد من شارك أو من قتل في معركة الطف ، هي أرقام تخمينية ، وهذا دليل على أن معظم ما ورد في الموروث الأسلامي من روايات أو أعداد هي غير حقيقية ، بل تخمينية . 1. وفي حال لو أعتمدنا رواية موقع / الأئمة الأثنى عشر ، من أن عدد صحابة الحسين هو 100 مقاتل ، يزيدون او ينقصون قليلا – رواه الطبري عن أحد شهود العيان وهو سعد بن عبيدة ، وأن عدد من قتلوا ، وفق / الفُضَيل بن الزبير الأسدي ، هو 100 مقاتل بين هاشمي وعام .. فهذا يعني أن كل مقاتلي الحسين الذين شاركوا في واقعة الطف قد قتلوا ! . 2 . أيضا من غير المنطق أن يكون جيش يزيد بعشرات الألاف من المقاتلين ، وذلك من أجل مقابلة الحسين وآل هاشم وأصحابه ، الذين يعدون بالعشرات .. هذا أيضا تساؤل ! .. وأعتقد ان جيش يزيد كان مبالغا بعدده ، من قبل المحدثين ! . 3 . المثير في الأمر ، هل يعقل من أن الحسين بن علي ، بكل ثقله الديني ، ونسبه النبوي ، ووضعه القبلي ، أن يتبعه مجرد العشرات من الرجال ! . وأعتقد أن العدد 72 مقاتلا / وحتى لو كانوا 100 مقاتل وفق بعض الروايات ، فأني أرى أن هذا الرقم غير منطقيا ! ، لأن المفروض أن يكون العدد أضعاف هذا الرقم . ألا أذا كان أتباع محمد – في حقبته ، كانوا فقط مسلمين في الظاهر ، وبعد وفاته ، مالوا الى معسكر بني أمية ، تاركين آل محمد وبيت النبوة والأسلام جانبا ! . وهنا يحضرنا ما قاله الفرزدق للحسين بن علي” أَمَّا الْقُلُوبُ فَمَعَكَ ، وَ أَمَّا السُّيُوفُ فَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَ النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ “.

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات