18 ديسمبر، 2024 8:35 م

واشنطن وورقة الحرب… بعد 17 عاما

واشنطن وورقة الحرب… بعد 17 عاما

تزامنا مع مرور سبعة عشر عاما على دخول القوات الأمريكية لبلادنا وقيادتها للتغيير السياسي الذي نعيشه منذ العام 2003، تثار هنا وهناك العديد من المعلومات عن تحرك لإدارة البيت الأبيض يعيد رسم الخارطة السياسية من جديد عن طريق عملية عسكرية تستهدف المطالبين برحيل قوات الرئيس ترامب، من فصائل المقاومة التي تهاجم قواعد القوات الأمريكية المشتركة بالصواريخ، كخطر يهدد وجودها على الرغم بان العديد من تلك الصواريخ لا تصيب أهدافها وتسقط على منازل “الفقراء” أو بين ازقة الأحياء المحيطة بالمنطقة الخضراء.
تتحدث وسائل إعلام اجنبية عن موعد قريب للعملية العسكرية التي تصفها بانه “ضربة” لإعادة التوازن في ميزان القوى السياسية التي تتحكم بالقرارات الداخلية والخارجية وتحديد الحلفاء والأعداء، ولعل تقرير صحيفة نيويورك تايمز الذي سرب معلومات عن توجيه وزارة الدفاع الأمريكية بالتحضير لحملة عسكرية تستهدف ما وصفتهم “بالمليشيات” المدعومة من إيران، لمنح ترامب خيارات الرد على استهداف قواعد جنود بلاده، كما ذكر التقرير، الذي نُقل عن قائد القوات الأمريكية في العراق روبرت وايت، تحذيرات تقول، بان “مثل هكذا قرار قد يكون دمويا ويحتاج لارسال آلاف الجنود إلى العراق، لكن بالمقابل تدفع الدائرة المقربة من ترامب والتي يقودها وزير الخارجية مايك بومبيو بهذا الاتجاه، والتي تظهر واضحة في الرسائل التي يوجهها برمبيو لحكومتنا بين فترة وأخرى ومنها، “بان بلادها ستتخذ إجراءات إضافية وفق الضرورة للدفاع عن نفسها، في حال تعرضت قواتها للهجمات في العراق”.
بالمقابل هناك الكثير من النقاط التي يجب الوقوف عندها لمعرفة نوايا واشنطن، ومنها المناورة العسكرية التي اجرتها القوات الأمريكية في الإمارات على الرغم من وجود قرار سابق لإدارة ترامب بتعطيل جميع المناورات بسبب وباء كورونا، لكن اكثر علامة تثير الاستغراب هي طبيعة الأرض التي شهدت المناورات العسكرية، والتي وصفت بانها مخطط لمدينة شرق اوسطية تضم مساجد ومراقد دينية اشبه ماتكون في تصميمها للعاصمة بغداد أو محافظات كربلاء والنجف، لتأتي بعدها خطوة وزارة الخارجية بسحب جميع الموظفين العاملين بالسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وقنصليتها بمحافظة أربيل، في تحرك لا يختلف كثيرا عن الإجراءات الاستباقية التي تتبعها واشنطن في حال الاستعداد للحرب أو توجيه ضربة عسكرية لإحدى الدول، والتاريخ يحتفظ بالكثير من الشواهد لا مجال لذكرها هنا، سوى ما حصل بداية تسعينيات القرن الماضي، بعد تمسك رئيس النظام السابق صدام حسين بفكرة دخول الكويت.
لكن الغريب في كل هذا بان القوى السياسية وقياداتها لا تتعامل بشكل جدي” مع ما يحصل على الأرض، وتعتبر القضية مجرد ضغوط لتمرير رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، متجاهلة تحذيرات وزارة الدفاع (البنتاغون)، من فوضى سياسية في بعض البلدان يكون سببها وباء كورونا، لكنها تكتفي بالتعليق في الكثير من المواقف بان ما يحصل “مجرد حرب نفسية”ضمن سياسات واشنطن ضد فصائل المقاومة، ولم تكلف نفسها بالتساؤل هو أسباب الانسحاب الكبير لقوات التحالف من جميع قواعدها والتمركز في قاعدتي عين الأسد والحبانية بمحافظة الأنبار فقط، لتكتمل بعدها العملية بوصول منظومة الباتريوت الدفاعية، كما ابلغنا نواب عن محافظة الأنبار بان “تلك الصواريخ وصلت مع قوات إضافية لبعض القواعد”، التي من الممكن ان تتخذها واشنطن مقرا لانطلاق العملية العسكرية المرتقبة، بغض النظر عن شكلها وطريقة التنفيذ.
الخلاصة… ان جميع التحركات التي تجريها امريكا وقواتها لا تبتعد عن وجود مخطط تسعى واشنطن لتنفيذه على اراضينا بعيد العديد من الرسائل التي وجهتها للقوى السياسية، (دبلوماسيا وعسكريا)، لكن يبدو ان ترامب توصل لقناعة لأيمكن التراجع عنها وهي “اعادة الحسابات” بتعامله مع الأطراف العراقية، وخاصة التي ترفض اعتبار ادارته حليفاً استراتيجياً وتتمسك بخيار المواجهة العسكرية…. اخيرا.. السؤال الذي لابد منه… هل سنشهد حربا جديدة لتغيير العملية السياسية، ام ستكتفي واشنطن باغتيال قيادات جديدة من فصائل المقاومة؟،…