تصاعد خطاب البيت الابيض ودعواتها لإيجاد تحالف ضد إيران واللجوء الى المواجهة معها ، وعلى الرغم من وجود حلفاء وعملاء مخلصين له في المنطقة العربية الا انها لم تتمكن من شن حرباً فيها،وهو أمر مفروغ منه لايحتاج كثيراً من الوقوف أو التحليل ، ولكن ما يقوم به ” ترامب” وطاقمه الحكومي الا حركات استعراضية ، وأن ما يجري في سوريا واليمن ما هي الا حرب بالنيابة وأياديها العميلة في المنطقة ، ومع انفتاح الدور الامريكي في المنطقة أصبح عليها لزاماً الرجوع الى الوراء قليلاً وإيجاد البديل في هذه الحرب عبر حلفاء لها في المنطقة ، وإيجاد مصدر تمويل لهذه الحرب وهي السعودية ، والتي امست مصدر تمويل الحروب الامريكية ، والوقود هم العرب انفسهم دون خسارة أي جندي أمريكي مفترض لان حرب إسقاط النظام الصدامي كشفت حجم الخسائر الامريكية في العراق ، لذلك باتت الولايات المتحدة مدركة تماماً أن أفضل خيار لها هو الحرب بالوكالة ، وإيجاد أيادي تقاتل بالنيابة عنها هناك ، والاكتفاء بشعارات التهديد والوعيد والتي هي الاخرى امست الوسيلة التي تحاول فيها واشنطن إبراز عضلاتها وممارسة دور رجل العصابات ” الكابوي ” .
الجانب الايراني هو الآخر ليس جاداً في تهديداته ومواجهة الغرب وواشنطن ، ولكنه في الوقت ذاته يستعد لأي مواجهة محتملة سواءً في سوريا او العراق ، والتي ستكونان ساحة المواجهة المقبلة ، لذلك سعى الجانب الايراني الى تقوية وجدوه وتجذير قوته في هاتين الجبهتين ، عبر الوجود العسكري أو المستشارين العسكريين أو من خلال عقد الاتفاقيات الاقتصادية مع الجانب السوري أو العراقي ، والإعداد لمرحلة جديدة في العلاقات السياسية ، مع وجود البيئة الجاذبة ، كما يبدو الموقف الايراني أقوى من مواقف واشنطن ، وبان نفوذ طهران أكثر تمدداً ، ما يعطي قوة في الحوار الذي يجري بين اطراف الصراع بوساطة روسية ، الى جانب دخول لاعب جديد في ملف الحوارات الدائرة اليوم هو اسرائيل التي تسعى الى إبراز دورها في المنطقة ، وان تكون نداً قوياً لطهران ، فيما يسعى الجانب الامريكي أن تكون هناك مواجهة في المنطقة ولكن بشرط ان تكون بالوكالة عنها ، وان تمارس دور لاعب الاحتياط يدخل عند الضرورة ويقوم بدوره في لعب المنقذ والمسيطر على ساحة الحرب ، كما وفي نفس الوقت تبقى الساحة مفتوحة لكل الاحتمالات مع إدامة هذا الصراع لتبقى المنطقة ملتهبة تحتاج فيها الى المال والسلاح ، فالمال موجود في دول الخليج ولزاماً عليها الدفع أن أرادت الامن والآمان ، والسلاح لدى الغرب ، وهذا ما يجعل خيوط اللعبة كلها بيد البيت الابيض لاغير.
هناك تراجع واضح لدور الولايات المتحدة في المنطقة ، ويعود ذلك لأسباب متعددة منها الاخفاق الكبير الذي منيت به إدارة ترامب في ملف إدارة المنطقة ، وفشلها الذريع في سوريا وعزل الاسد ، عدا عدم قدرتها على الوقوف بوجه الوجود الروسي القوي الذي أستطاع من فرض سيطرته على سوريا بالقوة الى جانب التحالفات الجديدة التي فرضها التحالف ، بالإضافة الى تخلي واشنطن عن العديد من الاتفاقيات مع دول العالم ، وأهمها الاتفاق النووي الايراني ، فضلاً عن خرقها للعديد من قرارات الامم المتحدة والقانون الدولي وأهمها قرار القدس الذي يتعارض ويتناقض مع قرارات الامم المتحدة ، الى جانب المشاكل الداخلية التي تواجه الادارة الامريكية وعدم قدرتها على التعاطي الايجابي مع مشاكلها الداخلية ، ويمكن القول ان التراجع الامريكي يحمل وجهين في آن واحد ، اما يوفر نافذة مفتوحة للحوار في المنطقة ويعطي مجالاً للتحاور بين القوى المتصارعة فيها ، او انه يحمل تصعيداً خطيراً في الايام القادمة .