إن في القصص القرآنية لعبرة ، وعندما ترد هذه القصص ، فان الباري عزوجل لا يردها من باب التسلية ، ولا احسب إن القرآن الكريم هو كتاب تاريخي يسرد حوادث مرت في العصور الماضية، بل وكما ورد “أنه لعبرة لآولي الالباب”، ومن هذه القصص هي اتخاذ قوم موسى العجل ، بعد إن ذهب في رحلته الى الذات المقدسة ، وفي مورد المعاتب فأن نبي الله موسى عليه السلام، يحادث بني اسرائيل ، انه وبعد أن جاءهم الهدى وانجاهم الله من بطش فرعون وقومه، وبعد ان انزل الله عليهم رحمته وايدهم واخدق عليهم الكثير من النعم ، فانهم وبدلا ان يشكروا الله ويسبحوه ، كفروا بانعم الله واتخذوا عجلا له خوار واحاطوه بالحلي الذهبية و “انتخبو” ذلك العجل ليكون لهم ربا وقائدا .
وهنا، لا اريد ان اسرد قصة او تكون مقالتي هي مبحث تفسيري ، لاني لست من ذوي الاختصاص، ولكني اتخذتها منطلقا لطرح افكاري وما تشهده الساحة السياسية العراقية واحاول ان مصداق لاتخاذ “العجل” في اروقة السياسة او ما استطيع ان اطلق عليه “اطفال السياسية”.
وكما اننا حاليا في عالم السببية ، وان لكل شي في الكون يوجد ما يعاكسه، اي ما يعبر عنه “التضاد”، اي “الكذب” ويقابله “الصدق”، “الامانة ” ومضادها “السرقة” وغيرها الكثير، ومن هذه المضادات –استطيع ان اطلق عليها مجازا- اقول من هذه المضادات ما يعرف بـ (الضلال) و يقابلها (الهداية). فكل فرد في الكون يكون تحت احدهما، فأما ان يكون مضل (في كلا المعنيين الفاعل او المفعول به) واما ان يكون هادي او مهتدي. ومن غير المعقول ان يحرز المعنيين، وكما يقال في علم المنطق المضادان لا يجتمعان ولا يفترقا) اي بمعنى ادق، لا يمكن ان يكون هناك ليل ونهار في ذات الوقت والمكان، فاما نور او ظلام.
الواقع العراقي، واخص به السياسي ، وما يعكسه على الواقع الاجتماعي، فان المجتمع العراقي _واخشى ان اكون على صواب- المجتمع يتجه الى محاكاة قوم موسى بأتخاذه العجل بعد ان جاءه الهدى وتبين له الحق واصحاب الباطل، وانا هنا لست اثقف او ادعي الناطقية باسم اي كتلة او حزب سياسي، لانني على يقين ان الجميع يسعى لمصالحه الخاصة، واكاد اقسم انه لا يوجد اي فصيل سياسي متصدي للعملية السياسية يسعى لمصلحة العراق وشعب العراق، ولو كان هناك لما وصل بنا الحال الى وصل اليه، اقول ان المجتمع العراقي وبالرغم من كل المأسي والالام التي المت به، لا يتعض او قل لا ياخذ العبرة من تجارب الامس القريب.
واستطيع القول ان زخرف القول وتزوير الحقائق والسعي الدنيوي والخوف على المناصب من الضياع سوف تؤدي الى ايجاد عجل له خوار في العراق، واسأل الله الرحمة بنا وا لا يجعلنا كقوم موسى او كالذي تهوي به الريح الى مكان سحيق او تتخطفه الطير، ولعمري نفقد الدنيا والاخرة، ونكون مصداق لقوله تعالى اسمه ” قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا” ، وبذا نخسر الاخرة، ونخسر الدنيا، فان تعظيم الشخصيات ووضع هالة حولها يؤدي بها الى التكبر والاستكبار في الارض، وتكون النتيجة الظلم، ونعود ونسأل الله لما سلطت علينا الظالمين ، وكما ورد في احاديث اهل البيت عليهم السلام “مثلما تكونو يولى عليكم” ، وكما صرح القرآن الكريم “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس”.
فلا تتخذوا العجل فيحل عليكم غضب الله، فأن عبيد السلطة والكراسي يجمعون هيكل هذا العجل لكي يبنوا صرحا ، كصرح نمرود …والحليم بالاشارة يفهم.