تزداد حدة الخلافات في منطقة الشرق الأوسط، ويكاد العرب أن يكونوا صورة معبرة عن ذلك من خلال تعاطيهم شديد التوتر مع الأحداث والقضايا المهمة، وصراعاتهم البينية التي أدت ببعضهم للإستعانة بدول غير عربية. سواء كانت إقليمية كإيران وتركيا، أو الأبعد كدول الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية التي تبحث عن تأمين مصالحها الإقتصادية، وفرض هيمنتها ووجودها السياسي والعسكري لتأمين تلك المصالح، مع وجود إسرائيل كدولة صانعة للشر والفرقة والشتات، وعملها على ذلك منذ العام 1948 وحتى اليوم، وهي مستمرة في إجراءات ضم الأراضي، وتشريد الفلسطينيين، وصناعة الفوضى في بلدان الجوار التي تخشى من صحوتها، وإنهاء وجودها.
الخلافات العميقة بين دول المنطقة أتاحت للآخرين التدخل، ونشر الفوضى، وتحييد الشعوب، وإنهاكها بالفقر والإذلال والفساد، والحكم غير الرشيد، وصارت الشعوب ضحية لسكوتها، وضحية لثورتها وإحتجاجها، ولم تعد تجد فرصا كثيرة للحل بإستثناء الإنشغال المستمر بالمشاكل الإقتصادية والحرمان وتضييع الحقوق، وتغييب الكفاءات والقدرات لحساب مجموعات سياسية، ومافيات إقتصادية لاتهتم سوى بجمع الأموال، وحرمان العامة من حقوقهم.
في إطار الصراع المحتدم تجد الدول الكبرى الفرص سانحة للتدخل، وفرض شروطها المسبقة من خلال الحصول على المزيد من الأموال، وتكبيل القرار السياسي المحلي، وبيع الأسلحة، مع مايتبع ذلك من عمليات صيانة، وتوريد قطع غيار، وبناء قواعد عسكرية، ومراكز سيطرة وتجسس وإتصالات، ومايزيد الطين بلة قيام دول عربية بطلب الدعم الخارجي، وتكريس وجود القوات الأجنبية والأمريكية منها بالذات.
ولأن العرب والمسلمين في المنطقة هم أخوة، فقد جاء في الحديث الشريف: وإستعن على أمرك بأخيك. ولكن للضرورات أحكام. فقد جرى ترتيب الكلمات فيه حسب المصلحة، فصار يقال: وإستعن بأمرك على أخيك. اي جواز الإستعانة بأمريكا على حل النزاعات بين الأخوة والجيران، لم نعد نستعين بإخوتنا على أمريكا، بل بأمريكا على إخوتنا.