لم يعد هناك من خيار شعبي غير اعلان الحرب ” السلمية” على الحكومة و النواب و المرجعيات و مجالس القضاء وكل اليافطات التي لم تنتصر لاستقرار العراق و كرامة شعبه، و نعم لتحشيد كل الطاقات والخروج من عنق زجاجة الخوف من حكومة “الويط واط “، المحاصرة بالخنادق الخلفية ، فهي تجيد التبرير و التخوين وتحميل الأخرين فشلها على قاب قوسين أو أدنى من مواكب ” مهيبة” بالعدة والعدد لحماية مسؤول خائف!!
لا يمكن وصف تفجيرات بغداد الا بالمجزرة السياسية، فلا يوجد سياسي بريء ولم يتحمل اي رجل دين مسؤولياته في مسرح يتبادل فيه الممثلون الأدوار رغم انطفاء كاميرة التصوير، شعب ينحر بشكل رهيب وحكومة تفشل حتى في تقديم حصيلة دقيقة للضحايا، فهي تختفي وراء سياج كونكريتي و الشعب ينتظر مجهول فشلها المريب، بينما لم تخرج المرجعيات عن لغة الادانة و التنحذير و كأن بقاء الحال قدرا محتوما، فيما الصحيح أن الايمان بالله قولا و عملا يفرض واجب الوقوف مع الشعب لردع الظلم و نصرة الحق على الباطل.
يقولون بلا قطرة حياء ان هذه التفجيرات كانت متوقعة و لها علاقة مباشرة بتسارع الأحداث في سوريا، دون المرور على تسريبات تتحدث عن غرق باخرة ايرانية محملة بمئات السيارت المفخخة الى العراق من نوع ” سايبا”، و لا يستحوون ايضا من تكرار نفس التبريرات و التخريجات التي حفظها العراقيون عن ظهر قلب فيه من الوجع ما تنوء الجبال بحمله، فيما ” يتمنطق” سياسيون بعبارات تكشف عن جهل بكل شيء غير السلب و النهب و الكذب المزمن.
لن يعقد مجلس النواب جلسة طارئة ولن يستقبل وزيرا ولا شرطيا، ولن تعلن المرجعيات الحرب على الحكومة بتهمة ” الخيانة العظمى” بعد مسلسل طويل وممل بأحداث و تخمينات و تحذيرات لا تغني عن حزن مفتوح ولا تؤسس لمستقبل آمن، فهي تعيش بالماضي و تتحدث عن المستقبل بدون فواصل تاريخية، لذلك من غير المستبعد اتهام حكومة المالكي بالتقاعس عن مسؤولياتها ” الانسانية” في نقل تجربة العراق بمكافحة الارهاب لحماية الشعوب العربية والاسلامية ، و وضعها تحت تصرف حكومات الهند و الصين وجنوب افريقيا، و لمساعدة أمريكا على حفظ أمنها القومي بوجه مخططات الجماعات المسلحة!!
متى تعترف حكومة العراق غير المكتملة النضوج أنها سقطت في الأمتحان الوطني و يجب أن ترحل، بعيدا عن هواجس الحساب و العقاب، ومتى يعرف القائد العام للقوات المسلحة أنه ظلم الشعب بقيادات أمنية لا تجيد قراءة ” منضدة الرمل” و تجهل سياق الأوامر العسكرية و تجتر سيناريوها النصر ” المؤزر” على سطع المريخ، و مع هذا يراهن على عبقريتها ” القيادية “في انهاك الشعب ماديا و معنويا وبعث القنوط في النفوس للاحتفال في غرفة مغلقة على بقايا جثث الضحايا، مثلما هو الحال منذ اشهر و اسابيع!!
لانجد سببا يبرر لرئيس الوزراء نوري المالكي دفاعه ” المستميت” عن بطولات قادة الأمن ” المفقود” غيرنجاحهم في اقناعه بأنهم الأكثر وفاءا و قدرة على التضحية والصمود واعتبار ما غيرهم ” اشد الأعداء” بعد أن رسم ” المزايدون” صورا مشوشة عن الولاءات و القناعات من باب المحافظة على عروش ينظرون اليها من الأسفل، و يتعاملون مع التحديات بملامسة سطح جلد الواقعية ، لأنهم ببساطة أميون في ادارة شؤون البلاد والعباد! و يتناسى المالكي أن قتل المواطن بغاز الخردل لا يختلف عن المفخخة والعبوات الناسفة ، انها جريمة حرب بكل قرائن الادانة!!
و في مرحلة انتقالية دقيقة جدا فان امام شعب العراق فرصة تاريخية لا ستعادة لحمته الوطنية التي جزئها الاحتلال و حكومات اللاوعي المتعاقبة , ذلك من خلال انتفاضة شعبية تغرد خارج المحاصصات و الطوائف و التوافقات، يجمعها شعار واحد ” نحن عراقيون وهم غرباء” مستمدين العزم من تاريخ يزهو بالتضحيات الوطنية الجليلة و مزاج شعب يأنف من ذكر العملاء والمرتشين و السراق، أصحاب الأقدام “المفلطحة” و الجيوب المثقوبة و العقول المجمدة!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]