18 ديسمبر، 2024 10:14 م

هي دي المؤامرة ياماما

هي دي المؤامرة ياماما

أفهم أنك تواجه مؤامرة حين تختبيء السكاكين خلف ظهر الطاعن الذي يريد أن يضع سكينا بصدرك وأنت لاتعلم، وهناك من يخطط ويتآمر مع آخرين لسرقتك، وحين ترتقي المسألة الى موضوع السلطة والدولة قد أفهم حين تقول لي، إن هناك من يخطط لتدمير الدولة، وإسقاط الحكم. ولكن ليس من حقك أن تخلط الأوراق لتضييع الحقوق حين تربط كل حدث بأحداث مضت، وكأنك تعمل مع فريق من العرافين والمشعوذين.

في الحالة العراقية يبدو الأمر مقاربا بالفعل، وصادما، ويفتقد الى الموضوعية من خلال سلوك النخبة الحاكمة التي فشلت في كل شيء تقريبا، وصارت تتعكز على خطايا الماضي لتبرير خطيئات الحاضر، وهذا جلي في العلاقة بين المسؤولين الحاليين في الدولة والشعب الذي يعترض ويتذمر ويشكو من سرقة الخزينة العامة وأمواله من قبل مجموعات فساد محمية ومتسلطة ومتحالفة مع مؤسسات سياسية وقوى نفوذ بعناوين عدة، وكلما هتف الناس ضد الفساد خرج علينا من يقول، إنها مؤامرة (وهابية خليجية صهيونية) وينفذها البعث على أيدي السذج والمتآمرين والنفعيين، وحتى لو وجد شيء من هذا لكنه لايلغي حقائق على الأرض موجودة بالفعل ويعاني منها شعب بأكلمه يصبر ويصبر ولايرى من الامل شيئا.

فإنقطاع الكهرباء وتردي الشبكة الوطنية وتهالكها وعدم إنشاء محطات توليد كافية سببه الفساد والمنافسة غسر الشريفة والرخيصة، وليس نتيجة لمؤامرة خارجية بالضرورة.

وإنقطاع الماء وعدم مد شبكات صرف صحي وتعبيد للطرق في الأحياء الفقيرة سببه مشابه وليس مؤامرة خارجية.

وعدم توفر فرص العمل سببه الإدارة السيئة للموارد والخبرات والقدرات وعدم وجود مسؤولين مؤهلين وغياب فرص الإستثمار نتيجة العقل المتردد والعاجز، وليس مؤامرة خارجية.

كما أن التدمير الذي تتعرض له البنية التحتية سببه المسؤولون الفاسدون وأصحاب الشركات والمقاولون المتواطئون والحرامية واللصوص وليس المؤامرات الخارجية.

بربكم ماهو الموضع الذي يمكن أن نفخر به، لنذهب إليه، أو كما يقول الشاعر العراقي المقتول رحيم المالكي في قصيدته باللهجة العراقية:

ياهو أشرف منك خاطر أشكيله

دليني ياحسنة وباكر أمشيله

لماذا إغماض العين عن الحقيقة المرة التي تعصف بنا حين تركنا بلدنا نهبا للفساد والمرض والحرمان وبعض المؤامرات الخارجية نتيجة الفوضى والإنقسام وطريقة الحكم السيئة التي يتحملها من أسس للحكم الجديد بعد 2003 حين إعتمد نظام الترضية للجميع، وليس تبني المشروع الوطني لبناء دولة مؤسسات، وكان المهم بالنسبة للمجتمعين الأوائل بعد 2003 أن يقسموا العراق الى مقاطعات طائفية وعرقية وسياسية وشخصية، وتركوا المواطن عرضة لتفجيرات القاعدة، وسكاكين داعش، وفساد المفسدين الذين حولونا الى لاهثين خلف سراب نحلم بشارع معبد، وحنفية فيها ما ومصباح فيه نور، وسلسلة من المطالب التي تحولت الى أمنيات مع أنها حقوق طبيعية.

يقول مواطن عراقي ناقم بلهجة بغدادية محببة متسائلا عن سبب الخراب، وعن الأعذار الواهية التي يطلقها المسؤولون:

كل ما تحجي وكالولك ارهاب وتفجيرات وبعثية، بس أريد أعرف موظف الخطوط الجوية غير المنضبط شنو علاقته بالإرهاب؟
موظف الجوازات شنو علاقته بالإرهاب والتفجير؟
موظف الجنسية شنو علاقته بالإرهاب؟
دوائر المرور شنو علاقتها بالإرهاب؟
دوائر الصحة والمستشفيات شنو علاقتها بالإرهاب؟
الإرهاب والبعثية كالولكم عطلوا مصالح الناس؟
الإرهاب والبعثية كالولكم إخذوا رشوة ؟
الإرهاب والبعثية كالولكم سلبوا الناس وذلوها حتين تمشون معاملتهم؟
الإرهاب والبعثية كالولكم بوكوا أموال الدولة ؟

مايجري في العراق ليس مؤامرة خارجية، بل هو فساد كبير وفشل في إدارة الدولة.