23 ديسمبر، 2024 4:21 ص

هيكلة الحشد .. ام هيكلة الدولة .. ؟؟

هيكلة الحشد .. ام هيكلة الدولة .. ؟؟

ضمن الفعاليات العسكرية الحالية ( ارادة النصر ) لمطاردة ذيول داعش .. برز الحديث من جديد عن الوضع القانوني لفصائل الحشد الشعبي .. وما اذا كانت حكومة عادل عبد المهدي جادة لهيكلة الحشد الشعبي .. وجعله تحت سيطرة القائد العام للقوات المسلحة .. كما جاء في القرار الديواني ، خصوصا وان التحرك الاخير لقوات الحشد قد تجاهل التغييرات الاخيرة لإعادة هيكلته ، وضمه الى القوات المسلحة .

ان الحشد الشعبي ..شئنا ام ابينا ، وما له من الامكانات اللوجستية ، اصبح قوة حقيقية ، ساهمت بشكل فعال ، في الحد من تحرك تنظيم داعش ، لكنه كثيرا ما يتحرك بمعزل عن سياسة الحكومة، وعن التوجهات العامة للدولة العراقية .
كما ان الشعبي برموزه ، وتشعباته ، وارتباطاته الخارجية ، وهنا تكمن ( الخطورة ) صار يجسد معنى ( الدولة العميقة ) .. من نفوذ ، وسلطة ، ومال ، واسلحة ثقيلة ، وألوية ، و مقار ، ومصالح ، وعقارات ، وبنوك ، ومؤسسات خدمية ومهنية .. اضافة الى التحكم بالمسار السياسي والاقتصادي وبمصائر المواطنين .
لذا اجد ان استغناء قادة الحشد ، عن جميع هذه الغنائم والمصالح .. ليس امرا سهلا، لانه يعني نهاية دراماتيكية لفصائل الحشد التي ربما ستلجأ ، لاحتواء القرار وإفراغه من محتواه ومضمونه ، بعد الاستقواء بالحرس الثوري الايراني الذي يشرف على بعض من تشكيلاته .. وهنا تتبلور بشكل اقوى فكرة ( الجيش البديل ) كما هي الحال في ايران و لبنان .. وإخضاع المجتمع المدني العراقي للعسكرة المستدامة .. و يعني هذا و ببساطة قتل الروح المدنية ، وابقاء العراق بحالة شلل سياسي واقتصادي ، و خنق جميع مبادرات الاستثمار .. والتخبط في مشاكل اجتماعية لا حصر لها .

اعرف.. ان السيد المهدي عادل بدا ضعيفا ، مرتبكا ، حائرا ، لانه وببساطة كان قد اختير بشكل توافقي .. ولَم يكن الاختيار يتماشى وفقرات الدستور / فلا هو من كتلة كبرى .. ولا هو اصلا كان مرشحا في الانتخابات ..واما لماذا اختير بهذه المرونة السياسية غير المعهودة .. الجواب / لان الاحزاب ( المسلحة ) المتنفذة تحاول ان تختار من هو اضعف منها .. لكي تبقي على نفوذها و مصالحها .
لكن .. السؤال الاهم / اذا كان السيد رئيس الوزراء .. لا يستند الى قوة داخلية ( كتلة كبيرة ) .. ولا قوة خارجية ( ايران وامريكا ) فمن اين نزلت عليه هذه القدرة الغريبة العجيبة . ليصدر قراره الصاعق الماحق .. بتصفية نفوذ الحشد الشعبي الذي جاء به الى سدة الحكم ..؟

اغلب الظن .. ان هناك ارادة امريكية ملحة وقوية .. باخلاء الساحة العراقية من النفوذ الايراني .. على اعتبار ان مسؤولية واشنطن باحتلال العراق مازالت سارية المفعول ، يعززها الإطار الاستراتيجي للاتفاقية الامنية لحماية العراق من التدخلات الاخرى .. مقابل ان يبقى العراق المنفذ الوحيد لايران على المستوى الاقتصادي / تماما كما كان الاردن منفذا وحيدا للعراق في زمن الحصار الامريكي الظالم على العراق .

من نتائج الامر الديواني ..ان التيار الصدري سارع ورحب بالقرار الحكومي وعلى لسان السيد مقتدى الصدر .. وتبعة الشيخ قيس الخزعلي لكن الشيخ اعترض على ( الحل والدمج ) ثم تبعه السيد عمار الحكيم مؤيدا لحصر السلاح بيد الدولة .. في حين اصدرت ( كتائب حزب الله ) بيانها وهي غير مقتنعة تماما بقرار رئيس الوزراء .. اما صقور الحشد / هادي العامري وابو مهدي المهندس / فما زالا في حيرة من أمرهما .

خلاصة القول / ان السيد عادل عبد المهدي ، يعرف جيدا صعوبة تطبيق وتنفيذ قراره هذا ، والذي جاء متاخرا جدا .. لكنه نجح ( اعلاميا ) في تغيير الصورة النمطية عنه كشخصية ضعيفة لاتصلح لإدارة الدولة .. ونجح ايضا في تصدير الازمة المستمرة ، بين الحكومة والحشد ، ونقلها الى الراي العام العراقي ، لانه يعي ان خطواته في التنفيذ ليست سهلة ابدا .. وكانه يقول : لقد فعلت ما استطيع فعله .. وعليكم الباقي .

والى ان ينتهي شهر تموز الجاري .. سنرى ما اذا كان قرار ضم الحشد للقوات المسلحة كان قرارا
جديا ، ينهي سطوة الحشد الشعبي على الحكومة والمجتمع ، ويلغي امتيازات قادته ..ام انه استخفاف سياسي جديد ، وذر الرماد في العيون .. وارى ان الالتفاف على القرار وافراغه من مضمونه.. سيكون الجواب الوحيد لايران على الامر الديواني .. واعتقد ان الحديث عن تغيير جذري في السياسات الداخلية ازاء ايران سابق لاوانه .. ما لم يحدث شيئا ما داخل ايران نفسها ، يحد من نفوذها في العراق ، وبشكل كامل .