ان ما نص عليه الدستور العراقي حول حقوق المرأة في الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات واضح ولالبس فيه ،إلاّ أن ماحصل مع الناشطة المدنية والسياسية هيفاء الامين في مدينتها الناصرية من قبل بعض الأحزاب الدينية لايمت للدستور بصلة، وماجرى عليها ينسف كل ماحصلت عليه المرأة العراقية بعد التغيير.
فهذه المرأة هي في مدينة الثقافة والعلم والإبداع، ونحن ندين كل ماتعرضت له من مضايقات وتهديد بالقتل بسبب عدم تحجبها! ولابد من تناول هذه القضية بالبحث المبسط لقضية هيفاء الأمين التي نعتبرها استهدافاً سياسياً بامتياز، ولم يكن استهدافاً دينياً. ونحن نعرف ذلك ولكن نريد أن نوضح للرأي العام هذا الأمر.
ان ماحصل مع هذه الناشطة لم يكن بسبب كونها غير محجبة بل حدث كل ذلك لاسباب سياسية لاعلاقة لها بالدين، فهي امرأة سياسية تنتمي لكتلة سياسية رشحت في الانتخابات البرلمانية السابقة وحصلت على 16 ألف صوت، أي أعلى من أصوات رئيس وزرائنا الحالي بثلاث مرات علماً ان السيد رئيس الوزراء مرشح عن بغداد وأن نفوس ساكني بغداد أربعة أضعاف نفوس الناصرية، ولكنها لم تفز بسبب النظام الانتخابي وعدم وجود مالكي في قائمتها (التحالف المدني) حيث لم تستطع القائمة من عبور الرقم المطلوب في تلك المحافظة، وهذه المرأة بعد الإنتخابات استمرت في نشاطها الانساني والاجتماعي المدني، مما أكسبها شعبية كبيرة في المحافظة أرهبت منافسيها من الكتل السياسية الدينية في المحافظة، ويحاولون إبعادها عن الساحة لأنهم يتوقعون أن تحصد قائمتها أصواتاً كثيرة بسبب شعبيتها المتصاعدة . لهذه الأسباب فنحن ندين هذا الاستهداف السياسي الهمجي وغير الديموقراطي، وغير الدستوري، علماً انهم لايحترمون الدستور الذي أعطى للمرأة العراقية كامل حقوقها، ومنها حريتها ومساواتها مع باقي أفراد المجتمع رجالاً ونساءً .
ولمناقشة الأمر من وجهة نظر دينية ثقافية اجتماعية، حول حجاب المرأة وعفتها نقول:ان الرجل عندما يرى لأول مرة امرأة جميلة الشكل والقوام سواء كانت محجبة أو غير محجبة، أكيد ستثير هذه الرؤية غرائزه الجنسية، ولكن عندما يتقرب منها فكرياً واجتماعياً ستكون مسألة الجمال في الشكل والقوام الى الخلف ويبرز أمران لاثالث لهما: أولاً في حال كانت تلك المرأة على درجة عالية من الثقافة، وطريقتها في الحديث وعفتها، عندها سيكون الرجل متعلقاً بهذه المواصفات لترتقي باعلى درجة من مواصفات شكل المرأة وقوامها، ومهما يكون نوع العلاقة، أكيد ستكون محترمة، وتصب في مصلحة المجتمع بشكل عام، والحالة الثانية هو أن يتقرب الرجل من نفس المرأة ولا تكون حاملة من الثقافة والحديث والعفة، وهنا ستكون هذه المرأة ومواصفاتها الجمالية الشكلية ظاهرياً غير جاذبة وغير مهمة لمن تقرب منها، هاتان الحالتان نفترضهما حصلتا مع امرأة بشكل عام تحترم نفسها، وهنا وفي كلتا الحالتين لم يكن للشكل العام أي تأثير في الرجل سواء كانت المرأة محجبة أي تضع الفوطة على رأسها، أولا تضعها، وفي مجتمنا الكثير من هاذين الصنفين.
والعجيب والغريب أن يتم تناول قضية الجذب للمرأة من خلال قضية الحجاب، فأكثر ـ وربما الأغلب الأعم ـ من الكتاب والشعراء والفلاسفة لايتناول قضية شعر المرأة كمنطقة تثير الشهوة الجنسية في الرجل، لأنه وحسب قول صديقي لأن الشعر قضية جامدة، ولكن التغزل يكون في العيون وألوانها وحركاتها، والفم وأشكاله وتخريجاته للكلمات! ومن هنا نقول لمن حارب الناشطة المدنية هيفاء الامين وهددها بالقتل في حال بقائها غير محجبة، هل سنراكم ترشون التيزاب على العيون الجميلة وغير الطبيعية؟! وهل ستحرقون الفم العسل الجميل؟! لأنهما يثيران الغرائز الحيوانية لبعض الرجال؟! ان حدث ذلك لاسامح الله فلماذا نقاتل الدواعش ونموت ؟!