يبدو ان ( اللعب ) اصبح على المكشوف و لم يعد مخفيآ و صار ( اللأعبين ) يعلنون عن انفسهم بوضوح و بدون مواربة او خشية او حتى قليل من الحياء من احد حين اعلنت الفصائل القوية و المؤثرة من تلك التي تنضوي تحت يافطة الحشد الشعبي في عدم الأنضمام في صفوف القوات المسلحة العراقية و اعلنت في ذلك انهم ينفذون الأوامر التي تأتي من ( الولي الفقيه ) في ايران و عدم الألتزام بالتعليمات و الأوامر التي تصدر عن القيادة العسكرية العراقية لا بل ذهبت ابعد من ذلك حين صرح العديد من قادة تلك الميليشيات ان أي اعتداء على ايران سوف يعتبر اعتداء على العراق و سوف تنبري تلك الميليشيات في الأنخراط في تلك الحرب المحتملة بين ايران و امريكا و توريط العراق و شعبه في محرقة حرب جديدة .
كما تشكلت فصائل الحشد الشعبي بتلك الفتوى الشهيرة كما يدعون و يتبجحون عن المرجعية الشيعية في النجف حين داهم ( داعش ) العراق و احتل ثلث مساحته في ظل حكومة اسلامية يقودها ( حزب الدعوة ) و التي عجزت تلك الحكومة عن حماية البلاد و المواطنيين فكان ان انبرى فئات من الشعب و من مختلف المكونات و الأطياف لحمل السلاح و الدفاع عن الوطن و المواطن و كانت تلك الفتوى بمثابة الأستدعاء للتعبئة واعلان النفير العام و كانت تلك الجموع المقاتلة الرديف القوي و السند الصلب للقوات المسلحة العراقية بكافة صنوفها في المعارك التي أدت الى هزيمة ( داعش ) عسكريآ و القضاء على دولته و انهاء تواجده الثابت على الأراضي العراقية .
اذا كان ذلك الخطر الداهم ( داعش ) الذي ادى الى انبثاق و تشكل فصائل ( الحشد الشعبي ) كما يدعون على الرغم من ان فصائل مسلحة عديدة كانت متواجدة و بكامل عتادها و عدتها على ألأرض العراقية فكان هناك ( جيش المهدي ) و ( عصائب اهل الحق ) و غيرها من المسميات فأن السبب ذلك الذي كان الحشد الشعبي قد تكون لأجله قد زال و انتهى حين اعلنت الحكومة العراقية وقتها و احتفلت بالنصر النهائي على الأرهاب و القضاء على دولته و على ذلك فلم يعد هناك من ضرورة في بقاء تلك الفصائل مستنفرة في معسكراتها ولم يتم تسريحها و اعادتها الى الحياة المدنية او التحاقها بصنوف القوات المسلحة الا اذا كانت هناك اهداف اخرى مرسومة لها و عليها تنفيذ تلك ألأهداف لاحقآ .
لقد اصبحت هذه الفصائل المسلحة ( الحشد الشعبي ) خنجرآ في خاصرة الدولة العراقي و صار قادتها هم من يديرون شؤون الدولة و يتحكمون بمفاصلها فهم يملكون المال و السلاح في وضع حكومة هزيلة ضعيفة يقودها رئيس وزراء قليل الخبرة السياسية و ليس ذو أرادة قوية و تصميم حاسم في انفاذ البرنامج الحكومي كما ادعى حين توليه المنصب و هو كأسلافه من الحكام الأسلاميين الذين تعاقبوا على حكم ( خراب ) العراق كان الظفر بالمنصب هو الهدف الذي يجب التمكن منه و الأستحواذ عليه لما يدره من المنافع و المكاسب و عندها فليس في اذهانهم او في نمط تفكيرهم شيئآ اسمه الوطن او المواطن .
لا تستقيم اركان الدولة و تثبت هيبتها و هناك قوات مسلحة او فصائل عسكرية لا تأتمر بأوامر القيادة العسكرية الحكومية و لا تنصاع او تذعن لها فهي بالتالي قوات خارجة على القانون حتمآ حين اقر بذلك قادتها و المشرفين عليها في الخروج على اوامر و توجيهات الحكومة المركزية العراقية و عدم الألتزام بها ما جعل من ذلك السلاح منفلتآ و غير منضبط و من الخطورة في الأستخدام الكيفي و العشوائي بمعزل عن القيادة العسكرية المركزية اما و الحكومة العراقية الحالية فليس بمقدورها ان تعيد ترتيب البيت العراقي المنفلت من الداخل و عليها ان تتنحى جانبآ و تفسح المجال امام حكومة قوية و مقتدرة تستطيع ان تلجم الميليشيات الخارجة على القانون و تجردها من سلاحها و تغلق معسكراتها و مقراتها و من تمرد و رفض تنفيذ تلك ألأوامر و التعليمات الزج به امام المحاكم العسكرية و كذلك الزام الجانب الأمريكي تنفيذ التزاماته و تعهداته وفق الأتفاقيات الموقعة بين العراق و امريكا في حماية الأراضي و الأجواء العراقية من أي اختراق معادي و دعوة ( ايران ) و بشكل علني و مباشر بعدم التدخل بالشأن العراقي و ترك العراق و العراقيين المثخنيين بالجراح و الألأم يلعقون جراحهم و يلملمون ما تبقى لهم من شتات ذلك الوطن الذي مزقته حروب و نزاعات ذوي القربى .