22 ديسمبر، 2024 2:39 م

هيبة الامم الموحدة

هيبة الامم الموحدة

في ميادين السياسة الدولية عادة تقيم الدول علاقاتها على اساس وجود الدولة ذات الامة الواحدة – One-Nation State او على اساس الكتل الكبرى كالاتحاد الاوربي (EU ). والدولة ذات الامة الواحدة مصطلح افتراضي يعني دولة غالبية نفوسها من قومية واحدة وفيها اقليات كما هو الحال مع فرنسا مثلا او المانيا . وهذا هو الحال ايضا في دول تقع بعض من اراضيها ضمن القارةالاوروبية مثل تركيا وروسيا. وهناك دول في اسيا بقيت ذات امة واحد رغم اتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الاول كاليابان وغيرها من دول اسيا
وعادة الدولة ذات الامة الواحدة تكون مهابة ومحترمة وتخشى الدول الاخرى التجاوز عليها وعدم اثارتها كما ان هذه الدول بدأت بتعظيم قوتها ونفوذها وتطوير صناعتها وزراعتها واصبح لها شأن في العلاقات الدولية وغالبتها تعمل بنظام سياسي فيدرالي(Federal states) وتشهد في غالب الاحيان استقرارا سياسيا واخذت تجذب الاستثمارات الخارجية(Foreign Investment ) كتركيا والبرازيل وجنوب افريقيا.
فمثلا حصلت بريطانيا العظمى على جزبرة هونك كونك سنة 1842 بموجب معاهدة ناننغ (Nanking Treaty) في نهاية حربها الاولى مع الصين ولكن وعدت بارجاعها فى 1997 ولكن هونك كونك بنظام سياسي واقتصادي مختلفة عما هو في الصين ( One State With Two Systems ) . ووفيت بريطانيا بوعدها خشية اثارة دولة متعاظمة النفوذ مثل الصين.
وفي الحرب العالمية الاولى اتهمت تركيا بارتكاب مجازر بشعة (Genocide )كما تقول التقارير ضد الارمن ولكن تنفيها تركيا بقوة واصبح لتركيا الان مقومات القوة والتأثير تجعلها مهابة ومحترمة من قبل الدول الكبرى مما يجعل هذه الدول التغاضي عن تركيا وعدم التطرق لهذا الامر في المحافل الدولية.
وفي الالفية الثالثة قامت روسيا الاتحادية بضم القرم( Crimea) دون اكتراث للدول الكبرى مدعية انها جزء من الدولة الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق ولكن في الواقع قامت بذلك لاهميتها البحرية والحربية بالرغم من ادعاءات اوكرانيا بانها جزء من اراضيها.
هذه الامثلة وغيرها تثبت ان الدول ذات الامة الوحدة تكون عادة مهابة محترمة ضمن حدودها وغير مقسمة او مجزئة معززة بقدراتها الذاتية على التطور والتقدم كما ان قوتها وتاثيرها في تعاظم مستمر يجعلها في مأمن من تاثيرات الدول الاقوى في عالم احادي القطب (Unipolar )
وتثبت ايضا ان الدول ذات الامة الواحدة المتجزئة والمقسمة كالعرب لاتحظى بنفس الاحترام والتقدير لانها ضعيفة وضعفها ناتج عن طبيعة نفسية الفردالميال الى المصالح الذاتية والانانية والنرجسية وقصر النظر. لو كان العرب دولة قوية كتركيا او روسيا لما تجرات اي دولة مهما كانت قوتها ونفوذها باملاء اشتراطاتها عليهم متفرقين.
قد يقول البعض ان تقسيم المغانم بعد الحروب هو الذي فرض هذا الواقع واضعف قدرة العرب على الوحدة ونقول لهذا البعض ما رايكم بتوحيد المانيا. الم يتكاتف الالمان ويصنعوا المانيا من جديد؟ ما سبب عدم قدرتنا كعرب بعد رحيل المستعمر على الاقل توحيد الكلمة وصناعة الدولة العربية (ِArabia ) ليس على غرار ما كانت تنادي به الانظمة العسكرية الديكتاتورية المخادعة المدعية بالوطنية.
خلاصة الكلام سادتي الامم المجزئة او المتجزئة مهما كان سبب التجزئة تبقى عاجزة ولا تجرؤ على المطالبة بادنى حقوقها اننا امة غتالبيتها من العرب نميل الى التجاهل والتجهيل ونتلذذ بالخلافات والاختلافات ونتهم باننا اعداء الوفاق والتسوية العادلة. ونتعاون مع غيرنا ضد بعضنا البعض وفعل ما فعل بنا بلفور حيث وهب الامير ما لايملك وحدثت ام الكوارث (The mother of All Crises) وضحكت علينا الامم وصدق الشاعر الكبير المتنبي عندما قال:
أغاية الدين ان تحفوا شواربكم يا امة ضحكت من جهلها الامم

بروفسورسابق في الترجمة الاعلامية في جامعة عجمان\الامارات العربية المتحدة