تعتبر هيئة النزاهية من الهيائات المشكلة حديثا لمكافحة افة الفساد الاداري بقانون رقم 30 لسنة 2011 وجاء في ديباجة القانون المادة( 3)” تعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته، واعتماد الشفافية في إدارة شؤون الحكم على جميع المستويات” . وبذلك تعتبر هيئة النزاهة جهة متخصصة لمكافحة الفساد الاداري الذي لم يعرفة القانون بشكل وافي وسنعرج على هذا الموضوع في مقالة لاحقة . اما الان وفي هذة المقال سنحلل الية عمل هيئة النزاهة من مفهوم اداري ومدى جدوى هيئة النزاهة في منع الفساد الاداري .
تعتمد هيئة النزاهة على الية عمل قضائية بحتة , حيث انها تتلقى شكوى من جهة معينة قد تكون دائرة حكومية او مواطن عادي ضد اشخاص او موسسات حكومية او غير حكومية قد تلقوا رشاوي او قاموا بعمليات اختلاس محترفة لتقوم هي بدورها التحقيقي والقضائي في كشف الحادث وتحويل المتهمين الى القضاء . من هنا نلاحظ ان سياق عمل الهيئة يأتي بعد حدوث عملية الفساد الاداري اي ان الفساد قد وقع والمجرمون قد استلموا المبالغ وقامو بتحويلها الى المصارف او ربما خارج البلد خصوصا اذا اعتبرنا ان معظم عمليات الفساد تقودها احزاب ولها مافيات فساد ومؤسسات تهرب اموال محترفة . ان الالية الوحيدة للهيئة وكما هو منصوص في قانونها والدوائر الملحقة بها بعد تسأسها وتحديثا هي الية قضائية تعتمد على حدوث جرم معين يتم الابلاغ عنة ولا وجود لسياق اداري محترف لمواجهة تلك المافيات المتخصصة وتمنعها بطرية ادارية محترفة وفقا لنظريات الادارة الحديثة التي تمنع حدوث اي نوع من انواع الفساد الاداري كما هو موجود في بقية دول العالم حيث اننا لم نسمع ولم نرى عن هيئة نزاهة في اي دولة من دول العالم ولا تنظيم اداري يشبهة عمل هيئة النزاهة في العراق . ومن هنا يتضح ان هذا التنظيم الاداري هو بالضبط مايتمناة كل فاسد حيث جعل الباب مفتوحا للفساد وفي وضح النهار وبدون اي عراقيل وهي كارثة ادارية بكل المقايس حيث يستطيع الفاسد ان يسرح ويمرح ويتمم جريمتة ثم بعد ذلك يهرب فيما اذا لو تم الابلاغ علية وهذا مايتمناه اي مجرم خصوصا بعد ان تم اهمال الاجهزة الرقابية وعدم تفعيلها كديوان الرقابة المالية والجهاز المكرزي للسيطرة النوعية.
السؤال الذي يطرح نفسة كيف ظهرت هذة الهيئة في العراق التي تعتبر حماية للمفسدين في جنة الفساد على الارض العراق , ان هذة الهيئة ظهرت بعد ان تم الغاء تفعيل ديوان الرقابة المالية والموسسات الرقابية بعد عام 2003 بايعاز من بريمر الحاكم المدني للعراق بحجة انها تمثل عراقيل ادارية لاي مشروع يراد تنفيذة واتهموها بالروتينة . فبدئت منذلك الوقت عمليات السرقة المنظمة حتى اصبحت المشاريع الوهمية تمثل 60 بالمية من ميزانية الدولة مما اثار ضجة على مستوى الشارع لعدة سنين , فاخذ المفسدون استغلال هذة الفجوة وبدؤا بعمليات سرقة منظمة حيث لاحسيب ولارقيب فالمشروع الذي يكلف مليون دولار يمكن تنفيذة بعشرة ملاين دولار لا بل بعشرين مليون دولار بعد غياب دور الرقابة المالية فالموضوع اداري بحت
حيث ان ديوان الرقابة يمتلك سياق عمل اداري محسوب بدقة يعتمد على الية حساب الاسعار السائدة ولمختلف المنتجات والمشاريع بمساعدة اخصائين من مختلف الشرائح بنظام عمل كان في وقتها يعتبر بطيء نوعا ما حيث ان تكنلوجيا الاتصالات كانت حديثة وديوان الرقابة المالية لم يتمكن من تطويرها بسبب اهمال دورة من قبل الحكومة انذاك فبقى الحبل على الجرار حتى تعالت الاصوات الجماهيرية من هنا وهناك وفي حركة لا اعرف ان كانت مدروسة من قبل مافيات الفساد او غباء من الحكومة ظهرت هيئة النزاهة لتكون تنظيم اداري مهمته القضاء على الفساد . فان كانت هذة الحركة مدروسة فاني اعتبر من وضع قانون هيئة النزاهة هو ابليس شخصيا لانها من مفاهيم ادارية تحمي الفاسد وتعطية وقتا كافيا جدا لتهريب اموالة والهرب معها اما ان كانت غير مدروسة فهي مثل لاغبى هيئة كان هدفها حماية البلد من الفساد ويتضح معها سطحية المشرع العراقي وسطحية الاداري الحكومي العراقي حيث ان مثل هذة الهيئة يمكن اختزالها بالقسم القانوني في ديوان الرقابة المالية او في قسم مكافحة الجريمة الاقتصادية في وزارة الداخلية او توسيع صلاحيات ديوان الرقابة المالية لتكون قضائية ايضا من خلال استقدام قضاة الى ديوان الرقابة المالية .
من خلال هذا يتضح ان هيئة النزاهة جسم اداري غير قادر على تحقيق الهدف الا وهو منع الفساد بكل اشكالة بل هو فعليا يحمي المفسدين بكل اشكالهم ولتدعيم هذة الفكرة اليكم مثال عملي يحدث في الموسسات العراقية فافرض نفسك رئيسا للمشتريات في دائرة حكومة وطلب منك شراء حاسبات , فانك تذهب الاسواق المحلية وتجلب ثلاث عروض او اكثر وتشتري العرض الاقل ولنفرض ان اسعر الحاسبة في الاسواق 1000 دولار امريكي فانك ان جلبت ثلاثة عروض وكانت قيمة اقل عرض ثلاثة الاف دولار فان العرض الاقل هو الذي سينفذ بثلاثة الاف دولار وبهذا فان رئيس اللجنة قد سرق الفي دولار بطريقة قانونية وحسب الضوابط المعول بها حاليا في دوائر الحكومة , لكن لو كان دور الرقابة المالية مفعل وكما كان قبل سنة 2003 فانك عندما تجلب العروض وكان اقل عرض بثلاثة الاف دولار فان مدير الرقابة المالية في الموسسة يراجع اخر التحديثات المرسلة الية من ديوان الرقابة المالية والمتضمن اسعار الحاسبات ونوعيتها في السوق العراقية وحينها يكتشف ان سعر الحاسبة هو الف دولار فيطلب من رئيس لجنة المشتريات بجلب هذة الحاسبة وتقديم عروض جديدة بمبلغ الف دولار مع هامش ايجابي اوسلبي بخمسة بالمية فقط من قيمة الحاسبة وبذلك نكون قد منعنا حدوث اي فساد وحمينا الجميع من الوقوع في هذة المخاطر . ان السلبية الوحيدة التي كانت تأخذ على ديوان الرقابة هو التاخير حيث كانت بعض المنتجات جديدة وغير موجودة في الاسواق فيتوجب البحث عليها من خلال المراسلات مع الشركات المتخصصة وحيث ان تكنولجيا المعومات والاتصالات في وقتها لم تكن بتلك الكفاءة الان فكان التاخير ابرز مايميز عمل ديوان الرقابة المالية . من هنا اود ان اقول ان مكافحة الفساد اداريا مهمة سهلة جداا وفق نظريات الادارة الحديثة والموضوع برمتة يحتاج الى ارادة سياسية من الاحزاب الحاكمة للدولة فقط ولكم فائق الشكر والتقدير .