23 نوفمبر، 2024 2:42 ص
Search
Close this search box.

 هيئة التعليم التقني .. 47 عاما على التأسيس   

 هيئة التعليم التقني .. 47 عاما على التأسيس   

تحتفل  هيئة التعليم التقني اليوم ( الاثنين 28 / 3 / 2016 )  بعيد تأسيسها ال47 ، والتعليم التقني واحدا من الأنماط التعليمية التي تتبعها الدول لسد الفجوة بين المتخصصين والحرفيين ، فالمتخصص هو أكاديمي يتم تخريجه من كليات في جامعات تهتم بالجوانب النظرية والأكاديمية أكثر من الجوانب التطبيقية ، والحرفيون هم فئة العاملين الذين لديهم القدرات والمهارات على انجاز الأعمال اعتمادا على خبراتهم وتجاربهم التي اكتسبوها بطرق شتى ، منها من خلال ولوج الثانويات المهنية أو التدريب أثناء العمل أو من خلال المحاولة والخطأ أو بالتلمذة الصناعية أو الزراعية أو غيرها كأن ينشأ الفرد عاملا ثم يتدرج بالمهارة لمستويات أعلى  بطرق أخرى ، أما التقنيون فهم من فئة المتخرجين من المعاهد والكليات التقنية التي تجمع بين النظرية والتطبيق على وفق التقانات السائدة عالميا وتركز على الجانب التطبيقي ليكون المتخرج متمكنا لمواجهة مختلف الصعوبات في حقول العمل وقادرا على حل المشكلات بطريقة علمية وعملية ، وبشكل يجعل الطلب عليه مرتفعا لان لديه قابليات أخرى وهي التقريب بين المعلومات النظرية وأساليب تطبيقها أثناء ممارسة الأعمال وبشكل يقلل أو يلغي الفجوة بين المتخصصين والماهرين والحرفيين ، وتعد هيئة التعليم التقني الجهة ذات الاختصاص في مجال إعداد الأطر التقنية بمختلف المستويات ، وقد تأسست للمرة الأولى عام 1969 واستطاعت استيعاب أعداد كبيرة جدا من خريجي الثانويات والاعداديات المهنية وخريجي الفروع العلمية والأدبية ، فالكليات والمعاهد التقنية التي وصل عددها اليوم إلى 46 قامت بقبول حوالي ثلث مدخلات التعليم الجامعي الحكومي سنويا ، لذا فان خريجي التعليم التقني بمستويات الدبلوم التقني والبكالوريوس والدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه يشكلون حاليا نسبة مهمة من مجموع العاملين في أسواق العمل بمختلف القطاعات ، وقد عانت الهيئة العديم من الازمات الكبيرة سواء في مجال نقص التخصيصات المالية أو تعرضها للتدمير خلال وبعد الحروب والحصارات التي شهدها العراق ، والسر الذي يقف وراء استمرار عمل التعليم التقني والإصرار على رفع معدلات أدائه رغم النكبات التي مرت به هو إيمان العاملين به بهذا النمط من التعليم ، فاغلبهم ترعرعوا وتدرجوا فيه وزاد انتمائهم وولائهم له ، فعمر الهيئة الذي يمتد إلى 47 عام قد شهد تكوين أجيالا من التقنيين الذين يعدون من الثروات الوطنية للعراق ، ورغم إن أداء هيئة التعليم التقني لم ينقطع من حيث الاستمرارية منذ تأسيسها لحد اليوم بسبب الظروف التي مرت ببلدنا العزيز ، إلا إن نوعا من التذبذب والرتابة والبيروقراطية ساد أدائها خلال السنين الماضية بسبب كثرة تشكيلاتها التي بلغت 27 معهد و19 كلية موزعة في جميع المحافظات ( عدا إقليم كردستان ) ، ويعمل فيها عدد كبير من التدريسيين والتقنيين والإداريين وغيرهم ، وتعتمد في تغطية نفقاتها على التمويل المركزي من خلال تخصيصات الموازنة الاتحادية تحت باب وزارة التعليم العالي ، ولكن قيادة الهيئة برئاسة الدكتور المهندس عبد الكاظم جعفر الياسري وجهود العاملين المخلصين معه استطاعت أن تجري مجموعة من التغييرات الجوهرية المهمة خلال السنوات 2013- 2016 لإعادة وتعديل بوصلتها في الاتجاه الصحيح مما جعلها تحقق تغييرات ايجابية مهمة انعكست على مجمل أدائها  ويمكن إيجاز أبرزها بما يأتي

. اعتماد خطة هادفة معدة بشكل علمي لإعادة النظر بالمناهج الدراسية لجعلها مواكبة لاحتياجات سوق العمل ومتوافقة مع آخر التقنيات العالمية ، ويتم انجازها من قبل اللجان القطاعية المتخصصة خلال خمس سنوات وبعدل تغيير سنوي تبلغ نسبته 20% مع مراعاة جودة التغيير .  

. إعداد خطط القبول المباشر عن طريق الهيئة والمركزي من خلال وزارة التعليم العالي  لكل المستويات على أسس علمية وموضوعية تراعي الطلب والحاجة وتوفر الإمكانيات ، وقد تم تنفيذها بنسبة 100% والإضافة لها في ضوء الحاجة للقبول المركزي ، كما تم تأمين مقاعد دراسية لخريجي الفروع المهنية للقبول المباشر حسب الضوابط المعلنة وإعطاء بعض الاستثناءات للفئات العمرية حسب الظروف

. منح الصلاحيات الإدارية والمالية لعمادات الكليات والمعاهد التقنية ومنح بعض الاستقلالية للأقسام العلمية لممارسة أدوارها في مجال تغيير طرائق التدريس والتدريب ، والإبقاء على الصلاحيات الحصرية لمقر الهيئة في بغداد  وبشكل يتيح إمكانية انجاز الأعمال وتنمية المبادرات والإبداعات .  

. إيجاد مواقع جغرافية لبعض الكليات والمعاهد في الاقضية والنواحي تضم أقساما علمية كخطوة أولية في زيادة أعداد تشكيلات الهيئة عند توفر الإمكانيات البشرية والمادية للتوسع ، وبشكل يسهم في تسهيل وصول الطلبة إلى المواقع دون الحاجة لقطع مسافات طويلة واستخدام الأقسام الداخلية وتقليل الأخطار على الطلبة ووضع خطة للإخلاء عند الطوارئ ، وقد أسهم هذا الإجراء في إنقاذ حياة العديد من الطلبة منهم 825 طالب من الموصل و400 طالب من معهد الحويجة و115 طالب من معهد الدور التقني في الأحداث التي تعرضت لها محافظات الموصل وصلاح الدين في حزيران 2014 . 

. المباشرة بإنشاء وتأسيس حاضنات الأعمال التي تبصر الخريج بوسائل ولوج فرص العمل عند تخرجه من خلال تعويده على المشاريع الصغيرة والمتوسطة المدرة للإيرادات ، لكي لا يكون في عداد البطالة وينتظر فرصة للتعيين في القطع الحكومي والتشجيع بتطبيق التخصص فور التخرج لكي لا تتقادم المعرفة والخبرات

. التنسيق مع القطاعات الاقتصادية في الداخل وبضمنها القطاع الخاص لاستيعاب الطلبة أثناء فترة التدريب الصيفي والتطبيق العملي ، لكي يكون الخريج على قرب من ميادين وفرص العمل ولإتاحة الفرص له في الاختيار واتخاذ القرارات وتشجيع القطاع الخاص في استقطاب المهارات

. العمل على تحويل شعار الجامعة المنتجة إلى الواقع الفعلي بتشكيل فرق عمل لمسح احتياجات المجتمع من مخرجات الكليات والمعاهد ، حيث تم الاتفاق مع المرور العامة مثلا على تنفيذ عقد لعمل لوحات تسجيل السيارات بدلا من إنتاجها خارج العراق وبموارد توزع لتغطية التكاليف والتمويل الذاتي والتحفيز .  

. تشجيع العاملين كافة على العمل الجماعي والفردي لزيادة إنتاج براءات الاختراع والتحول من البحوث المحلية إلى البحوث من ذوات معامل التأثير العالمي ، وقد نتج عن ذلك تسجيل العديد من براءات الاختراع ونشر المئات من البحوث في المجلات العالمية ومشاركتها في المؤتمرات الدولية وإحداث تغييرات في الترقيات العلمية

. العمل على مساندة الدفاع الوطني من خلال تقديم إسهامات وطنية في معارك الدفاع الشرعي عن الوطن ، إذ تم استثمار جزء من العطلة الصيفية للتدريب عن كيفية الدفاع عن النفس ، كما تم إسناد القوات المسلحة والحشد الشعبي من خلال التبرع بالدم والإسهامات الأخرى التي تزيد المعنويات

. وفي إطار خدمة المجتمع من خلال زيادة الفعاليات الإنتاجية فقد تم تنفيذ مئات العقود مع الجهات المستفيدة ، ومنها إنتاج جهاز الدفع المسبق لأجور الكهرباء الذي دخل مرحلة الإنتاج لتسويقه ، كما تم الانتهاء من صناعة الطائرة المسيرة التي توفر قدرات فنية للقوات المسلحة ومردودات مادية لبلدنا العزيز من خلال تعويض الاستيراد 

. الوقوف إلى جانب الحالات الإنسانية المجتمعية والفردية ، حيث قامت الهيئة بالوقوف إلى جانب المناطق التي تعرضت للغرق والفيضان في العمارة والكوت من خلال توفير السكن أو الدعم المادي ، كما تم تقديم الدعم للعوائل النازحة والتفاعل مع العديد من الحالات الإنسانية للطلبة والمواطنين من خلال تقديم العلاج الطبي وغيره

. إيجاد سياقات موضوعية وعادلة في التعيينات وإشغال الدرجات الشاغرة على أسس الكفاءة والاستحقاق ، ومعالجة معظم الحالات الخاصة بتثبيت أصحاب العقود والأجر اليومي والعمل على استقرار الملاك وإعطاء الأسبقية للكليات والمعاهد الفتية وضمان استقرار العمل فيها من خلال تعهدات وضمانات

. وضع التدابير الوقائية للحد من الفساد بأنواعه المختلفة ووضع منظومات للكشف المبكر عن الفساد ومحاسبة ومساءلة المقصرين وإنشاء نظم العمل والمعلومات للحد من التجاوزات ، وتطبيق معايير الشفافية بمعدلاتها المقبولة من خلال الانفتاح على البيئة المحيطة وإنشاء المواقع الالكترونية للإبلاغ عن جميع الحالات أولا بأول

. العمل على تحديث المختبرات والورش وإدخال التقانات الحديثة وتوفير المواد اللازمة للتطبيق ، وفي حالة تعذر ذلك فيتم استخدام المواد الفلمية أو المحاكاة أو أية وسيلة ملائمة لكي يكون الطالب الأقرب إلى الواقع ، مع مراعاة توسيع مدركاته وتشجيعه على التأمل لكي يؤسس الطموح في المبادرة والإبداع

. توفير الفرص التدريبية لجميع العاملين في الكليات والمعاهد التقنية من خلال المشاركة بالورش والندوات والبرامج التدريبية والاستفادة من الخبرات التي يتمتع بها مركز تطوير الملاكات ، وبعد أن كان الهدف هو توفير فرصة تدريبية واحدة لكل منتسب في الهيئة فقد وصل المعدل المتحقق إلى 4, 1 أي إن هناك أكثر من فرصة تدريبية لكل منتسب

. فتح الدراسات المسائية حسب الحاجة في الكليات والمعاهد التقنية لزيادة الطاقات الاستيعابية لمدخلات التعليم التقني وبأجور تناسب مختلف الفئات ، وتوفير الفرصة للراغبين بإكمال الدراسة من الموظفين والعاملين باغلب القطاعات على أساس الحاجة الفعلية للاختصاص وبما يسهم في زيادة التمويل الذاتي لتقليل الاعتماد على التمويل المركزي

. تبني إستراتيجية متكاملة في مجال التعليم المهني والتقني من خلال اتفاقية بين هيئة التعليم التقني والاتحاد الأوروبي تمتد للسنوات 2014 – 2023 وتمت المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء  ، ومن النتائج المتوقعة من تطبيق هذه الاستراتيجية فإن مؤسسات ألTEVET , ستكون قادرة على أن تكون شريكا وطنيا لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في حل المشكلات المهنية والتطبيقية ، ورفد أسواق العمل بالاحتياجات الحقيقية من المهنيين والتقنيين الراغبين والقادرين على العمل والإنتاج على وفق احدث التقنيات في مجال الاختصاص

. إنشاء أربعة جامعات تقنية هي ( الوسطى ، الفرات الأوسط ، الجنوبية ، الشمالية ) ، واستحداث الجامعات التقنية له العديد من الفوائد تنعكس ايجابيا على جميع أطراف العملية التعليمية والتربوية وتصب في النهاية لمصلحة التقدم العلمي للبلد ، فمن الناحية الاعتبارية فان الطالب الذي يدرس في الكليات والمعاهد التقنية سيكون خريجا جامعيا بحق لأنه سينتسب إلى إحدى الجامعات التقنية الأربعة ، وينعكس ذلك أيضا على مكانة الأستاذ الجامعي مهنيا واجتماعيا ،  بما يسهل اتصاله وعلاقاته في المحافل العلمية العالمية عندما يشارك في مؤتمرات أو بحوث أو ندوات أو أية فعاليات أخرى ، كما إن ذلك سيؤثر في تطور الجامعات واستقلاليتها الإدارية والمالية والعلمية وتواجدها المؤثر في محيطها الجغرافي

والهدف من استحداث الجامعات التقنية الأربعة ليس لزيادة عدد الجامعات الحكومية في العراق والاستئثار بمزايا إنشاء الجامعات ، وإنما لإيجاد البيئة المساندة لتحقيق أهداف التعليم التقني لان مؤسسات التعليم التقني الأقرب إلى تقدم البلد بمختلف المجالات ، فالدول المتقدمة تعول على المعاهد التقنية لتعينها في حل اعقد المشكلات لغرض حلها وإيجاد المعالجات المناسبة وتقليل آثارها وتكاليفها ومنع تكرارها ، وهو ما يتطلب من جامعاتنا التقنية أن تحقق الريادة والتقدم والتفوق من حيث عمق العلاقة مع أسواق العمل لسد احتياجاتها الفعلية من الأطر التقنية ، ناهيك عن تكيفها مع آخر التغييرات السائدة في العالم  والتقدم عليها فيما بعد باعتبارها تمتلك خبرات ورغبات بما يجعلها في الموقع الصحيح ، مع وجوب عدم انفصالها عن هيئة التعليم التقني للحؤول دون ضياع الوقت والجهود والتكاليف ، فالهيئة يجب أن تبقى صمام الأمان للتعليم التقني في العراق والرابط بين الجامعات التقنية والمؤسسات الدولية ، وينبغي أن تكون هي ن ينسق مع الاتحادات والمنظمات الدولية بخصوص الاستراتيجيات ، وتكون الجهة التي يمكن أن تستفيد من خلالها الجامعات التقنية من المنح والمساعدات وأية امتيازات ، مما يعني إن أهمية وجود واستمرار هيئة التعليم التقني تتجسد من خلال تحولها كمؤسسة جامعة للحفاظ على انجازات التعليم التقني وإبقاء تجربة العراق الرائدة التي تمتد ل47 عام ، ونعتقد بان فك ارتباط هذه الجامعات وربطها بهيئة التعليم التقني لترتبط بوزير التعليم العالي مباشرة هو حلا أفضل ، فهذا الترتيب التنظيمي يحافظ على ابرز أسس مشروع الجامعات التقنية الأربعة الذي اشترط بالحفاظ على هوية التعليم التقني وعدم التفريط بها وان لا تتحول الجامعات التقنية إلى جامعات أكاديمية ، والهدف ليس إضعافا لدور الجامعات التقنية إطلاقا , وإنما لإضافة قوة للتعليم التقني للتحوط من أي مساس بهويته والاتفاق على المشتركات في مجال المناهج والتدريب والتطوير والتحديث والرؤى والعلاقة والتنسيق مع المؤسسات المناظرة من دون إضافة أية أعباء إدارية أو أملاءات تخل باستقلالية الجامعات التقنية ، فالهيئة قائمة حاليا وقد تمت هيكلتها إداريا ويمكن لها أن تضيف للجامعات التقنية ولا تأخذ من صلاحياتها قط ، فبدلا من التنسيق مع كل جامعة لوحدها في مجالات الانفتاح على البيئات ذات العلاقة المحلية والعالمية وإدخال التقنيات الحديثة ، فان الهيئة ستشكل النافذة المشتركة لغرض الاستفادة من جميع أشكال الدعم والتنسيق دون إهمال المبادرات ذات الصلة بعملها ، والهدف النهائي هو أن تكون للجامعات التقنية مبادراتها في اختصار الزمن وتحقيق التقدم وعبور المستعصيات ، فالفرصة متاحة حاليا من خلال وجود التقنيين الحقيقيين لتحقيق هذا الارتباط وكلما يمر الزمن فقد يتم الابتعاد عن تحقيق هذا الهدف الوطني في الحيلولة دون طمس هوية التعليم التقني وتحويله إلى شكل أخر ، والأمر لا يحتاج سوى تكييف قانوني لهذا الانتقال ، ونأمل أن تتبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فكرة تعديل مهام واجبات وتشكيلات هيئة التعليم التقني ، كما نأمل من مجلس الوزراء الموقر أن يتبنى هذا المشروع الوطني باعتباره رافدا مهما للاقتصاد العراق ، وسوف لا يكون هناك أي خاسر من هذا التنظيم ومسألة من سيتولى رئاسة الهيئة يجب أن لا تكون مسوغا لتفويت فرصة توحيد التعليم التقني  ، فالمهم أن يكون الرابح هو العراق فالجامعات التقنية ستبقى جامعات تعمل باستقلاليتها الإدارية والعلمية والمنتسبون فيها من العاملين والطلبة ينتمون إلى الجامعات وهوية التعليم التقني ستبقى بأيدي تقنية للعمل على تطويرها نحو الأفضل ، ونعتقد إن هذا المقترح سيثلج صدور المخلصين للتعليم التقني بعد أن أبدى البعض قلقهم وحرصهم على مصير التعليم التقني وهيئته التي تعد واحدة من العلامات المضيئة في التعليم الحكومي .  

أحدث المقالات

أحدث المقالات