5 نوفمبر، 2024 1:49 م
Search
Close this search box.

هويات ما بعد التقسيم : أيها العراقيون عرّفوا أنفسكم !!!

هويات ما بعد التقسيم : أيها العراقيون عرّفوا أنفسكم !!!

كل العراقيين الذين هاجروا أو هجّروا إلى جهات العالم الأربع ، يتعرف بعضهم إلى بعض ويهتدي بعضهم للبعض الآخر ، بإطلاق صحية القبيلة ( أنا عراقي ) ! تعبيرا”عن انتمائه الجغرافي وإشهارا”لهويته الثقافية من جهة ، وتوقعا”منه ، من جهة أخرى ، أن يحظى بفسحة من التعاطف أو أن ينال قسطا”من الاهتمام ، في بيئات حضارية جديدة عليه وغريبة عنه ، فيها تقاس قيمة الإنسان لا بمصدر انتمائه وإنما بطبيعة عطائه ، ولا بأرومة نوعه وإنما بخصائصه الإنسانية . والحال إن تلك (الصيحة) ليست مقصورة فقط على أفراد الجاليات العراقية المنتشرة حول أصقاع الدنيا فحسب ، بل هي ظاهرة / صيحة عامة تمارسها جميع الأجناس التي تركت أوطانها / بلدانها إما طوعا”أو كرها”، بحثا”عن دفئ المجتمعات الحاضنة واحتماء”بالملاذات الآمنة . ولعل هناك من يعتقد – تحت تأثير العاطفة – إن الدافع لتلك الصيحة (القبلية) ، هو فائض الحنين للوطن العراقي وعمق الولاء للهوية العراقية ، وهو ما حاولنا نفيه وتفنيده في أكثر من عمل سواء عن طريق الكتب أو المقالات . منطلقين من فرضية إن وجود (هوية عراقية) رابضة في شخصية الإنسان العراقي ، تشكل بالنسبة له صمام الأمان عند الانهيارات وطوق النجاة من الانقسامات ، هي ضرب من التجني على الواقع والافتئات على الحقيقة . فعلى مدى تاريخه الاجتماعي والسياسي الطويل أثبت هذا الإنسان انه سيد الازدواجيات بلا منازع ورائد التناقضات بلا منافس ، بحيث إن ما يفعله لا ينبئ عما يقوله ، وما يمارسه لا يشي عما يعتقده ، بل انه دائم التردد بين هذا وذاك ، لا يجرؤ على حسم مواقفه والثبات على آرائه . ولهذا فان تبرّمه من الظروف القاسية وسخطه على الأوضاع المزرية لا معنى لهما ، طالما إن تصرفاته المتلونة وموافقة المتقلبة هي من جلب له هذا الكم الهائل من التعاسة والشقاء . وعلى ضوء هذه الوقائع والمعطيات فقد تحولت شخصية الإنسان العراقي ، إلى كينونة طاردة لأي شكل من أشكال الانتظام حول المقومات المعيارية ، التي تتكون بالتحامها وتكاملها ما يعرف (بالشخصية العراقية) العامة ، ونابذة لأي نمط من أنماط الانضواء تحت لواء الرموز العليا ، التي تتشكل باندماجها وتفاعلها ما يعرف (بالهوية الوطنية) الشاملة . وإذا ما كان الأمرعلى هذه الشاكلة في ظل الأزمات العادية والمشاكل الطارئة ، التي لم تخلو فترة من فترات التاريخ العراقي دون أن تمر بها وتشهد عليها ، فما بالكم اليوم وضجيج التقسيم الجغرافي والانقسام الديمغرافي يعلو كل صوت ، إن لم يكن هو الصوت الوحيد ؟! . الكثير منا يتوهم أن واقعة تقسيم العراق إلى دول ثلاث بحسب الاستقطابات القومية والطائفية ، ستضع حدا”للكثير من الصراعات والمعاناة التي تبرح تلسع بلهيبها ظهور العراقيين بلا استثناء ، من منطلق إن كل مكون من تلك المكونات الثلاثة سيضمن حقه من المصالح ويكتفي بما لديه من الامتيازات . كم يبدو هذا التصور غارقا”في الخيال وسابحا”في الوهم !! . هاكم ما سيحدث ؛ لا يظن الأخوة الأكراد إن ما حصلوا عليه من مكاسب وأسلاب ، بحيث منحتهم كل ما يحتاجون إليه لإعلان دولتهم (الكردستانية) ، تحت طائلة الفوضى السياسية والانفلات الأمني ، سيجنبهم دفع ثمن فعلتهم هذه طال الزمن أم قصر ، سواء أكان من جانب دولة العرب السنة (؟) ، أو من جانب دولة العرب الشيعة (؟) ، أو بكليهما معا”(افتراض غير معقول طبعا”) . وذلك لاعتبارات جغرافية واقتصادية واجتماعية وأمنية ، وبالتالي سياسية وإستراتيجية . هذا من جانب ، أما من جانب ثان ؛ كيف يتصور العرب السنة أو العرب الشيعة شكل دولتهم المزمع إقامتها فوق جغرافيات أقاليمهم المتداخلة والمتقاطعة والمتشابكة ؟! . هل فكروا بتسمية رسمية تناسب تلك الدويلات وتكون لها بمثابة عنوان هوية طائفية ؟! . هل وضعوا باعتبارهم حجم وكم المشاكل التي ستنشأ على خلفية ؛ توزيع الثروات الطبيعية وتقسيم الجماعات القبلية التي تقع على حدود كل منهما مستقبلا”؟! . وهل تبادر إلى ذهنهم تساءل حول اسم الهوية التي ينوون إسباغها على مواطنيهم ، بعد أن يكون اسم الهوية العراقية شيء من التاريخ ؟! . إذا ما استثنينا دولة الأكراد التي ستمنح مواطنيها الهوية (الكردستانية) لتميزهم عن أقرانهم من العراقيين السابقين ، فماذا سيقدم الأخوة العرب لمواطنيهم من صيغة قانونية وسياسية تشير إلى قوميتهم وطائفتهم ، بحيث يتميز الشيعي عن السني – ولكن أين سيكون موقع باقي الأقليات الدينية والقومية ؟! أم إن المتوقع ترحيلهم إلى دولة (كردستان) صاحبة الأفضال على الجميع ؟! – حتى وان كانوا من قومية واحدة ؟! . الراجح إن أحدا”من كلا الطائفتين لم يفكر بهذا الأمر لحد الآن ، طالما إن القضية لم تفرق مع العراقيين السابقين واللاحقين ، سواء أكانوا بهوية أم بغير هوية ، فالمهم عندهم أن يحققوا حلمهم بإقامة دولة طائفية مستقلة على أشلاء الجغرافيا وأسلاب التاريخ . وعلى هذا أنصح المواطنين (البدون) أن يجدوا لهم هوية ينتمون لها ويعرفون بها ، وإلاّ فأنهم سيتحولون إلى مسوخ بلا ملامح !!!! .

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات