23 ديسمبر، 2024 7:28 ص

هوليود تكشف خبث الحكومة

هوليود تكشف خبث الحكومة

خيبة الأمل بالنخبة الحاكمة, تدفعنا لمحاولة فهم تصرفات الساسة المثيرة للريبة, لان بعضها غريب لا ينتمي لروح الرحمة, وبعضها الأخر متلبس بأكثر من وجه, ما بين الخبث والتشريع, ويتبين أن عدم الوضوح مقصود, فنستشعر أن هناك قصد خفي من حكام الخضراء, لما وراء ضبابية قراراتهم, والتي تنتقل من اليمين الى اليسار, من ناحية الشدة أو الرحمة, انه ممارسة فرض الإرادة, واستلاب قوة الجماهير, وإدامة سطوتهم على الكراسي, وهنا سأركز على قضية زيادة الاستقطاع الحكومي من 3% الى 3.8%, التي فجع بها الشعب العراقي أخيرا.
بعض المسائل المحيرة نجد أجوبتها داخل فلم, فأحيانا ينجح القائمون على صنعة السينما, في إيصال أفكار عميقة للمتلقي, لأنهم يخاطبون وعي الإنسان, ويهتمون بطرح الأفكار وليس الابتذال, واستفسارنا تمت الإجابة عنه في فلم!
فلم يوميات الروم ( THE RUM DIARY), يتطرق الفلم لقصة الصحفي بول كيمبت (الممثل جون ديب), الذي يسافر الى جزيرة بورتوريكو  بالكاريبي, للتحرير والكتابة لصالح إحدى الصحف المحلية, وهناك يتعرف على رجل الأعمال وله ارتباط بالساسة, وهو ساندرون ( الممثل أرون ريكهارت), فيدور نقاش بين الصديقين حول المكر السياسي والخبث, البعيد عن الإنسانية والعدل, فيقول رجل الأعمال عندما نريد فرض ضريبة مقدارها 5%, فأننا نعلن انه سيتم فرض 10% ضريبة, فتحصل ردود فعل عنيفة, ثم تحصل نقاشات فنعرض أننا سنخفضها الى 7% , فيستمر النقاش لكن بحدة اقل من أول الأمر, فنتنازل نحن ونعلن من تلقاء أنفسنا أننا جعلناها 5%, فيفرح الشعب ويعتقد انه ربح معركة, ونحن نحصل على ما أردناه من أول الأمر.أنها احد أهم دروس ميكافيلي في كتابه الأمير, والذي أصبح منهج للطغاة والمستبدين الذين كل همهم استمرار سطوتهم على السلطة.
 الفلم يفسر ما حدث في بغداد أخيرا, بشان الاستقطاع سيء الصيت, حيث لعبوا مع الشعب نفس اللعبة, والحقيقة حصلوا على نفس النتائج, وتم زيادة الاستقطاع مع صمت جماهيري وأعلامي, فدليل نجاح مخططهم الخبيث هو سكوت الجمهور عن الاعتراض, باعتبار توهمهم من أنهم نجحوا في تخفيض النسبة, عبر الضغط الفيسبوكي الذي مارسوه, وجف حبر أقلام الكتاب, فرحين بالنتيجة.
أما الساسة فهم من ضحك كثيرا خلف الأبواب المغلقة, لأنهم حققوا ما خططوا له, ويبدو أنهم ماضين بشكل حثيث لعملية تحطيم أرادة المجتمع, وتسفيه وعي الجماهير, عبر فن الضبابية الذي درسوه جيدا.
ختاما نقول, أننا ليس أمام كيانات سياسية تؤمن بالقيم والأخلاق, بل أمام جماعات تؤمن فقط بمصلحتها, وهذه الجماعات تفهم أن الجماهير مجرد قوة عاملة عندها, أي فكرة السادة والعبيد, ولن تعمل النخبة الحكمة اتجاه الجماهير, الا على دوام طاعة العبيد “الجماهير بحسب نظرة الساسة”, واستمرارهم في أداء أعمالهم.