23 ديسمبر، 2024 6:07 م

هولندا السحر الحلال .. أرأيت جنات ومن باب المجاز نقولها مدنا ونمضي ؟

هولندا السحر الحلال .. أرأيت جنات ومن باب المجاز نقولها مدنا ونمضي ؟

•         يوازنون حياتهم تناغما مع المتوفر فيبارك الرب لهم بالقليل
•         يتماهون مع السمار الشرقي الذي يشاكس شقرتهم مرحبين بالوافد وابن السبيل
•         هدوؤها اقوى من أمواج البحر الهائجة
 
قولهم، في الجنة: “سلاما.. سلاما” وسلوك الهولنديين: سلاما دنيويا، إذن.. ألا تستحق المحافظات الهولندية الخمس، ان نعدها جنات بين مدن اوربا.. قاطبة.
عدت الى بغداد، من سياحة اوربية، لم أرَ خلالها ولا من قبلها، شعبا، بمثل طيبة الهولنديين، بيان سحر في الادب الجم، أخلاقا وترحابا وابتسام دائم بوجه الغريب.
ذوق رفيع، يتوجه لك، أنى التفت، في انحاء هولندا، يتمتعون بطيبة الأرياف العراقية.. بساطة قائمة على تحضر أصيل.. وجدت أرياف العراق، في متمدني هولندا، مثلما قال رفاعة رافع الطهطاوي، عام 1882: “وجدت في اوربا اسلاما ولم اجد مسلمين”.
رهافة
شعب ملتزم، مرح.. سعيد، يصنع البهجة، لا يشاء ان يتسبب لأحد بحزن، انما ينشر الفرح، حيثما حل، كأن عهدا مستترا قطعوه، بينهم والملاك الحارس، على حب الآخرين؛ فيؤدون التزاما متوارثا، لبعث التفاؤل في من حولهم، مع انهم ليسوا اغنياء، الا انهم يجيدون موازنة حياتهم، تناغما مع المتوفر، فيبارك الرب لهم بالقليل.. كثيرا “إنه يربي الصدقات”.
ينتمون للغريب، من دون منفعة يقصدونها، انما لله في الله، ألم يقل الطهطاوي، مسلمو المعاملات، لم يتلفظوا الشهادتين، لا ينفرون من ملامح شرقية سمراء، تشاكس شقرتهم، فهم ودودو الأخلاق، حد التماهي مع الوافد وابن السبيل، لا يكرهونه، كما يحصل في بلدان أوربية، يعتدي مواطنوها على الاجانب، استفزازا متبادلا.
لم تتولد لديهم عقدة من عربي او افريقي او مسلم، مع ان هذه الفئات الثلاث، لم تدخر وسعا في تعكير صفو حياتهم، تفننا في الأذية.. تفجيرات وانتحاريين وسلوك اهوج واحتيالات وإساءات، لكن يحتضنونهم، ولا يرفضون تزويج بناتهم منهم، فيضمونهم للعائلة، ويتخذونهم ابناءً يفخرون بهم.
 ماء
تغمر المياه العذبة، غالبية ارض هولندا، الواقعة تحت مستوى سطح البحر، تتدثر بالحنين إحتماء من منسوب البحر، إذ يرتفع، ومهما بلغ، فلن يفوق إرادة الهولنديين التي تتصدى له، بسدود وسواتر، اقوى من العواصف والامواج الهائجة.. سكون هولندا اشد هدوءا من هيجان البحر.
ردموا الماء، بأعذب انواع التربة، ثرى ذا صعيد طيب، كونوا منه محافظة خامسة “الميرا” بعد ان كانت هولندا اربع محافظات، فزاد الرب وبارك؛ لأنه “يهدي من يشاء” إذا شاء العبد ان يهتدي؛ فأنه.. سبحانه وتعالى.. ييسر له سبل الهداية، وهم مهتدو الأخلاق أيمانا من دون نص هادٍ، بل انتماء وجدانيا للصلاح.
جعلوا من “الميرا” غابات وحدائق ونسائم “ريح وريحان وطيب مقام” ناقلين شخصياتهم السمحاء، الى وجدان البيئة، فتسامحت انبساطا وسهولة وهدوءا رخيا.
شعب هولندا وعاصمته “أمستردام” شعب متسامح، لكنه يؤوي محكمة العدل الدولية، في مدينة “لاهاي” متخذا من أرضه مسرحا لإحقاق الحق، رفعا لظلم الطغاة عن شعوبهم.. ميزانا للتساوي بين حاكم ومحكوم: “اكرمكم عند الله اتقاكم” بحزم لا يتهاون.