19 ديسمبر، 2024 2:05 ص

لم نتوقع ان ينصرف العراقيون الى هذا الحد من توجه الكونغرس الى تقسيم العراق، فقد توقعنا تظاهرات احتجاجية مليونية ضد هذا الاستفزاز غير المقبول، لتأتي المواقف متباينة حتى داخل الدوائر الرسمية، فكل فريق يغني على ليلاه بينما عيون الوطن تغمرها الدموع، ما يكشف عن ابتعاد غير متوقع عن الثوابت العراقية، التي يتغنى بها ابناء بلاد العرب أوطاني!!

ولم يأت هذا الجفاء من فراغ لأن سياسات الاقصاء و التهميش افقدت الخطاب الوطني توازنه وجعلت من الاستجارة من الرمضاء بالنار الأقرب الى المقبولية، في وقت ينحت آخرون بصخر الأخوة العراقية لتحقيق مكاسب أخطر من دعوة الكونغرس غير الملزمة للحكومة الأمريكية، فالبعض يرسم هياكل على رمال متحركة يسمونها دولة المكونات.

اذا قبلنا بالراي القائل بان الحيف و سوء الظن الحكومي قد أجبريا أبناء المحافظات الساخنة على عدم الثقة بالوعود الرسمية و البحث عن ملاذات آمنة تحميهم من الملاحقات على الهوية، فاننا في المقابل لا نجد تفسيرا لعدم خروج تظاهرات احتجاجية في وسط و جنوب العراق، وكأن مبايعة الاحزاب قد زعزعت الثوابت الوطنية، أو لأن الظلم في جبهة يؤسس لتهميش أوسع المتضرر منه العراق وآهله.

ليس هناك ما يبرر هذا السكوت الجماهيري غير القبول بالأمر الواقع و كأن العراق لم يعد بلد الجميع أو لأن على الشعب ان يختار أحلى المرين الهيمنة الأمريكية أم النفوذ العراقي، مع المعرفة بأن لغة الضاد يشوبها لحن القول عندما يغفو العراق، الذي يراد له نعاسا طويلا يُغيب الأولويات لصالح هوامش الفعل و الارادة.

ونحن هنا لا نشكك، حاشا لله، في وطنية العراقيين لكننا ننتقد التثقيف الحزبي على اساس الطائفة و الأشخاص، رغم أن الحالتين كانتا مرفوضتين قبل 2003 بل و تعتبران من المحرمات الدولية، فيما اصبحتا آديم البقاء لعناوين حزبية و أخرى مناطقية، يحاول البعض من خلالها ذبح العراق بساطور التقسيم و الأقلمة و البعد الجغرافي، مع الاشارة الى أن عقلاء واشنطن ربما اكثر حرصا على وحدة العراق من سياسي كل المواقف في البلاد.

ان السكوت على جس نبض التقسيم بطريقة الكونغرس الأمريكي تثير القلق في نفوس الحالمين بالعراق الموحد، مثلما تقض مضاجع الرافضين للفتنة الطائفية و العرقية، بينما تبعث السرور في عقول الباحثين على الجاه بين الجماجم، ما يستدعي تثقيفا عراقيا غير مؤدلج الا بالخوف على مصلحة البلاد و العباد، لأنه و بدون ذلك ستبقى التظاهرات الحاشدة من حين لأخر الى مناسبة للربح الشخصي بثوب الحزبية، مع القناعة بان الغالبية المطلقة من العراقيين بحاجة الى من يعيد رسم الأمل في عيونهم كي ينفظوا غبار الفتنة، يحتاجون شحذ همم في الوطنية العراقية عندها ستخر لهم جبال الطغيان تبجيلا و احتراما، انها معركة العاشقين لعراق كبير يتبختر فرحا بأخوة شعبه و كرم الله حيث خصه بكل مقومات الحياة الكريمة باستثناء القيادة العاقلة، ومن هنا تأتي أهمية العودة الى عراقيتنا التي تقبل القسمة على كل شيء الا الفرقة و سوء الظن و تكاثر النميمة!!
Shal [email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات