18 ديسمبر، 2024 5:54 م

ما بين الأزقة النائية التي تفوح منا رطوبة الجدران العتيقة ويقف على فروعها أطفال و صبية يلهون كان قلمي في تلك اللحظات يبحث عن جملة ضائعة بين كل هذا الصخب … بين كل هذا العبث كنت في هذه اللحظات ارتجل معاناة المشردين وبائعات الهوى وأترجمها نصوص شعرية تفوح منها رائحة الألم والأنين أتأمل فوضاي بصمت وارسم الحروف تلو الحروف دون وعي مني …
وأضع المسافات بين السطور تحت زرقة الليل الذي يحاصر شمعتي المتهاوية , أغوص في سكونه باحثا عن تلك العوالم المخفية التي ندعوها الحانات المظلمة ! أبحث عن هامش بسيط أطلق فيه العنان لقلمي يرسم تلك المعاناة في عيون مساجين يصنعون الأمل في ضحكاتهم الرتيبة قبل ان يسلموا ظهورهم لسجانيهم . كنت انشد الاشعار للسلاطين والأمراء عن طيب خاطر وأتلقى منهم ابتساماتهم الباردة التي تنم عن طغيان ودهاء , ظننت بأن التكسب صفة قدسية توارثتها دون وعي مني . ونسيت بأن خلف هذا البذخ والترف زنازين تقبع فيها أجيال غلب عى معاناتها الصمت الطويل الذي سيظل عنوانا لفوضاي لهواجسي لجنوني …. لكل شيء في حياتي .. فما فائدة الأشعار والخواطر اليوم وأطفال مدينتي جياع وبنات حيي غانيات يتسكعن في الحانات يروجن لأجسادهن الفتية ما فائدة أوراقي وأقلامي وأقراني من الأدباء والشعراء ما بين هارب ومتسول ؟؟!. ما فائدة صرخاتي وسط هول ذلك الصدى اللامتناهي الجميع كان يسخر مني ومن قلمي كانوا يدعونني المجنون لا يحسب حساب لواقعه بل وصل الأمر عند معظمهم الى اتهامي بالسفسطة والإلحاد لا لسبب سوى بأن رسمت معاناتهم على الورق ! ! مسكينة مخليتي كنت أنوي الهروب من خلالها الى عالم جميل أصنعه بنفسي لا دخل للقدر فيه ولكن كل محاولاتي لم تكن ذا جدوى أسلمت للنعاس حينها وأنا أكتب آخر بيت متأملاً ليلي الطويل بكل ما فيه مسافراً منه لماضيي لمستقبلي ليكون نومي العميق خاتمة القصيدة !.