23 ديسمبر، 2024 6:36 ص

هواجس انتخابات العراق في الخارج

هواجس انتخابات العراق في الخارج

حديث الشارع العراقي اليوم هو الانتخابات العراقية التي جرت قبل ايام في داخل العراق وخارجه وما حصل فيها من تداعيات صرخ فيها المشككون وفرح بها الفائزون وتداعت لها كتل بشرية موالية لهذا او ذاك من الاحزاب والشخصيات واعترضت عشائر ببيانات رنانة صارخة مهددة الوضع في العراق إن لم يعيدوا أصوات ابن عشيرتهم البار ووسط كل هذا الصراخ ضاعت قداسة الوطن لان الجميع يبحث عن مغانمه ومحط أقدامه في العملية السياسة للمرحلة القادمة وكيف يمكن ان يمسك بزمام الامور وسلطة القرار ليتحكم برقاب الشعب المسكين ، هذا الشعب الذي يقع عليه العتب لانه تراجع عن الخروج الى الانتخابات فسمح لهذا الصراخ ان يعلو كثيرا قد يصل الى حد المواجهة لا سامح الله .
الأدهى من ذلك كله ان اداء اجهزة مفوضية الانتخابات كانت الطامة الكبرى في تلك الزوبعة وهو ما كشف عنه عضو مجلس المفوضية سعيد كاكائي الذي يُظهِر لنا اصرار بعض المفوضين على تمشية كل المخالفات وان كانت خطوطها حمراء .
انتخابات الخارج هي الاخرى كانت تحت المسطرة السياسية والوطنية حين تم الاعلان عن تجاوزات كبيرة فيها من قبيل التزوير ومحاولات دعم بعض المرشحين باصوات وهمية شملت عدة دول في الشرق والغرب ولكن احدى القنوات الفضائية امعنت كثيرا في قلب الحقائق حينما ذكرت مثلا التزوير في الانتخابات التي جرت في بريطانيا وهذا غير واقعي فأنا شخصيا كنت مراقبا اعلاميا رافقت كل العملية الانتخابية الى ساعاتها الاخيرة من العد والفرز ولم ألحظ اي تزوير فيها ولكن هناك ملاحظات على تلكؤ اجهزة العد والفرز الالكترونية فقد كانت متلكئة جدا وأرهقت الجميع الجميع كما انها رفضت العديد من أوراق الاقتراع في بعض المراكز على سبيل المثال مركز شمال لندن تم رفض اكثر من ١٥٠ ورقة ثم اهملت وركنت تحت عناوين الشكاوى.
الان وبعد ان وضعت العملية الانتخابية ٢٠١٨ نهايتها نود القول ان انتخابات الخارج تحتاج الى مراجعة حقيقية في آلياتها وطريقة التعامل معها،، والتساؤل هنا هل ننتهي الى الغائها مثلا وبذلك يتم حرمان حق طبيعي من حقوق العراقيين في المهجر ام نذهب الى تقنينها بالشكل الذي يبتعد عن هدر الاموال والصرف الزائد بلا مبرر لان كل المؤشرات تشير الى ان ما يصرف على انتخابات الخارج لا يتلائم مع تفاعل ابناء الجاليات العراقية في كل الدول بالحضور والاقتراع بل بدأ بالتناقص منذ انتخابات ٢٠٠٥ حتى اصبح الحضور للاقتراع ضئيلا جدا مثلا هنا في بريطانيا بعد ان كان في الانتخابات الاولى عدد المقترعين يفوق ٢٧٥ ألفا تناقص اليوم بحيث لم يصل الى سبعة آلاف مقترع !! ولذلك نقول بأنه لا يستحق كل هذا الضياع للمال العام وفي معادلة بسيطة يمكن ان تصرف الدولة العراقية تلك الملايين من الدولارات على الكثير من العوائل العراقية الفقيرة والأيتام وساكني الصرائف الخ .. بدلا من حصولنا على نتائج تصويت متردية الى درجة ان تكون مخجلة مقابل الأعداد الكبيرة للجاليات العراقية في العالم .
لذلك اقترح على الجهات المسؤولة الآتي ضمانا لحق المغترب العراقي دستوريا في ممارسة حقه الانتخابي وتقليصا للصرفيات الخيالية في الانتخابات القادمة :

١- عدم استئجار قاعات ضخمة او قاعات في فنادق الدرجة الاولى لانها مكلفة جدا وانما الاعتماد على قاعات موجودة في المؤسسات العراقية مثل السفارات والملحقيات والمدارس العراقية فهناك الكثير منها وامامنا تجربة حصلت في لندن هي انتخابات لبنان البرلمانية حيث نصبوا خيمة بجانب سفارتهم وليس قاعة داخل السفارة وأجريت فيها الانتخابات بسلام من الصباح الى العاشرة ليلا ولم تكلفهم شيئا. بذلك سوف نقتصد اموال تأجير القاعات التي تتجاوز المبالغ الطائلة بما فيها احتمالات دخول الفساد فيها.

٢- ان تقوم الدولة العراقية بتخصيص موظف سواء ان يكون قادما من العراق او من موظفي السفارات العراقية في الدول التي تجري فيها الانتخابات يعمل على تصميم قاعدة بيانات لكل ابناء الجالية في ذلك البلد وأخذ المعلومات من كل عراقي يراجع السفارة وتدوينها في أجهزة الكمبيوتر على ان يتم تفعيلها كل عام خلال السنوات الأربع القادمة وتمنح هوية معلومات لكل فرد من ابناء الجاليات العراقية تكون شبيهة ببطاقة الناخب داخل العراق ولكن في اطار اخر بحيث يتم التواصل معه من خلالها للفترة التي تسبق الانتخابات .

٣- تقليص أعداد الموظفين العاملين في كل انتخابات تجري خارج العراق مع وجود كل المعلومات المتعلقة بأفراد الجالية والاقتصار على قاعات تابعة للدولة العراقية وعندها تستغني عن الجيوش الجرارة من الموظفين التي تجاوزت المئات في الكثير من الدول لعملية انتخابية لم تصل نسبة الاقتراع فيها الى 10% وهذه كارثة عندما نقف امام الاموال التي بذلت من اجلها .

٤- مراجعة ودراسة حالة التراجع الكبير في قناعات ابناء الجالية العراقية من الذهاب الى صناديق الاقتراع وعدم اهتمامهم بالانتخابات، هل هو عدم شعور بالوطنية ام انه يتعلق بالاجراءات اللوجستية من حيث أماكن اجرائها والتوقيتات التي لا تراعي أوقات عمل ابناء الجالية والمدة المحددة القصيرة التي تنتهي مع نهاية عمل اغلب ابناء الجالية مثلها مثل انتخابات اي دولة اخرى تبدأ صباحا لتنتهي مساءً بساعات متأخرة مثلا من الساعة الثامنة صباحا وحتى العاشرة مساءً من اجل إعطاء فرصة للموظفين كي لا نحتاج الى مخاطبات عسيرة من اجل تمديد الوقت بضع ساعات.
كلي أمل ان يلتفت المعنيين بالأمر الى المقترحات اعلاه ضمانا لحق الناخب العراقي وحفاظا على اموال الشعب المسكين.