جاء في كتاب افواه الزمن للكاتب ادواردو غاليانو، انه قبل الف سنة، قال سلطان بلاد فارس: كم هو لذيذ، لم يكن قد تذوق الباذنجان من قبل قط، وكان يأكل شرائح منه، متبلة بالزنجبيل واعشاب النيل، عندئذ امتدح شاعر البلاط الباذنجان الذي يمتع الفم، ويحقق المعجزات في الفراش، لانه في مآثر الحب، اقوى من مسحوق ناب النمر ومن قرن الكركدن المبروش، بعد لقمتين من ذلك، قال السلطان: ياللقرف.
عندئذ لعن شاعر البلاط الباذنجان المخادع، الذي يسبب عسر الهضم، ويملأ الرأس بافكار خبيثة، ويدفع الرجال الصالحين الى مهاوي الهذيان والجنون.
قبل قليل رفعت الباذنجان الى الفردوس، وها انت ذا تلقي به الان الى الجحيم، فعلق احد الماكرين:
الشاعر الذي كان احد انبياء وسائل الاتصال الجماهيري، وضع الامور في نصابها:
انا نديم السلطان، ولست نديم الباذنجان.
واصل الحكاية عراقي، وقد جاء في كتب الامثال لعبد الرحمن التكريتي، وكذلك اوردها جلال الحنفي تحت عنوان : انا خادمك، مو خادم الباذنجان، استعارها الكاتب وخشي ان يقول انها من التراث العراقي، فانحرف نحو الفرس وملوكهم، نفس القضية امتدح رجل الباذنجان امام ملك من الملوك، بعد ان ارتاح لاكله الملك، ولكنه عاد فذمه، فساله الملك: للتو مدحت الباذنجان، فما الذي حدث حتى ذممته، فرد عليه: انني على دين الملك، وانا خادمك ولست خادم الباذنجان، وانا كنت قد كتبت مقالا تحت هذا العنوان في جريدة المدى قبل خمس سنوات تقريبا، المهم التراث الانساني ملك للجميع، والحكاية بمجملها تشير الى المتملقين، ليس من الشعراء وحدهم، وهؤلاء سبب نكسة الاوطان وتدميرها، وهذا تتخصص به البطانات التي ترافق المسؤولين، حيث يصوروا للمسؤولين انهم على حق مهما قالوا ومهما فعلوا، ولذا ترى البعض يتجبر بتصرفاته فيظلم الناس وهو لايعلم، ومن المؤكد ان الكثير الذي يحيط بالمالكي قد صور له صحة خطته لتحرير الموصل، بينما يموت الناس بالجملة هناك، وهو بارد الاعصاب، حاصر الفلوجة للشهر الثامن ولم يحسم معركة، ويحاصر الموصل منذ اكثر من شهر، ولم يستطع ان يقدم نصرا كبيرا للناس بعد ان اعطى وعدا بامتحانات الدور الثاني للمناطق الساخنة.
هذا التسويف من المؤكد انه يصب باتجاه خراب الوطن، وهذا التسويف من نتائجه ان يجعل مؤتمرات الاردن وغيرها ناجحة، على اساس ان الحسم العسكري غير موجود على الارض، وربما يصب فقط بمصلحة الفضائيات التي وجدت من مآسي الشعب العراقي مادة دسمة لها، وانا اعتقد ان ديموغرافية العراق ستتغير، على اعتبار ان النفق الذي يحيط ببغداد والذي يتم حفره الان ضم سامراء اداريا اليه، واكثر من هذا فقد جاء بشيعة تلعفر والشبك الى كربلاء والنجف والبصرة.
على من ينادي بعراق واحد ويطلب من رئيس الجمهورية الجديد ان يكون عراقيا، فعليه هو ايضا ان يكون عراقيا، والا يكون سببا بتمزيق البلاد.
الموصل والاعلام والدعايات تحتاج الى حسم عسكري، وانا بمواجهة وسائل الاعلام الحكومية احصيت اعدادا مخيفة من القتلى في صفوف داعش، وهذه الاعداد من شأنها ان تترك الاخرين في هرج ومرج، وهي بالتالي تستطيع ان تغير الكثير من الوقائع، لقد احترقت عجلات بالالاف، وقتلت قيادات لايمكن تعويضها بحسب وسائل الاعلام الحكومية، فماذا ينتظر رئيس الوزراء لحسم المعركة اكثر من هذا التفوق، اما جماعة الباذنجان فهؤلاء يوميا نراهم من على شاشات الفضائيات وهم اكثر ضررا على الوطن من داعش، لانهم لايقولون الحقيقة، وانا لا خادمك ولاخادم الباذنجان.