19 ديسمبر، 2024 9:49 ص

هواء في شبك (بس كلّي دينك شنو؟)

هواء في شبك (بس كلّي دينك شنو؟)

واصله ان لقلقا كان يأوي الى ناقوس احدى الكنائس، فيبني عشه هناك، وكان خادم الكنيسة يلاقي الامرين من ذلك اللقلق، ومما يسببه من اوساخ وفضلات يلقيها على الناقوس، حتى هداه تفكيره يوما فجاء باناء فيه خمر، واناء فيه لحم بعير، ووضع الاناءين قرب الناقوس، وجاء اللقلق فأكل لحم البعير، وشرب مافي الاناء من خمر، فدارت به الدنيا، وسقط على الارض، فأسرع اليه خادم الكنيسة وامسك به، وقال له:( آني ماعندي شي ويّاك، بس اريد اسألك، اذا انته مسلم شلون تشرب خمر، واذا انته يهودي شلون تاكل لحم بعير؟ واذا انته نصراني، شلون تضرك على الناقوس؟ بس كلّي دينك شنو؟) ، هذا السؤال يجب ان نسأله لمن يقتل ابناءنا تحت عناوين عديدة، سياسية وطائفية ووطنية وقومية ودولية، نعم نحن نقتل تحت عناوين مختلفة سنية وشيعية واميركية مسيحية ويهودية داعشية، ودماؤنا ليست عزيزة على احد، لا على اهلنا ولا سواهم، لم تبرد بعد كارثة سبايكر حتى تحل الفجائع والحرائق، هل يجوز ان ندفع ثمن عذابات التاريخ كله، وهل ستتم ابادتنا بهذه الطريقة؟.

لم يفلح صدام بخلق موازنة شعبية للطوائف التي تسكن العراق، حتى عندما هجر الفيليين، واتى بالمصريين والسودانيين، وعندما رأى ان الموازنة مستحيلة بعد حرب الثماني سنوات، اخترع بعدها قضية الاهوار وضرورة تجفيفها، وتهجير سكانها، من ثم اكتشاف النفط في منطقة الثورة ببغداد ومحاولة ارجاع سكانها الى المحافظات الجنوبية. الاخوة الآن ينهجون المنهج ذاته، تفجيرات ، ذبح ، قتل على الهوية الجنوبية، ازهاق الارواح، والخطف ليصلوا الى نتيجة مفادها التوازن المشؤوم.

بس كلّي دينك شنو؟ سؤال يدور باذهان الجميع، والسؤال موجه للقتلة ومن يتساهل معهم من السياسيين من جميع الملل والنحل، الدماء التي نزفت حتى الآن ومنذ احد عشر عاما، تساوي اضعاف الدماء التي نزفت في جميع حروب العراق، من يقبل ان يموت اهله وطائفته بهذه الطريقة فهو جبان ومرائي، وما يثيرني ان البعض وحتى هذه اللحظة ينادون بالوطنية، ويطلقون على كتلهم اسماء مشتقة من الوطن بلا خجل، وهم ابعد مايكون عن الوطن، لا احد يقبل بالذي يحدث حتى وان كان بلاضمير، ايفان الدخيل دافعت عن طائفتها بالبكاء، وهذا سلاحها، والله ساقدس من يخرج في مجلس النواب باكيا امام البرلمانيين الذي تحجرت قلوبهم، ولم يعودوا

عراقيين، بل صاروا ينتمون للاصغر ومن ثم الاصغر، الدوائر تضيق، وتضيق، حتى ليخيل لي ان الانسان العراقي سيعود بدائيا يعيش بمفرده في الكهوف بعد ان استهوتهم الجماعة وبنوا حضارتهم على ارض الرافدين، اننا ابناء وطن واحد وانتم من كان ينادي بالوطن، فما الذي تغير حتى صارت الطائفة هي سيدة الموقف، هل الوطن والوطنية مرهونة بالمنصب، ام كانت معلقة كالرحم في اهداب صدام، وعندما غادر صار الوطن مدينة واحدة تجتذب الشيشاني، وتحتفل باسرى الجيش العراقي لدى داعش، هل من المعقول يا اخي ان تحتفل مع الشيشاني والافغاني بقتل اخيك، وقبل كل شيء اسأل الشيشاني والافغاني والسوداني، قل له: دينك شنو؟ ولو اقتنعت ان هذا المسخ تستطيع تاريخيا ان تستعيض به عن اخيك في الوطن، فافعل ماشئت، لقد ابيدت اقوام عبر التاريخ، وكانت الطائفية هي السبب الوحيد، لنعود الى الوطن، ونجلس تحت خيمته، ونسأل اي داعشي ومن يقف خلفه: انت دينك شنو؟.

أحدث المقالات

أحدث المقالات