أثبت أخيراً الشعب التونسى أنه لا يعيش خارج التاريخ والزمن وأن الشعب يرفض العودة إلى عصور التخلف والظلام، هنيئاً لكم يا مواطنى تونس بهذا الإنجاز العقلانى والذى أتمنى أن لا يسرق منهم على أيدى اللصوص السياسيين الذين يستخدمون الدين تجارة رابحة، خالص التهنئة بنجاحكم فى إستعادة إرادتكم الحرة ووضع أقدامكم على أول خطوة فى الطريق الصحيح، وليس معنى ذلك أن الأنتخابات البرلمانية هى نهاية الثورة بل أنتم الآن فى بداية إنطلاق الثورة الحقيقية، ثورة حقوق الإنسان والحرية والمواطنة والتى يجب أن يسعى جميع الشعب لتطبيقها وإنتزاعها من النواب ممثلى الشعب أو الحكومة، مهما كان من يمثلها نداء تونس أو النهضة أو حزب الاتحاد الوطني الحر فالسيناريوهات السياسية غامضة والتحالفات تفرض نفسها، مما يجعل الجميع فى ترقب ما سينتج عنه من شراكة سياسية فى صالح أو ضد شعب تونس.
الحكام والنواب الجدد ليسوا مقدسين أو هم القادرين على صنع المستقبل بل أنتم القادرين على وقف القمع والأستبداد ودكتاتورية نداء تونس أو حركة النهضة أو غيرهم، لأنكم أظهرتم لجميع التيارات السياسية والدينية أنكم تملكون القرار وأنتم أصحابه ولا يستطيعون إرهابكم، لن أتحدث عن الفائزين أو الخاسرين لأنه بسهولة وبإرادتكم يمكن أن ينعكس الحال فى حالة الفشل وفوضى الفئة الحاكمة، إنما أتحدث عن شجاعة الشعب التونسى الذى لم يصاب بهوس الشعارات الدينية مثلما حدث فى مصر الذى أنخدع مواطنيه بسطاء كانوا أو مثقفين، بأنهم حماة الدين والمدافعين عن الله ورسوله كما صورت لهم جماعات تجار الدين الإخوانى والسلفى، لكن فى هذا الوقت الذى تنعمون فيه بتحقيق إرادتكم يا شعب تونس، عليكم التيقظ من المناورات التى سيقدم عليها أصدقاء وأعداء لا ترضيهم أن يعيش شعب تونس فى حرية وديموقراطية.
إن التحدى الذى أمامكم كبير لأنكم ستكونوا رقباء على أعمال الحكام الجدد وإن لم يكن التغيير أو التنمية والعدالة فى صالحكم، فالثورة هى طريقكم الذى بدأتم السير عليه، وأثبتم للجميع أن تصفية ثورتكم لن يحدث لأنكم مارستم إرادتكم الشعبية فى الطريق الصحيح ورغبتكم كبيرة فى إعادة بناء الدولة التونسية حسب قدرة شبابكم وكفاءته ونضجه على التقدم إلى الصفوف الأولى، ليصنع تونس الحديثة تونس التقدم تونس الوطن الذى أخضع من أعتقدوا أن الإنقاذ والخلاص على أيديهم، واليوم يتوجب على أبناء تونس المحافظة على الهوية التونسية ولا تسمحوا بتهجينها حسب رغبات الدكتاتوريين الذين يستبيحون عقولكم وهويتكم ويدمرونها بأسم الأديان، شعب تونس الواعى أستطاع النحياز إلى الدولة المدنية التى لها الفضل فى تكوين ثقافته وهويته الحداثية، لذلك شعر بالغربة للأفكار الرجعية التى لن ترحم ولن تحترم حريته فى الأختيار لأنها أفكار تزهو بحكم القبائل الصحراوى.
أكرر هنيئاً لكم يا شعب تونس الحر الذى أصبح نموذجاً فريداً وطليعياً فى تداركه للأخطاء ورفضه السريع، للفشل الذى أرتكبته حركة النهضة وساعدكم على نجاح المرحلة الأنتقالية والتغيير، أعتراف راشد الغنوشى الذى أعترف بالفشل ورغم أنه إخوانى إلا أنه تجنب الإرهاب المستمر من تنظيم الإخوان فى مصر، وأعلن الهوية الوطنية لتونس ورفض عقيدة الإغتيالات والإرهاب والفوضى الإخوانية، وأختم مقالى بما قالته أبنة تونس الفنانة هند صبرى إلى إخوان تونس: “.. قالوا علينا ملحدين.. قالوا موتو بغيضكم.. يا جماعة عنقني وأيتام بورقيبة.. خوفونا وأرهبونا”، وأضافت عبر صفحتها الرسمية على موقع “فيسبوك” : “اليوم نحن الأغلبية لكن الشماتة ما تخرجش علينا.. ماناش متاع هذا..نحن نؤمن بالسماحة وندافع عن الخير والحب. نحن تونس في قلبنا، وتونس قلبها كبير يساع الناس الكل”.
وأردد مع مواطن تونسى قوله معبراً عن سعادته: ” الحمد لله لقد عدنا إلى تونس وعادت إلينا”.