من أهم سلطات الدولة المدنية، هي السلطة التشريعية والتي يطلق عليها البرلمان او مجلس الشعب او الوطني …الخ من التسميات كونها تمثل رأي الشعب، وتدافع عن حقوقه، وتحمي حرية الرأي وتسن القرارات والقوانين التي تساعد الشعب على العيش بحياة مرفهة محصنة بالعدل والأمن والسلام، من خلال اتخاذ كافة الأمور والخطوات التي من شأنها أن تحمي مكتسبات الشعب في دولته المدنية القائمة على مبدأ الفصل بين السلطات، و أول ما يجب أن نلحظه في النائب النيابي هو أن يكون قادرًا على إنتاج الأفكار القابلة للصياغة والتنفيذ وأن يكون على دراية بالقانون والدستور والثقافة السياسية العامة والاحساس بالمسؤولية وان تكون النزاهة والتفاني في خدمة الناس هدفه بعيداً عن العلاقات الشخصية والوساطات والولاءات ، لان مصلحة الوطن والمواطن فوق الجميع . كيف يمكن أن نبني دولة بعد الان وكيف يمكن السكوت على من يهظم 30 مليارمن الدنانير بشكل غير قانوني وهو رجل يمثل 100 الف انسان من المجتمع بدعاوي تعويضية باوراق مزورة ويصبح تاجر المخدرات سجين سياسي ينال الامتيازات ويظلم المستحق منها ويكرم الوريث ويبقى المحكوم من محكمة الثورة متسكعا امام مؤسسة السجناء او الشهداء ينتظر من يمد له يد المرتشي لقضاء حاجته و بنواب يعتمدون المصالح الشخصية جوراً، وكيف نبني دولة، لا يعبأ فيها أعضاء البرلمان او بعضهم بما يفعلونه من خطوات لا تصح لممثل الشعب أن يقوم بها ولا تتناسب مع مكانته ودوره،
ليس ثمة غرابة من ان الممارسة النيابية في العراق زاخرة بالضعف والتلكؤ والتعثر، فمن هنا من الطبيعي أن يتذمر المواطن من هكذا أداء لم يستغل البرلمان كمؤسسة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية، وتمتلك حق التشريع والرقابة على أداء الحكومة. ولا يزال يقال عن تلك الممارسة وعن الدور السلبي الذي لعبه بعض النواب والمتأرجح بين التلون والتواري عن أنظار الناخبين والعمل من اجل مصالحه الشخصية والقبيلية والمناطقية دون البقية الباقية في المجتمع فإنه لا يستطيع أحد أن يفصل هذا عن اللائحة الداخلية للمجلس التي تمتاز موادها بالخلل وعدم القدرة لادارة الامور على الوجه الصحيح ، في حين من الممكن أن يكون البرلمان أكثر فاعلية ليس على صعيد الرقابة فحسب، وإنما في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة التي أصبحت واقعًا ملموسًا مرهقًا في ظل ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية والمنظومة الاجتماعية المرهقة، والتصدي للفساد ومعوقات التنمية من خلال المساهمة الفعلية في عملية التنمية لما فيه صالح الوطن والمواطن والتفاعل مع كافة الملفات السياسية الداخلية والخارجية.
لقد اغفل مجلس النواب العراقي و النائب العراقي هذه الامور والدليل على ذلك سرعة إقرارهم لجميع التشريعات التي تتعلق بامتيازاتهم ومكاسبهم، أما اذا تعلق الامر بالمواطن وهو الذي أوصلهم الى مناصبهم، فحينئذ يتصرفون بطريقة التجاهل والتريث والتسويف.وابعاد القوانين التي تهم المجتمع وتهمل او يتم التماطل في اقرارها لانها لا تشكل فائدة مادية لهم أو للاحزاب والكتل التي ينتمون لها، في حين أن اصوات الشعب هي التي أوصلتهم الى مقاعدهم في البرلمان.النائب في البرلمان يجب ان تكون سمعته نظيفة وعدم التورط فى الفساد، عدم السعي لتحقيق مصالحه الشخصية، المرونة والجدية والقدرة على تطوير الأداء، ذا شعبية كبيرة، وأن يكون له ظهير سياسي، متابع جيد للأحداث السياسية والمجتمعية، نائب يؤدي دورا تشريعيا رقابيا وليس دورا خدميا، وأن يكون النائب ذا كفاءة عالية، ومتفهم للواقع السياسي.
ان اصل وجوده في البرلمان هو تشريع القانون لتنظيم التعاملات وتأسيس علاقات اجتماعية سليمة، قائمة على محددات وأطر عامة. وفي الدول الديمقراطية، يكون الحكم للقانون، والغلبة له على الأفراد، والأحزاب والطوائف، والزعماء. والقانون لا يستغني عنه الدكتاتور ولا الديمقراطي، بمعنى ان اي تصرف لا يتم الا وفق القانون، ولكن ثمة قوانين تصب بمصلحة الانظمة وافرادها، وترسخ هيمنة المسؤولين على مقدرات الدولة، وفي مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لملايين العراقيين ويستغل المسؤول دون خوف القانون لصالحه ليسلب حقوق الاخرين ، ان الماًسي التي لاحظناها بعد التغيير هو صياغة القانون وفق مصالح المشرع نفسه ليكون اول المستنفعين . ولا عن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الذي لم يكن في المستوى المطلوب، ولا عن تلك الأصوات التي تريد من البرلمان أن يكون منبرًا صوريًا،
ان اهم من تداخل الكثير من المفاهيم، هو القانون والأخلاق وفهم الشريعة الدينية والانسانية ، في الحديث عن عضو البرلمان و من ذلك التزام النائب بتمثيل مصالح الشعب والدفاع عنها وعدم الارتباط بمصالح قطاعية او متعلقة بمراكز نفوذ وتعزيز قيم الوحدة الوطنية والتسامح والتوافق والامتناع عن التحريض واثارة الفتن وكل ما من شانه المس بامن الدولة والمجتمع واستقرارهما.. وتستعمل مفردة القانون ، في بعض الأحيان، كمرادفات لتحمل معنى واحدا، بينما الدرس القانوني والممارسة المهنية تكشفان، بشكل واضح، الفرق بينها. فأبسط تعريف للقانون متفق عليه هو مجمل القواعد الرسمية المنظمة للعلاقات بين البشر،. ويُفهم القانون، على مستوى آخر، أنه أكثر من صيغة إجرائية لتنظيم العلاقات المذكورة، لأنه يشكل رهانا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا يطرح على الصعيد الوطني والدولي.
ان البرلمان هو الذي يحدد الإطار الشرعي ويشرف على الفرع الإداري للحكومة للقيام بأدوارهم الديمقراطية على نحو فعال وملحوظ لتحقيق المصلحة العامة وبطريقة تلبي التوقعات الاجتماعية الأساسية للسلوك الأخلاقي في بناء الثقة العامة.وبالتالي فهو يلعب دورا أساسياً في منع الفساد العام. ويسعى البرلمانيون إلى تمثيل مواطنيهم تمثيلاً فعالاً عن طريق تنفيذ الأدوار التشريعية والرقابية التي تكون في المصلحة العامة ويتم ذلك بطريقة تعكس المعايير الأخلاقية في مجتمعهم. وعندما لا يصحو ضمير النائب والسياسي، حتى في الوضع المصيري كالذي يمر به العراق الآن، فلابد أن تكون هناك أسباب خطيرة تقف وراء سيطرة وهيمنة ظاهرة اللامبالاة بالخطر، الذي يتحلى البعض من النواب بها والساسة العراقيون الآن، فهم أما أن يتحلون بالشجاعة والصبر على النوائب والاخطار الجسيمة التي قد تلحق بالمجتمع ووضع الاسس الصحيحة لتحقيق مستقبل متقدم وناصح ، وهو أمر لا تثبته الوقائع كما نراها ونتلمسها، وأما لا يدركون هذه المخاطر وفداحتها، وهو أمر وارد، بسبب قصور الادراك العميق لدى الكثير منهم، او لا يعنيهم مصير البلد ولا الشعب.