23 ديسمبر، 2024 1:48 م

هم الأحياءُ أم ونحن ؟

هم الأحياءُ أم ونحن ؟

هم اعادونا الى عصور الحجر ، وهم يغزون المريخ ويُرسّخون عليه رايتهم .

هم جعلونا نُمزّقُ وحدتنا الوطنية ونتمرّغ في الطائفية وهم يمرعون في الأمن والسلام .

هم حرّضوا ” عقلاءنا ” على بثّ الفتاوى المناهضة للتقدّم والحياة والزمن الجديد لنحصد الفتنة والاحتراب والجهل .

لهم الإستقرارُ ورغدُ العيش والسيادة ، ولنا التقتيلُ والخنوع والجوع والخرابُ الأبدي . هم يجنون عصارة خيراتنا ويسرقون ثرواتنا في وضح النهار ولنا الكفاف والمسغبة والنكوص الى مستنقع البدائية .

لهم السبقُ العلمي والمجدُ والتفوّقُ ، ولنا المرضُ والفُتاتُ والنكد . تاركين لنا المزابل ينبشُ فيها يتامانا واراملنا .

أيّة ُعدالة هذه ليأتوا من أقاصي الدنيا فيُربكوا صفاء حياتنا ويُكدّروا عيشنا . هم عمّقوا الطائفية استلوها من قاع النسيان وزّعوها بين الأنام . أعادوا العشائرية في أبشع أشكالها وقمعوا صوت العقل والعدل والوفاق .

هم غرسوا النجوم الخمسين فوق المريخ وهيمنوا عليها . فيما فرّقونا الى اوصال وشظايا يأكلُ بعضُنا بعضاً .

أيّة ُ دولة غربية تقبلُ أن يجري فوق أديمها ما يجري في منطقتنا العربية ؟ لمَ يرفلون هم بالحياة المرفهة والابداع في كلّ مجال وافقٍ ، ولنا الفوضى والحزنُ وشحة الماء وانقطاعُ الكهرباء .

حكامُهم جاء ت بهم شعوبُهم وحكامنا هم جاءوا بهم .

أمس ~ بعيني رأيتُ المركبة الأمريكية تهبطُ على المريخ مثل طائر مُدجن / هو انجازٌ علمي لا مثيلَ له / ونحنُ في مشرقنا العربي واللاعربي نُعرّسُ في الفوضى ويقتلُ الجارُ جاره وابنَ ديرته ، ونُصغي الى أباطيل الفتاوى ولا نفتح العقل على منْ يُخطط لنا ذلك . ونتباعد عن بعض ونُلغي الآخرَ ونُصفيه عند الضرورة . وسيُعتبرُ أيّ منجز علمي نتورّط فيه مروقاً عن الدين ثُم تمتدّ يدٌ مجهولة تحمل كاتم صوت فتكتم أنفاسنا .

لهم كلّ الحق في أن يفعلوا بنا مايُريدون حتى ازهاق ارواحنا . مروراً بتمزيق أواصرنا في خلافات طائفية وعرقية ومذهبية . ولنا الصيامُ الأبدي عمّا يُقيم أودنا .

وبودي لو أسأل : لماذا لا تكون لنا مثلهم مؤسساتٌ علمية ومصانعُ ومعاهد تسهم في صنع وتائر التقدّم على الرغم من ضخامة مواردنا المادية وثرواتنا النفطية . لماذا لهم العلو ولنا النكوصُُ والتأخّر ؟ هم في بلدانهم يحترمون القانون من أصغر موظف حتى قمة الهرم ، يحمي الجميع ولا يُفرق بين وزير وماسح البلاط . فمذ سايكس بيكو المشؤوم وضعوا لنا خطوطاً حمراء لا ينبغي تجاوزها . ومستقبلنا يُمكنُ تغييره حسب متطلبات المراحل . فكم سايكس بيكو ينتظرنا على دروب المستقبل ؟ فما كان يُحقق مآرهم أمس بات عسيراً اليوم بعد انتشار الفضائيات وشرايين الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة واعتماد الكومبيتر . اذن ليصنعوا وضعاً جديداً : هذه الفوضى العارمة اللامنضبطة الضارية التي تحصد الأرواح وتقطع الصلات وتُحلل الحرام باسم الدين . انظروا الى الغرب ، الى شعوبه : حياة ٌ رخيّة ، انضباط ٌواحترام للقانون ورفاهٌ  وحرية مفتوحة كالسماء على الجميع وتقدّمٌ علمي آخرُه غزو المريخ . ونحنُ من الشمال الأفريقي حتى افغانستان وباكستان مروراً بسوريا والعراق واليمن والبحرين وشرق المملكة السعودية نغوص في الفوضى والقتلِ على الهوية وتدفقِ المال بلا ضوابط لسفك دماء الأبرياء وتعميق الجهل وتربية اللحى وتقبيحها . وسوق الفتاوى المضللة التي ما نزل بها من سلطان الا على السنة هؤلاء الذين يتغذون بأموال حكامنا المارقين عن متطلبات الشرف والدين والنزاهة واحترام بني جلدتهم . ملايين تُصرف من اقوات اولادنا وارزاق ايتامنا الفقراء على قتل بعضنا البعض الآخر . كوننا نختلف في الطرح والفكر وتحقيق الهدف . فلماذا يختلفون هم ويُسامح أحدُهم الآخر ، ولماذا نتقاتل نحن حين نختلف . ولماذا تكتظ مياهُنا بالبوارج وتُكدّسُ اراضينا بالصواريخ النووية والأسلحة المُحرّمة . ولمحاربة مَنْ ؟

لهم السطوة ُ والقوة والسيطرة ولنا الخنوع والخراب .

اذا مات مواطنٌ غربي ٌ تقوم القيامة وتنقلب موازين الدنيا ، فيما تُبادُ الوفٌ الوفٌ منا ولا أحد يُطالب بحقنا . منْ يُطالبُ الولايات المتحدة ويُقاضيها على جرائمها في العراق وفي افغانستان وقتل مئات الألوف والخراب الذي الحقه بنا والحقته بكل الوطن العربي ، وتلحقه بسوريا الآن . منْ يُطالبها ويُحاكمها على غزونا من أجل ازاحة حاكم جاءت به وتنمّر عليها . مئاتُ الألوف من الضحايا وعشرات الأمراض الفتاكة والتشوهات الخلقية ..منْ يُعيد للأيتام آباءهم ، ومنْ يُعيد للأرامل أزواجهم . ومن يُعيلهم ؟؟؟

كانت امريكا تطلبنا بتسديد ما لحق بها من اضرار نتيجة غزوها العراق ، تصوّروا الصلافة والسلوك اللااخلاقي من دولة عظمى تدّعى أنّها راعية للحريّة وحقوق الانسان والقيم الحضارية . ونحنُ نتجرّعُ موتنا وجوعنا واذلالنا وتمزقنا الطائفي وتفكك نسيجنا العراقي الأخوي .

هي تغزو المريخ فتبحث عن اسراره وخباياه . وهي في الآن نفسه تغزونا من جهة اخرى وتزرع في بلداننا خراباً عرقيا واخلاقيّاً لا تقوم له قائمة .

لهم الزمنُ وآلاؤه ومجدُه وعراقتُه وثماره وأمنه وحلاوته ولنا البؤس واليُتم والفاقة والموت نهاراً جهاراً . وغرس النفاق والعدوان وتشريع ما لا يقوم على الدين باسم الدين . حكامنا ملتمّون على موائد الحرام وأسرة الحريم ونحنُ ننبشُ في الترهات ونبحثُ عن زواج الوناسة والمسيار وتحريم السباحة في البحر على النساء . ومنع وضع القثاء جوار الطماطة ومضاجعة الميّتة .و…و…,و..

نزلت مركبتهم على الكوكب الأحمر مثل عصفور مُدرب، بينما قبرونا في حضيض الجهل والتناحرات.  وأقولُ من يزرعْ شرّاً يحصدْ ما هو أمر واشد ّ.. يوم ٌ لك وأيام عليك   ترقّبوا المستقبل وسترون .