25 نوفمبر، 2024 8:02 ص
Search
Close this search box.

همَّتْ بهِ وهمَّ بغيرِها

همَّتْ بهِ وهمَّ بغيرِها

حينما نأى بنفسه عنها، طلبته، وتعلقت به، وفتحت له ابوابها، وتزينت له، منحته العزة والشرف، والرفعة والمجد، والهيبة والعظمة، وعرضت عليه المال والجاه، لكنه رفضها، واعرض عنها، راغبا بغيرها، مخاطبا اياها ان غري غيري، فأنتِ لست مقصدي، وارتحل عنها في ليلةٍ ظلماء.. تلك هي الدنيا، وذلك هو السيد صالح الموسوي.

تحل علينا في هذه الايام، الذكرى السنوية الاولى لرحيل القائد السيد صالح البخاتي الموسوي، القيادي البارز في الحشد الشعبي، والمجاهد الكبير في قوات المقاومة الاسلامية ابان حكم البعث المنحل.
ولد البخاتي في العام ١٩٦٧م في منطقة الغزيلة بناحية المشرح، في محافظة ميسان جنوبي العراق.
نشأ وترعرع في مدينة اجداده بازرگان، الواقعة جنوب شرق العمارة، له ثلاثة اشقاء يكون هو ثالثهم من حيث العمر، والرابع اصغر منه، كلهم كانوا بصحبته في رحلة الجهاد، لديه اربعة اولاد، بنتان وولدان.
هاجر الى ايران في نهاية العام ٨١م، بعد مضايقات النظام الصدامي له ولعائلته، لمعرفتهم بتوجهاته المناوئة لافكار البعث العفلقي السيء الصيت. عاد الى العراق وتم اعتقاله عام ١٩٨٤م، لكنه تمكن من الهرب من السجن والعودة الى ايران مرة اخرى.
تاريخه حافل بالجهاد، حيث كان له الفضل الكبير في تأسيس المجاميع الجهادية وتطويرها في ثمانينيات القرن الماضي، شارك في العديد من العمليات ضد حزب البعث، وازلام النظام، استشهد اخاه الاصغر السيد محمد البخاتي في احدى عمليات فيلق بدر، اواخر الحرب الصدامية الايرانية، شارك في الانتفاضة الشعبانية، وحرب الاهوار، وكان مسؤول محور الجزيرة في كتائب حركة حزب الله العراق، وفي حرب الارهاب الاسود، شارك في الدفاع عن الحرم الزينبي في سوريا، وبعد انطلاق الفتوى المباركة، قاد الكثير من معارك الحشد الشعبي التي انتهت جميعها بالنصر، وتحرير العديد من المناطق من براثن داعش الارهابي، والتي كان آخرها تحرير قضاء الصقلاوية، والكرمة، والفلوجة، التي استشهد فيها، في الخامس عشر من رمضان عام ١٤٣٧ه، المصادف للحادي والعشرين من حزيران، عام ٢٠١٦م، صائما صابراً محتسبا. لقد كان الشهيد الموسوي انسان مهذب وخلوق، يبحث عن البساطة، والتواضع، مؤمنا، متقيا، قائما ليله، يعمل بصمت بعيدا عن الاضواء، يهوى ان يرافق اخوته المقاتلين، ويفترش التراب معهم، كان محبا للعراق، ويحلم ان يراه مزدهرا، واهله ينهلون من خيراته.
قصته مع الشهادة قصة عاشق ومعشوق، فقد كان يرتحل من ارضٍ الى ارض باحثاً عنها، وهو يناجي ربه ان يرزقه اياها، فقد قيل عنه انه كان يقول، اننا في يومٍ من الايام سوف نرحل عن الدنيا مرغمون، نحمل اثقالنا على ظهورنا، في سفرٍ طويل، لكننا يمكن ان تجاوز هذا السفر بالشهادة، فهي الوسيلة لبلوغ الخلود، رفقة الاولياء والصالحين، ونيل رضى الله ورحمته.

لقد كانت مسيرته الجهادية الاولى كافية كي تمنحه المناصب والجاه بعد سقوط النظام، اسوةً بغيره من المعارضين السابقين، الذين حازوا الثروات وعاشوا منعمين، هم وعوائلهم، بفضل تلك المناصب، لكنه على العكس منهم، قد اصطحب ابنائه الى ميادين الجهاد، لعلمه انها ميادين الشرف، والبسالة، والفداء، قد ادار ظهره للدنيا وقال، ان لي في جدي علي (ع) اسوةٌ حسنة فقد كان ملكا ولا يفترش في بيته الا الحصير.

أحدث المقالات

أحدث المقالات