18 ديسمبر، 2024 8:22 م

هل يُطيح الإطار التنسيقي بحكومة السوداني؟

هل يُطيح الإطار التنسيقي بحكومة السوداني؟

مالم يَكُن مُعتاداً أن يكون حيّز المُناورة بالسؤال القول..هل ستكون الكُتلة البرلمانية الرئيسية التي شكّلت الحكومة هي التي ستنقلب عليها، أو حتى إنقلاب الحكومة على الإطار التنسيقي الراعي الرسمي في تشكيلها؟.

ما يبدو أن سفينة إئتلاف إدارة الدولة التي أعلن عن إبحارها قبل مايُقارب الشهرين إئتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي قد هَبّتْ على هذه السفينة الأعاصير قبل أن تدخل مُثلث بِرمودا السياسي الذي يبتلع كل سُفن ومراكب السياسة.

أزمات العراق المُؤجّلة إلى إشعار آخر والتي تم الإتفاق على جدولة حلّها من قبل أطراف في الإطار التنسيقي وحزب مسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي وخميس الخنجر ضمن إتفاق مُوقّع بين تلك الأطراف تضمّن رجوع النازحين إلى مناطقهم خلال ستة أشهر بعد إخراج الحشد الشعبي منها، وتعويض المناطق المُتضررة من العمليات الإرهابية، والعمل مع الجهات المُختّصة للكشف عن مصير المفقودين وشمولهم بقانون ضحايا الإرهاب، وتفعيل إتفاقية سنجار وإعادة تسليمها إلى مسعود بارزاني بعد أن كانت تحت سيطرة الحكومة المركزية، والتريّث في إجراءات حكومة إقليم كردستان في تصدير نفطها لحين تشريع قانون النفط والغاز مايعني إعطاء الحُريّة الكاملة للإقليم لتصدير نفطه بمعزل عن الحكومة المركزية، وذلك العفو العام الذي يشمل الإرهابيين وسُرّاق المال العام وإتفاقات أخرى، وجدت بعض الأطراف في الإطار التنسيقي أن ورقة الإتفاق السياسي تلك التي تم التوقيع عليها من قبل القوى السياسية قدّمت بموجبه الكُتلة الشيعية المزيد من التنازلات على طبق من ذهب من أجل نيل رضا الكُتل السُنيّة والكردية لِتشكيل حكومة محمد شياع السوداني، مما أثار حفيظتها حين أدركت حجم الخطأ والفخ الذي وقعت فيه من خلال تلك التنازلات التي قد تضرب مصالحها السياسية وحجم نفوذها ومناطق سيطرتها، خصوصاً مُطالبة الأطراف المُوقّعة على إتفاق عودة النازحين إلى مناطق سُكناهم ومنها منطقة جُرف الصخر، والتي تعتبرها بعض المليشيات خطوط حمراء لمنع عودة النازحين إلى منازلهم، وقضية يرى البعض أنه تمت بلورتها في دهاليز السياسة المظلمة بإعتبار قتلى داعش والبعثيين شهداء تُدفع لهم رواتب من خزينة الدولة والتي كان مُجرّد الحديث في تفاصيلها يُعتبر خيانة عظمى في قواميس أولئك وإلغاء هيئة المسائلة والعدالة للبعثيين التي يراها البعض من قادة السلطة أنها إنتصار لرموز النظام السابق.

الورطة السياسية التي أوقع الإطار التنسيقي نفسه بها على أمل أن يتم التعجيل بتشكيل الحكومة وبلورتها ومن ثم إيجاد الحلول لتلك المشاكل يبدو أنها بدأت تكبر شيئاً فشيئاً مثل كُرة الثلج التي تتدحرج لتسحق من يقف أمامها، فإستمرارية عمل الحكومة باتت على المحّك خصوصاً حجم التنازلات وذلك الثمن المدفوع سَلفاً والذي تراه بعض الأطراف أن السعر لايتلائم مع البضاعة السياسية المعروضة.

هل وَقَع الإطار التسيقي في الفخ؟ بالتأكيد سيكون الجواب ضمن المُفاجآت التي تحملها الأيام القادمة، فأمريكا التي وافقت ظاهرياً على تشكيل هذه الحكومة كانت تحتفظ ضِمناً بشروط وإملاءات تُلزم حكومة السوداني في تطبيقها، وما جولات السفيرة الأمريكية ألينا رومانوسكي بين أروقة الوزارات العراقية والبنك المركزي والزيارات المكوكيّة للقاء السوداني إلا دليل على مُراقبتها لتنفيذ تلك الشروط.

خطوات السوداني يراها البعض مثل سَلفه رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، مايدّق ناقوس الخطر لدى هذا البعض ويجعل من التشكيك هاجساً للطعن بها وبأهليتها.

ويبقى السؤال..هل ستسمح بعض الأطراف في التنسيقي وخصوصاً التي تمتلك أجنحة مُسلّحة من قضية التدخل الأمريكي وذلك التمادي في الشأن السياسي لحكومة تم تشكيلها من قبل أطراف مُقرّبة من إيران؟.

بالتأكيد الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى بعض الوقت ولكن ليس ذلك الوقت الطويل ليُعاود ذلك التوتر أجواءه بين الأطراف، وتأكيداً لما هو مؤكد فإن أزمات العراق تبقى مؤجّلة إلى إشعار آخر لِحين البت بها…ولكن إلى متى يبقى هذا التأجيل؟.