الواقع الغابي المعاصر ربما ستغادره مفردة نصر , وستُمحى من قاموس اللغة , فالدول بأسرها ضعيفة وقوية , إمتلكت أدوات التفاعل التدميري مع غيرها , فلا يوجد تدمير من جانب واحد , فالتدمير يصيب جميع الأطراف ويختلف في درجاته.
الحروب المعاصرة لا يوجد فيها إنتصارات , وإنما تفاعلات تصارعية إنهاكية تصيب الأطراف الداخلة فيها.
وأضرارها ما عادت محصورة في ميدان ما , إنها تشمل كل شيئ يتصل بالأطراف المتحاربة.
الدول مهما توهمت القوة لن تنتصر في أي حرب تخوضها , والأمثلة واضحة أمامنا في العراق وأفغانستان وغيرها من البلدان.
في مطلع القرن الحادي والعشرين , جاءني زميلي هاتفا وأنا في مكتبي وهو يردد: لا نصر بعد اليوم , أي حرب خسارة , فلا رابح في حروب هذا القرن.
وأخذ يأتيني بأمثلة على ما يقرأه عن مغامرات الحروب التي كانت قائمة في حينها , وتبين بعد سنوات بأن ما كان يصرّح به صحيحا.
القرن المعاصر الحروب فيه عقلية , فكرية , تكنولوجية , وليست كما عهدتها البشرية , وإنترنيتية , كما يسميها زميلي المفتون بإبداعات العقول الخارقة الأفكار , والقدرات على تحويلها إلى موجودات فاعلة في حياتنا.
فمن سينتصر في الحروب العاصفة في الدنيا؟
العقل يقول لا نصر بعد اليوم , والجميع خاسر لا محالة!!
والمشكلة التي تواجه البشرية , أن العقل تعطله الحروب , وتؤجج العواطف المسعورة والإنفعالات العدوانية الحارقة , التي تنطلق كالبركان الهائج , وبعد أن تلقي بحممها التدميرية , تثوب إلى عقلها , وتبدأ بقراءة الواقع وتحاول ترميم ما خربته , ولكن دون جدوى , فلن يصلح العقل ما أفسدته العواطف المهتاجة!!
و”الدهر كالدهر والأيام واحدة ….والناس كالناس والدنيا لمن غلبا”!!
فهل ينفع القول: “وقفت وما في الموت شك لواقف…كأنك في جفن الردى وهو نائم”؟!!