هناك انتاج وهناك توزيع وهناك اعادة توزيع وهناك تبادل واستهلاك.
هذه الفعاليات تشبه في طبيعتها وموضوعيتها ، قوانين الفيزياء والرياضيات ، من حيث انه لاوطن لها او انتماء قومي او جغرافي .
انها تخضع لقوانين وشروط وآليات، بغض النظر عن المسميات التي يطلقها عليها البعض لتمييزها وتحويلها الى انماط مختلفة تتبع هذا النظام او ذاك او ذلك البلد او ذلك الحزب وتلك الايديولوجيا .
اقول ذلك للأشارة الى ماكانت تنشره وسائل الاعلام والدعاية خلال حقبة الاتحاد السوفيتي والتي تتحدث عن الاقتصاد الاشتراكي وقوانينه وكيف يتوقف عمل بعض قوانين السوق كلياً او جزئياً في ظل النظام الاشتراكي في ادارة الاقتصاد ( قانون القيمة مثلاً).
قوانين الاقتصاد الاشتراكي المزعومة، كانت فرضيات سياسية وضعها بعض الايديولوجيين وجعلوا اقتصاد بلدانهم ميداناً لاختبار تلك الفرضيات والتي ثبت بالتطبيق انها ليست قوانين وانها جزء من ايديولوجيا ترفع شعار الاشتراكية !!
لقد تلاعبوا ،بشكل سياسي، باشكال الادارة وجعلوا مهمة الادارة والتنظيم في ايدي موظفين حكوميين ليس لديهم دافع للتطور . واصبحت القرارات ادارية لاتخضع للمنطق الاقتصادي وزعموا ان تلك هي قوانين الاشتراكية.
كانت نتيجة محاولة تطبيق تلك القوانين، سقوط الإتحاد السوفيتي والمنظومة الشيوعية بفعل تراجع الكفاءة الاقتصادية وغياب الحساب الاقتصادي.
تلك المنظومة كانت ترفع اجمل الشعارات وقادتها بشكل عام ليسوا من الأثرياء ، لكنها لم تنجح في توفير العيش الكريم والتطور المنشود لبلدانها ..
الغريب ان العديد من الدول النامية اتبعت نفس المنهج ونفس القوانين الافتراضية ، فأصابها ما أصاب تلك المنظومة . ومن تلك الدول، الهند والبرازيل ومصر والعراق.
العراق حاول ان يذهب بعيداً باختراع مفهوم الاشتراكية العربية ( وهنا يلبس علم الاقتصاد ثوباً قومياً).
كانوا يتحدثون عن الاشتراكية العربية بنوع من الثرثرة والانشاء الفارغ ، ولا ادري ماعلاقة القومية العربية بعلم الاقتصاد؟
وحتى ربط الاقتصاد بالاسلام ومحاولة تأليف شيء اسموه الاقتصاد الاسلامي، يعتبر عملية غير موفقة .
بعض النصوص الاسلامية تناولت قضاياً محددة مثل شروط التجارة العادلة والنزيهة وكذلك تناولت بعض قضايا العدالة وشجعت على شكل من اشكال معالجة الفقر. وهنالك خلافات فقهية حول بعض الضرائب الواجبة على
الاغنياء. اي انها مواضيع تتعلق بالتبادل واعادة التوزيع فقط.. ولايوجد حديث ، على حد علمي عن الانتاج وآلياته وشكل الملكية.
في اسكندنافيا وعدد آخر من الدول ظهرت احزاب اشتراكية ديمقراطية ، لكنها لم ترفض علم الاقتصاد الحقيقي والموضوعي ، بل انها كانت تركز على عملية اعادة توزيع الفائض من خلال نظام ضريبي تصاعدي يقتطع جزء من عوائد الأثرياء لكي يعاد توزيعها على الفئات الاقل دخلاً
( من خلال توفير التعليم والصحة والخدمات العامة)من اجل تحقيق قدر مقبول من العدالة الاجتماعية.
وحتى برامج تلك الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية كانت تتعرض للانتقاد من قبل القوى المحافظة لانها تقلل من حوافز رجال الاعمال من ناحية كما انها تشجع الفئات الافقر على الكسل وتُشيع الاعتمادية بينهم وتُفقدهم الحافز للتطور.
وهنالك آراء تقول ان اعادة التوزيع والضرائب التصاعدية والضمان الاجتماعي الخ.. كلها عناصر ساهمت في إلغاء دوافع الثورة والغضب الاجتماعي وقلصت نفوذ اليسار في تلك الدول