حرب التحالف بقيادة السعودية تغرق في اليمن.. والنصر الذي كان يُتوهم سريعاً وحاسماً بات أبعد من الخيال. تلخص الكاتبة (هيلين لاكنر/ Helen Lackner) في مقالها الطويل على موقع (أوبن ديموكراسي/ Open Democracy) البريطاني، بعنوان “هل يمكن للتحالف الذي تقوده السعودية أن يكسب الحرب في اليمن؟”، إلى تذكير أحفاد الملك عبدالعزيز بنصيحة جدهم “أنتم لا تعرفون شيئاً عن اليمن”. حيث قالت مِن الأحسن لمحمد بن سلمان أن يتذكر نصيحة جده حول اليمن …
وأضافت الكاتبة، إنه في عام 1934 دخلت المملكة العربية السعودية، التي أُنشئت حديثاً، في حرب ضد الإمامة باليمن، وسيطر السعوديون على محافظات عسير وجيزان ونجران، وبعد أن حقق الملك عبدالعزيز هدفه سحب قواته بعدها بوقت قصير.
وعند معارضته عن الانسحاب الفوري من تلك المناطق، في الوقت الذي كانت قواته في أوج قوتها، رد بالقول: “أنتم لاتعرفون شيئاً عن اليمن، إنها الجبلية والقبلية. لايمكن لأحد السيطرة عليها. على مر التاريخ كل الذين حاولوا السيطرة عليها باءوا بالفشل. كانت الدولة العثمانية آخر الغزاة الفاشلين. أنا لا أريد توريط نفسي أو شعبي في اليمن”.
وأشارت، أنه على الرغم من مرور عشرة أشهر على الحرب الحالية التي تقودها السعودية في اليمن، لكن من الواضح أن هذه النصيحة لم تتغلغل في وعي محمد بن سلمان، وزير الدفاع الحالي نائب ولي العهد وحفيد عبدالعزيز.
ولفتت، أن الغارات متواصلة، وبشكل يومي وعلى مدى عشرة أشهر، في جميع أنحاء البلد. علاوة على ذلك، تدخلت قوات برية في اليمن من العديد من دول التحالف: عدد قليل من السعوديين والإماراتيين (بما في ذلك قوات خاصة من أمريكا الجنوبية والكولومبيين وغيرها، بقيادة استرالي)، أضف إلى ذلك قوات سودانية، بحرينية، قطرية، كويتية، وبدعم من القوات السنغالية والمغربية تقاتل إلى جانب القوات السعودية في الحدود.
وقالت: إن الوضع العسكري العام قد بلغ حالة من الجمود، في حين أن عدد القتلى اليمنيين ارتفع إلى 6000 بحلول نهاية 2015 وأكثر من 20 ألف جريح، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. والوضع الإنساني في حالة طارئة مع 21.2 مليون من السكان، أي بنسبة 80% من السكان في حاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
ومنذ السيطرة على عدن، في أغسطس 2015، ظلت المدينة غير آمنة تماماً وبهجمات تكاد يومية من قبل مجموعة من الفصائل المسلحة المختلفة من الجماعات الانفصالية والقاعدة وداعش والجماعات السلفية الأخرى، إضافة إلى اللصوص العاديين وقطاع الطرق.
وبعد شهرين من تعيين محافظة عدن، تم استهدافه بسيارة مفخخة من قبل متشددين من “داعش”. فيما الرئيس هادي الذي عاد هناك في نوفمبر 2015 يقيم في قصره الجبلي وحيداً، ويغامر بالخروج على طائرات الهليوكبتر ولمدة قصيرة.
وأضافت، أنه لم يظهر الجمود العسكري أي مؤشرات فورية على انتهائه، فادعاءات السيطرة على الأرض بمساعدة الغارات الجوية، مستمرة بشكل روتيني في نفس المناطق: ميدي وحرض وعلى ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود السعودية، حول مأرب، وشبوة، البيضاء والضالع.
وتابعت بالقول: لايبدو هناك أي انتصار عسكري في الأفق، في ظل استمرار الجمود على أرض الواقع، وعدم وجود أي تقدم ملحوظ في المفاوضات.
وكشفت، أن هناك خلافات سياسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، الذين يعتبرون الإخوان المسلمين كالشياطين.
وبينت، أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط شكل عجزاً للنظام السعودي في الميزانية للمرة الأولى منذ عقود. 200 مليون دولار شهرياً تنفقها على الحرب في اليمن وهي تعتبر عاملاً مساهماً كبيراً.
مشيرة، أن الانتصار العسكري الذي كان من المتوقع أن يكون سهلاً وحاسماً في مارس الماضي، أصبح الآن أبعد من الخيال، وهذا يؤثر على كل القادة السعوديين الجدد وخططهم من أجل الهيمنة المحلية وكذلك في التحديات – ليس فقط داخل أسرة آل سعود – ولكن أبعد من ذلك، العديد من السعوديين ستتأثر ظروفهم المعيشة في ظل خفض الدعم وفرض الضرائب الجديدة.
من يقرأ التاريخ، مؤخراً، سيلاحظ ما حدث لآلاف الجنود المصريين الذين تم إرسالهم لدعم النظام الجمهوري عام 1960 إلى اليمن.
واختتمت هيلين لاكنر مقالها في موقع “أوبن ديموكراسي”: “من الأحسن على محمد بن سلمان بأن يتذكر هو ومن معه نصيحة جده، والبحث عن طريقة للخروج من تلك الحرب، كما أنه من المثالي لو ترتب عليه إقامة نظام عادل ومنصف في صنعاء.
وفي الوقت نفسه ينبغي عليهم أن يظهروا بعض الاحترام للقانون الدولي الإنساني، ويضعوا حداً للغارات التي تقتل وتشوه المدنيين من الرجال والنساء والأطفال، فضلاً عن تدمير المنشآت المدنية الطبية وغيرها في جميع أنحاء البلاد. كما يتعين على حلفائهم وداعميهم في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، أن يثبتوا أنهم ليسوا مجرد أدوات بسيطة ووكلاء للنظام السعودي .