23 ديسمبر، 2024 3:07 م

هل يمكن بناء الدولة المدنية على أنقاض تجربة الإسلام السياسي الفاشلة ؟

هل يمكن بناء الدولة المدنية على أنقاض تجربة الإسلام السياسي الفاشلة ؟

لعل تداعيات تجربه الإسلام السياسي في إدارة الدولة العراقية ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق دليلا حاسما على فشل تجربة هولاء في إدارة الدولة حين يعملون في بيئة ديمقراطيه حديثة العهد !!
فعندما يصرح دولة رئيس وزراء دولة القانون بأنه سوف لن ( يعطيها ) !!
فل غرابه ان  يصّرح قيادي بارز آخر في حزب مشارك في العملية السياسية مثل هادي العامري وهو يقول ( أنا لا أأمن بالديمقراطية التي تأتي بابن الشارع ليقودني …  لأن السلطة لا يقودها إلا المناضلون …. ونحن المناضلون فقط )  !!
فهذا الأسلاموي  يعتقد ويفهم الواقع من خلال مقولات حزبه الأيدلوجية المتعالية . وقناعته أن أفكاره هي الحق المطلق فعلى الجميع أن يعدّل من وضعه ليوافق تلك المقولات التي يؤمن بها هذا الإسلامي والتي هي بالنهاية تأكد على صحة أفكاره لأنه يعتقد انه يدير معركة ربانيه وأن النصر النهائي كفيل بتجاوز كل الأخطاء وبالوقت نفسه لا يكف هذا الإسلامي من تجّيير المرجعيات الدينية من اجل إضفاء طابع كهنوتي على هدفه السياسي تجعل من المواطن أسيرا لأهواهم التي ليس لها حدود وربما تتجاوزن حدود الشرع , وحينما تتطلب منه الأمور على التحالف مع من يتناقض معهم فكريا أو حتى على مستوى المرجعية فأنه لا ينفك على تقديم بعض التنازلات التكتيكية والتي فيها يمارس كل أنواع الخداع من اجل تحقيق غاياته فيتحالف مع من يعتقد ببطلان أفكاره أو حتى من يكّفره في السر أو العلن .حينها يرفع شعارات الحداثة لان ضرورات الصراع تتطلب مواجهة الخصوم بأدواتهم من باب التقية التي أجاز له مذهبه !!
وإذا فرض على تلك الأحزاب الإسلامية العمل في أجواء ديمقراطيه فهي تلجئ العمل بوجهين وجه ظاهر يتبنى الحد الأدنى من القيم المعاصرة التي تسمح لها العمل وتجعلها مقبولة في الساحة التي تنشط فيها ووجه خفي يعبر عن قناعاتهم الحقيقية وهذا الوجه في الغالب يسخر من الوجه الظاهر!!
لهذا فأن الإسلامي المسيس تهيمن عليه فكرة السلطة لأنها القوه القاهرة لكل أعدائه وعندما يحس أن الاستحواذ على السلطة صعب المنال وان أدواته القديمة للهيمنة السياسية والدينية قد أفل بريقها وتأثيرها لذالك تراه يستخدم العنف في كل أوجهه وربما تصل حد التصفيات الجسدية وحتى مع اقرب حلفاء الأمس من اجل قطف ثمرة السلطة ناهيك من أن السلطة هي طريق الثراء والمدخل الفعلي لإشباع الرغبات والمصالح وشد أزر الحزب أو الجماعة وتجربة العراق خير مثال على قولنا هذا فأصدقاء الأمس أصحاب الخنادق المتجاورة سرعان ما أصبحوا الأخوة الأعداء عندما انفرد احدهم بالسلطة ففتحوا عليه أبواب جهنم ولا زالت مشرعه إلى أن يجبروا حليف الأمس على الصعود إلى قاربهم الذي بدا هذه المرة خاليا من الجرذان !!
لهذا يخطأ البعض من القوى السياسية العلمانية أو القوى اللبرالية حين يعتقدوا أن هولاء قد غيروا من خطابهم وأصبحوا أكثر حكمة في طرح أرائهم أو ربما آمن هولاء بالديمقراطية وبالتداول السلمي للسلطة , لهذا  زحفوا نحو التحالف مع تلك القوى الإسلامية يدفعهم هاجس الاستحواذ على السلطة والجاه معتقدين أن تلك التحالفات قد تبعد عن تلك الأحزاب الإسلامية صفة الطائفية !!
وهم بذالك واهمون لان عقلية الإسلام السياسي عندما تمسك بالسلطة تتحول إلى أداة لتعميم فكرها وتعبئة أعضائها والمجتمع برؤية دينيه مؤدلجه تتضمن في أهدفها إلغاء الأخر.
والأحزاب الإسلامية عندما تسيطر على السلطة فأنها تعمل على دمج مؤسسات ألدوله في بنية الحزب ألتنظيمه ويعيد تشكيلها من حيث الوظيفة والأشخاص بما يخدم لتحقيق أهداف الحزب وبذالك يلغي دور مؤسسات الدولة المدنية التي تسعى إليها الأحزاب العلمانية واللبرالية ويمكن ملاحظة هذه الحالة حينما حوّلت الأحزاب الإسلامية الحاكمة ألان في العراق المؤسسة التعليمية ومنظمات المجتمع المدني إلى واجهات لتك الأحزاب مما افرغ العملية التربوية من فحواها وجعل تلك المؤسسات فاقده لمعناها وجوهرها وطبيعة عملها !! .
وتكمن خطرة الأحزاب الإسلامية على بنية المجتمع من خلال كون تلك الأحزاب لا يمكن تحديثها أفكارها
لان تلك ألأفكار أصبحت حقائق دينيه لا يمكن القفز عليها بعكس الأحزاب المدنية التي ربما تعاني من إشكاليات في تنفيذ مشاريعها وقد تعاني من تناقضات بين رؤيتها والواقع التي تعمل فيه لكن يضل الحزب المدني مفتوحا للتغيير ومن السهل تجاوز سلبياته من خلال التجديد والقدرة على مواكبة التغيرات مما يجعل الحزب متحررا من تبعات الماضي.
لهذا فعلى القوى السياسية التي تسعى أو سعت إلى تحالفات سياسيه مع قوى الإسلام السياسي إلى إعادة النظر في تك التحالفات لان العمل على بناء الدولة المدنية وتحرير الفكر من العقلية الماضويه المؤدلجه تصطدم بعقلية الإسلام السياسي العاجزة بطبيعتها من بناء مجتمع متوافق مع متطلبات العصر وأن التحالف مع تلك القوى يمثل خطر كبير على ألدوله وخاصة وان البلد يعاد بنائه من جديد على ركام دوله سابقه
صحيح إن ثمن إلغاء تلك التحالفات سيكون مكلفا للمواطن وللبلد لأن هولاء إذا ما فشلوا في التربع على كرسي السلطة من جديد بعد إن مارسوا كل أنواع الخداع والتضليل واستخدام الدين في الوصول إلى غاياتهم بحيث إن المواطن وصل إلى قناعه قبل ساسته من إن هولاء لم يستطيعوا بناء الدولة العصرية المدنية التي كانوا يحلمون بها فلقد أصبحت أيامهم عبارة عن نوح وجلد للذات وأدلجه لطقوس دينيه مع تقيد الحرية الشخصية لحساب المؤسسة الدينية , لهذا فمن الممكن إن يلجأ القوم وبعد ان يفقدوا السلطة ان يقاتلوا هولاء بشراسة حتى آخر نفس تحت شعار ( هيهات منا الذلة ) .!!
لهذا فعلى القوى الوطنية واللبرالية والعلمانية استغلال هشاشة البناء التحتي لهذه الأحزاب الإسلامية  . وذلك من خلال  بناء تحالف يكون سدا منيعا يحول دون وصول قوى الإسلام السياسي لتسنم السلطة فتره أخرى من خلال العزف على مظلومية إتباع أهل البيت وكذالك ادعاء وهولاء الإسلاميون  بأن تلك القوى ما هي إلا قوى كافره تحاول نشر الرذية والفساد ومحاربة قيم الإسلام
أن على تلك القوى إن تضع ( الأنا ) جانبا وتتنازل عن الكثير من استحقاقاتها لصالح بناء صرح يجتمع عليه أبناء الوطن بفسيفسائه المتعددة
لأن على تلك القوى مسؤولية وطنيه تنقذ فيه البلد من الاستبداد الديني التي هيمن على الساحة السياسية العراقية خلال السنوات السابقة ولولا تشرذم القوى الوطنية لما استطاعت خفافيش الإسلام السياسي من الاستفراد بالسلطة المطلقة وقيادة البلد إلى ما عليه الآن من فوضى تضرب بأطنابها كافة مناحي الحياة التي توقع بعض الحالمين أن يكون لون زاهيا !!
اننا ندعو الى بناء عراق قوي موحد يكون فيه القانون هو الفيصل في حل المنازعات  وكذلك الفصل بين السلطات  كي يتساوى فيه الجميع على مبدأ المواطنة في الواجبات والحقوق وتكون فيه المؤسسة الدينية مرجعيه لكل العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية أو العرقية وعلي هذه المؤسسة ان لا تدس بأنفها في الشان السياسي او الحكومي وان تنظر للجميع بعين واحدة وتكيل بمكيال واحد وأن لا تتدخل بالشأن السياسي ما لم تستشار فيه
حينذاك ستعاد للعمامة هيبتها وقدسيتها بعد ان كانت قاب قوسين او ادنى من ان  تهوى عن عرشها بفضل فساد عمامة الاسلام السياسي !
[email protected]