23 ديسمبر، 2024 3:41 ص

هل يمكن الحكم على المجتمع ثقافيا؟ من وسائل التواصل (التفاعلية) ؟!

هل يمكن الحكم على المجتمع ثقافيا؟ من وسائل التواصل (التفاعلية) ؟!

((تنويه: ان تحاشيت ان تقرأ هذا لطوله فانت منهم!))
كثيرا مايقال لك عندما تنبري منتقدا، بأن مجتمعنا غير واعٍ او غير مثقف او لايقرا او او ..ايّ من الاحكام السلبية ،،”لاتقل هذا فلايمكن الحكم على مجتمع كامل من مؤشرات بسيطة او حالات انفرادية”.. وما الى هذا من الاعذار التي تبدو من ظاهرها علمية او موضوعية ولكنها في الحقيقة غير دقيقة ولاتشكل أدلة واقعية .
فاننا لو تصفحنا بشكل يومي مواقع التواصل الاجتماعي (التفاعلية) وليست التراسلية ،،وأمعنّا النظر بها كلها لَتهيّأَ لنا الحكم بسهولة على ثقافة المجتمعات او مجتمع معين بشكل عام على الاقل وليس تعميما ،،ويبقى الافراد او المجاميع والفئات المتميزة كما هم في كل زمان ومجتمع وتحت اي ظرف لايعَدون مع عموم المجتمع ان حكم عليه بالسلب .
فاذا فعلنا هذا المسح العشوائي المنتظم على مجتمعنا اليوم في العالم العربي او المحلي ومن غير الحاجة لأي متخصصين في علم الإحصاء ،نستطيع ان نلاحظ بسهولة ان المجتمع (تافه) الى حد بعيد ،،ويمكن الحكم عليه بأنه غير مثقف وغير مستعد للتثقف وان بدت الفرصة كبيرة في الحقيقة بسبب تلك الوسائل التواصلية والتفاعلية نفسها التي ساعدتنا على الحكم.
وهذا يَظهر لك جليا عندما تلاحظ وتلمس بيدك ان خبرا او منشورا او قصيدة او تحليلا جادا من قبل احد المختصين او الكُتاب او الاعلاميين لايلقى ايَّ صدى ولا تمتد اليه الا ايدي القليلين لإبداء الاعجاب به فضلا عن مناقشته او التعليق عليه ،بينما اذا نشر مراهق جملة عابرة او صورة غابرة او كتبت مرأة كلمة تافهة لاقيمة لها، تجد مئات المعجبين والاف المتابعين والمعلقين ! فاذا وجدت نفس الشيء يحدث في كل مكان ومن كل جمهور وعبر كل منصة تواصلية .فاعرف ان حكمك السلبي على هذا المجتمع صائب.
والأدهى من هذا ومايستغرب له هو ان الطبقة التي فرزناها قبل قليل عن هؤلاء والتي كان يعول عليها قديما (قبل عصر النت ) بقيادة المجتمعات وتوجيهها والتي تسمي نفسها طبقة المثقفين ومنهم الشعراء والصحفيون الاعلاميون وبعض من يحاولون الكتابة الادبية والفلسفية والاجتماعية ،صارت تشجع على هذا الامر وتتحاشى سخط الجمهور ان هي تبعت الطرق الصحيصة في الكتابة والتثقيف متعذرة ب” ان الجمهور لاقبل لهم بالقراءة الطويلة” ولاحتى القصيرة او “ان الزمن ماعاد يناسب ذلك” وان الجمهور يسمع ولايقرأ ! او انه لامزاج له بالمتابعة الادبية !وانا اقول له :طيب فلاحاجة له بالثقافة اذن ! ارايت البلدان المتقدمة التي يفترش ابناءها وبناتها مقاعد بل وارض القطارات والباصات في يومنا الحاضر هذا وهم يطيلون النظر منكبين على كتب او صحف او حتى مقالات الكترونية طويلة وماتبدل عندهم الا نوعية الورق او الشاشات التي كتبت بها تلك الاعمال الادبية والثقافية او القصصية والشعرية او السياسية والفلسفية التحليلية . فما دهاكم تقيسون الامور وتفصلونها على مزاجات وهوى من يجاهر علنا انه لاقبل له بالقراءة ! بعد ان كان مثل هذا القول يحسب على قائله..حتى ان بعضا من الذين يحسبون انفسهم على الكتابة والادب يخاطبونني لائمين “ناصحين”! حول اسلوبي الكتابي التقليدي لأغلب مقالاتي وتحليلاتي ويطلبون الاختصار والاقتصار والا اقلعَ عن متابعتي الجمهور وماعاد لي بين الادباء حضور ! وانا ارد دوما اننا نوجه الجمهور والذوق العام ونربي الاجيال الحاضرة على القراءة والتمعن وفهم الفكرة بطريق سليم ومن كل جوانبها كما كنا نقرأ لكتّاب وجهونا ايام الشبيبة والصبا وتركوا فينا اثرا تربويا وادبيا لايزول،،
فان شئتم فابتعدوا انتم ..اما انا فلست احيد عن هذا الدرب من الثقافة والقراءة لأتجه الى مغازلة مزاجات من لايقرأون ولايتعمقون ..حتى وان لم يبق لي من جمهوري الا انا وولدي. أملا في اعادة المجتمع الى ذوقه وثقافته وتركه اسفافه وتفاهته.