ظرف دقيق و استثنائي هو الذي صعد بعبدالمجيد تبون الي كرسي رجل الجزائر القوي “رئيس الجمهورية”، ظرف وفره حراك الشارع و ثورة الجيل الجديد التي انهت عقود “بوتفليقة” المنهك..
حراك الشارع و ثورة الشباب و غضبهم المتفجر في الشارع متواصل حتي بعد تنحي الرئيس “السابق” و انتخاب الرئيس الجديد؛ لأن هذا الجيل الصاعد لديه من الوعي ما يجعله يعرف ان تغيير الوجوه لا يضمن تغير العقول و إن وضع البلاد يتطلب تغييراً اعمق و نقلة حقيقة.
لدي “تبون” من الصفات الشخصية ما يمكنه من أحداث تلك النقلة، و رغم انه “ابن البيت” اذ ظل يتقلد مناصب وزارية منذ مطلع التسعينات إلا انه عرف عنه اعتداده بموقفه و زهده في الوظيفة العامة..
فبعد الظرف السياسي الذي وضع “تبون” في الواجهة كمرشح للطبقة العسكرية الحاكمة و رهانها لامتصاص غضب بقية الطبقات، فان الاقدار تدخلت بقوة لتمنح “تبون” فرصة عادلة لتحقيق ما يريد، فالرحيل المفاجئ لرئيس اركان الجيش نائب وزير الدفاع “الحاكم العسكري أو الرئيس الفعلي” الفريق أحمد قايد صالح يضع الرئيس “المنتخب” في مركز أفضل بين الشارع الثائر و بين الطبقة العسكرية و المخابراتية الحاكمة.
ان أمام “تبون” فرصة و حظوظ متساوية بين تلبية مطالب الشعب و تحقيق ارادته باقامة دولة القانون و المواطنة و تأسيس الحكومة التي تخدم و لا تتسلط، الحكومة التي تشرف علي مشاريع تنمية تصب في صالح جميع مواطنيها، و الحكومة التي تنحدر من الشعب و تصغي باذنها لجميع الاصوات المجتمعية. و بين الاستمرار في تنفيذ مخطط الطبقة العسكرية التي تحكم تحت لافتة “جبهة التحرير الوطني” التي لا تخدم إلا مصلحة أفراد قلائل و لا تمثل إلا مجموعة قليلة من المتنفذين.
ما يحتاجه “تبون” لينجح هو أن يعرف ما تحتاجه الجمهورية الجزائرية في هذه المرحلة من تاريخها، و في اعتقادي الشخصي فإن الجزائر بحاجة لطي صفحة حقب التحرير و ارث التخلص من الاستعمار، فقد ظلت الجزائر رهينة لآباء التحرير طيلة عقودها الخمس الماضية منذ أن انقلب الرفاق علي الرفاق (انقلاب بومدين علي بن بيلا) و تم تأسيس حكم اقرب الي الملك استأثر فيه بعض قادة التحرير بالسلطة و بادارة الموارد بمبرر شرعية التحرير و بالرؤية الوطنية فانسد الأفق في وجه الجميع..
ما يحتاجه “تبون” هو تأسيس مشروع وطني للجزائر بمعطيات اليوم و معطيات الغد بدلاً عن المشروع الحالي القائم علي معطيات الأمس وحده!