19 ديسمبر، 2024 3:06 ص

هل يكون بين المالكي والنجيفي .. غالب ومغلوب..؟؟

هل يكون بين المالكي والنجيفي .. غالب ومغلوب..؟؟

مطاحن الموت الجديدة التي مزقت بالأمس القريب اجساد العراقيين في اكثر من مدينة ، ما هي اسبابها ، و من يقف خلف اسوارها ..؟؟ وهل هي اخفاقات للعقلية (النخبوية) السياسية التي ابتلى العراقيون بهم منذ عشر سنوات..؟؟ وكيف يمكن ان نفسر هذا الانزلاق الامني الخطير ، ولا تزال الازمة السياسية القائمة بطولها وعرضها  مستعصية على الحل بسبب الافلاس السياسي للنخب التي تختبىء تحت عدة مسميات دينية وسياسية  تقود البلاد من منعطف خطير الى منعطفات أخطر ..؟؟ مما انعكس اداؤهم الخطير على سمعة الدولة وهيبتها ومكانتها بين الدول ، حتى أصاب اليأس  العراقيين بشيعته وسنته وجميع اطيافه ، وهي مسالة ليست بحاجة للثوابت والدلالات لبرهانها..
لقد تحول العراق بسبب هذه الازمات الى ساحة لتصفية الحسابات بأبشع الوسائل ولا يدفع اثمانها سوى المواطن العراقي المغلوب على امره  (المر)القائم منذ عشر سنوات ، بل وأصبح ضحية حرب شرسة بالمفخخات والعبوات وقودها الاطفال والنساء والشيوخ الذين يدفعون لوحدهم الثمن الاكبر ،  وسط انفلات أمني (مقصود) لزعزعة الاوضاع باتجاه ما يضمن البعض من وراءها المكاسب المادية والسياسية….
الصراع المحتدم بين نوري المالكي واسامة النجيفي صراع لم يشهد له العراق ، وانه ليس بعيدا ان نشهد في القريب العاجل ، وقد سبب هذا الصراع في انهيار الدولة والبرلمان ، خصوصا فكل طرف منهما يعد العدة ان يحسم القضية لصالحه بطريقته الخاصة ، لان المالكي الشيعي يرفض تماما ان يتنازل عن جزء من (الكعكة) للنجيفي السني بسبب الضغوطات الاقليمية التي يحتمه ان يكون بمستوى التحديات التي تواجهها الشيعة في هذه المرحلة ، ولا النجيفي يمتلك الشجاعة الكافية ليعترف بأخطائه الكارثية حين حشر نفسه ان يكون طرفا في الصراع لصالح المتظاهرين السنه الذي بدأ يتسع رقعته بشكل ملفت ينظر اليه الشارع العراقي بمزيد من المخاوف على مستقبله الغامض…
اذن..  وكما أكدناه انه الافلاس السياسي الذي بدأ يدق ناقوس الخطر ، لان الوقائع والمؤشرات تدل ان الاطراف السياسية التي تشارك المالكي في العملية السياسية لا يمتلكون رؤية واضحة للحل لهذا الوضع الشائك والمعقد خصوصا ان كل طرف قد وضعت ما لديها من حلول ، ولم تجدي نفعا بسبب انعدام الثقة وعمق الخلافات ، وبسببها يتجاهل كل طرف ما يطرحه الطرف الاخر كمحاولة لكسب الوقت لتجاوز المرحلة بأسلوب المراوغة والمطاولة بهدف التغطية على الانتكاسات السياسية التي يمر بها البلد..
ولهذا أعتقد ان ما يجري على الساحة السياسية هو تجديد لذروة الخلافات القائمة والمستديمة بين دولة القانون والقائمة العراقية ، ولكن بأسلوب مختلف  ،التي نشأت عقب الانتهاء من الانتخابات العامة قبل اربعة سنوات  ، واستطاعت  حينها دولة القانون ان يحسم نتائجها لصالحها ، ووقعت قائمة العراقية آنذاك فريسة سهلة في شباك الصفقات السياسية ، ولم تجني اياد علاوي رئيس القائمة غير الخيبة من وعودات المالكي اثناء اتفاقية اربيل التي انقذ العراق من عنق الزجاجة ..
 والآن ان ما جرى في الحويجة قد اضاف دعما معنويا للقائمة العراقية ان يشد من عزيمتها باتجاه ادامة الضغط السياسي على المالكي ،ووجدته فرصة ذهبية ان يذهب باتجاه كسب الشارع السني ضد حكومة المالكي الذي يعيش محنة سياسية حقيقية جراء ما ارتكبته قواته القادمة من بغداد  من  انتهاكات بحق المعتصمين  الذين اخترقت ساحتهم من قبل العناصر المرتبطة بأجندات سياسية المناوئة له ولحكومته ، والذين استغلوا اشتداد سواعد المعارضة السورية والمساعدات الغربية والتركية والقطرية بهدف حصر بشار اسد في زاوية ميتة ، والاسراع في انهاء حكمه الجائر وتأثيراته على المنطقة ، و التي وصلت الى هناك بمباركة امريكية قلبت موازين القوى لصالح المعارضة المسلحة هناك…
هذا الوصف في اعتقادي يمثل جوهر الصراع الدائر الذي تأخذ الاطراف السياسية الاخرى منه موقفا متفرجا ودون الاهتمام بأبعاده الثقافية والاجتماعية ، وما سيتركه من تداعيات على مستوى العلاقات الوطنية بين ابناء الوطن الواحد
لقد أخطأ نوري المالكي في حساباته حين راهن على قوته ونفوذه السياسي السلطوي في حسم مسالة الاحتجاجات في الحويجة ، ويخطأ  ايضا حين  يلمح مجددا ان ما جرى هناك يمكن ان يتكرر في المناطق السنية الاخرى اذا ما اصرت تلك الاطراف على الاستمرار في تحديها لمسار العملية السياسية بهدف ارغامه على تقديم الاستقالة والتنحي عن السلطة ،
لهذه الاسباب كانت دولة القانون ممثلة بشخص رئيسها نوري المالكي حريصة منذ اجراء الانتخابات العامة في حينها ان تكون فوزها بالأغلبية الساحقة مسالة حتمية لضمان وحماية المكاسب الشيعية التي تحققت ، وعدم افساح المجال للأحزاب الدينية والعلمانية السنية ، حتى اذا تطلب ذلك التلاعب بأصوات الناخبين ،  بل واقصاء كل القوى السياسية التي تمثل عائقا لبسط نفوذها وفرض هيمنتها على المجريات السياسية ، ولهذا نجد وبالاستناد الى ما يتناقلها الاعلام ان المالكي لم يتورع في توظيف المال العام والموارد لغير أغراضها السياسية والاقتصادية ،منها ما يتعلق بشراء الذمم داخل القوائم السياسية الاخرى المعارضة لسياسته ، فتشكيل الصحوات من ابناء العشائر وتمويلها ماديا    ، هو جزء من مخططه الهادف لشق صفوف معارضيه وشل حركتهم في المناطق التي تقف بالضد من حكومته ، فوجود الانقسامات في ساحات الاعتصام هو تحصيل حاصل لهذا المبدأ الذي يتعامل به المالكي كوسيلة لتشوية الصورة  امام الراي العام ، ولهذا نعتقد جازمين ان الازمة القائمة بين المالكي والنجيفي ستكون تداعياته اكبر من كل الازمات لانهما يمثلان من حيث الدستور راس القائمة الهرمية للنظام السياسي ، ومعركتهما السياسية لابد ان يكون فيها غالب ومغلوب ، لان كل طرف يمتلك مقومات الدفاع والهجوم ، والغلبة في النهاية ستكون لصالح من يملك سلطة الفكر الهادف لبناء دولة خالية من التطرف الديني والطائفي الذي جلب الخراب والدمار لوطن لم يغمض له عين بأمان منذ عشر سنوات …
يقول الناقد المسرحي الامريكي جورج  جان ناثان
من ينتخب المسؤولين الفاسدين ،هم المواطنون الصالحون الذين لا يدلون باصواتهم..!!

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات