4 نوفمبر، 2024 9:18 م
Search
Close this search box.

هل يكون الأستاذ الجامعي كبش فداء؟

هل يكون الأستاذ الجامعي كبش فداء؟

بدأ الحراك الشعبي العارم ضد الفساد والمفسدين، بعد أن انكشفت كل الأوراق، وصار جليا للقاصي والداني من هم فرسان الفساد في البلد، الذين أضاعوا العراق. بتخريب اقتصاده والتفريط بسيادته على مدن وأجزاء كبيرة من أراضيه، وتمكين المفسدين والفاشلين من تولى المناصب المهمة واستغلالها للنهب، من دون أن يتقدموا خطوة واحدة في اتجاه إعادة إعمار الوطن المخرب.

واستبشر الشعب خيرا عندما طرحت الحكومة حزم الإصلاح، وأيدها البرلمان أضاف عليها، وظل الشعب يترقب تنفيذ الإصلاحات وصدور قرارات تكسر ظهر المفسدين. ولكن لم يتحقق شيء جدي مما يريده المواطن، بل بالعكس علق القرار بإحالة أول قائمة من المفسدين، الذين مازالوا يسرحون ويمرحون ويعيثون في الأرض فسادا. وأصدرت أحكام على فاسدين هربوا بأموال الدولة خارج البلد، وتم تقليص الحكومة من دون دراسة علمية مستفيضة، فألغيت وزارات كان ينبغي تطويرها وتم إعفاء وزراء مخلصين مقابل إبقاء آخرين فاسدين أو فاشلين أو الاثنين معا… ويبدو انه لم يبق بيد الحكومة سوى معاقبة المخلصين من أبناء الشعب! فبدأت بالتدريسيين وجردتهم من صرف المكافآت والمحاضرات الإضافية خارج النصاب ومكافآت الإشراف على البحوث وتقويم البحوث وأجور مناقشة الدكتوراه والماجستير وبحوث التخرج والاشتراك في المؤتمرات البحثية داخل وخارج الوطن، وأجور نشر البحوث في المجلات العلمية، وأجور اللجان خارج محافظاتهم.

كل هذا من دون ان يشكو أحد منهم مدركين أن الوطن في أزمة مالية ومن واجبهم أن يكونوا جزءاً من الحل، بل واستمروا في تبرعاتهم للحشد الشعبي والتكافل الاجتماعي.

لكن الحكومة لم تكتف بذلك وكأنها عزمت على تجريدهم من آخر مكتسباتهم. وتمثل ذلك في إلغاء قانون الخدمة الجامعية (ضمن سلم الرواتب الجديد المثير للجدل) من دون دراسة ومعرفة عواقب ذلك على هذه الشريحة من المجتمع العراقي وتأثيراته على العمل الأكاديمي والبحث العلمي وبالتالي على تطور البلد علميا واقتصاديا وصناعيا ومجتمعيا وعلى عموم الثقافة.

هل فكر أحد من المسؤولين وأخص المخلصين منهم بنتائج مثل هذا الإجراء غير العلمي وغير المدروس؟ هل انتبه أحد إلى أن اتخاذ القرارات ليس لعبة خاضعة للأمزجة، في يوم ترفع الرواتب وفي يوم آخر تخفض!؟

وتبقى قضية ينبغي أن يعرفها الجميع وهي أن رواتب التدريسيين ليست عالية بالقدر الذي يتصوره البعض. فالجمهرة الواسعة من حملة الماجستير والدكتوراه بينهم لا تتعدى رواتبهم المليون والنصف مع الخدمة الجامعية التي في حالة إلغائها تصبح رواتبهم 750 ألف في أحسن أحوالها. فما الفرق بينهم وبين أقرانهم من المدرسين والموظفين في الدولة؟ أليست أقل من الكثير من الموظفين الذين لا يحملون شهاداتهم؟ في الوقت الذي يتوجب على الأستاذ الجامعي كتابة البحوث العلمية ونشرها في مجلات محكمة رصينة، والمشاركة في المؤتمرات العلمية في الداخل والخارج، والإشراف على البحوث والإسهام في لجان المناقشة للدراسات العليا، والتدريس في قسم الدراسات العليا، فكيف يستطيع الأستاذ الجامعي ان ينهض بكل هذه المهمات إذا ما خفض راتبه وحرم من المخصصات، وهي تدخل في تقييمه العلمي السنوي وعلى أساسه يكرم أو يحاسب ؟ فضلا عن ذلك أن التدريسي مطالب بشراء المصادر والاشتراك في الدوريات ليكون متواصلا مع ما هو جديد في الطب والهندسة والعلوم الصرفة والعلوم الإنسانية.

التدريسيون يؤيدون حل أزمة البلد المالية والأزمات الأخرى، التي هم ليسوا من أسبابها، وما يقع عليهم يتحملونه شرط أن لا تقصم ظهورهم، وان قانون الخدمة الجامعية حق لهم وهو أبسط حقوقهم فارفعوا أياديكم عنه.

أحدث المقالات