اكثر الشعوب تطوراّ اقلها تظاهراّ وهذا دليل على انها شعوب مرفهة متقدمة , والتظاهر اليوم في الرمادي لم يكن الاول في العراق وقيامة يعني حالة من التقدم في الديمقراطية في مدن كانت مرتع للارهاب , فكانت مدن الجنوب تتظاهر من قساوة الصيف وانقطاع الكهرباء وسوء الخدمات وكثرة الفقر والعاطلين وطلب فرص العمل وتحريك الصناعة والزراعة او الحصول على التقاعد او رواتب للايتام والسجناء ومخلفات الحروب وتعويض الضحايا والسجناء السياسين وتعج مدنهم بذلك الحرمان الذي نخر جسدهم لعقود ,ورغم هذا وذاك لم يتخرط ابنائها رغم فاقتهم للاعمال الارهابية وإنما كانوا من المدافعين عن النظام الجديد دون مقابل ضناّ منهم انه مكسب تضحياتهم والارهاب يتقاطع مع افكارهم , شرارة التظاهر التي انطلقت في الرمادي التحقت بها الموصل وصلاح الدين وتناغمت معها من ديالى وكركوك وتلك المدن حصد الارهاب الكثير منهم وادرك عقلائها خطورة الارهاب على الاموال والاعراض وانه لا يفرق بين عراقي واخر وان المركب للجميع وقفوا بشدة وطردوا تلك المجاميع وبقية لها جذور تحاول الدول الاقليمية تغذية افكارها وترفض العملية السياسية تماماّ مع وجود حواضن وقواعد وكان الرد الحكومي في البداية بقوة ورغم تدخل القوى المعتدلة الوطنية من كلا الطرفين وارسال وفود حكومية للتفاوض الا ان القنبلة كانت موقوتة وبحاجة الى شرارة وتحاول قوى التطرف استغلال هذا الفراغ لأثارة الفتنة واشعال الحريق , اليوم تصادم المتظاهرين في الفلوجة مع قوات الجيش وقتل 5 اشخاص وجرح 56 من المتظاهرين ولد انحراف خطير في طبيعة التظاهرات بأتجاه الهاوية وهذه المرة سوف تعلو سقوف المطالب وتتدخل القوى الاقليمية والقاعدة , الحكومة لا تزال تماطل في ايجاد الحلول في كل المجالات ويحاول النواب المدافعين عن سياستها إلقاء الاتهام على البرلمان ومجالس المحافظات ولكن الكل شركاء تضامنياّ في العمل وهنالك قراءة خاطئة للحكومة في دور البرلمان ورفضها القوانين التي يشرعها في حين ان البرلمان يشرع والحكومة تنفذ او تبدي ملاحظاتها لتعاد للبرلمان واما اذا اقترحت الحكومة فيعرض على البرلمان ليتم التصويت او الرفض للاقتراح , وهذا ما كان له الانعاكاسات في الانسحابات المتكررة من البرلمان والحكومة والتبرير ان هذه هي من أليات الديمقراطية لتعرقل جلسات مجلس النواب والوزراء من دولة القانون والعراقية , وبالحقيقة كلا الفعلين يعطلان العمل وهروب من المسؤولية في مواجهة الحقائق والاعتراف العلني امام المواطن لسوء الواقع الخدمي خاصة ومطالب كثيرة وهذه لا تنتهي بالرمادي وانما تمتد الى مدن الوسط والجنوب ولم تعمل تلك المقاعد التي تشغلها دولة القانون في السعي من خلال اغلبيتها في مجالس المحافظات لتحقيق تطلعاتها انما استخدمتها مرة اخرى للدفاع عن النظام وعلى حساب مطالبها الكثيرة التي تراكمت منذ عقود واكبر من مطالب المحافظات الغربية وقد يصل بها الحال وتشعر بالغبن حينما تنفذ مطالب تلك المدن تحت الضغط والتظاهر ونسيان الوعود تجاههم مما يدفعهم ايضاّ للتظاهر ونزع العقد مع الحكومة وواقعهم يدل على انها مدن اكثر فقراّ وتخلفاّ وجوعاّ في حين انها تطفو على بحر البترول والخيرات وا بد للقائمين الصحوة وترك ذلك التعنت واستغلال الصلاحيات والعودة الى لغة الحوار والنظر في مطالب الجماهير المعلنة وغير المعلنة الايجابية والسلبية في الغربية والجنوب والوسط وترك مفهوم القوة ,وهل يفقد اهل الجنوب صبرهم حينما يشاهدون ان لا احد يلبي مطالبهم ..