السفيه هو المضطرب نفسياً و الجاهل الفاقد للرأي و الاخلاق نتيجة الفساد و غياب الحكمة و الفضيلة ومع هذه الخصال السيئة و السلبية فإنه من غير الممكن أن يولى السفيه مناصب سيادية رفيعة المستوى لان السفيه وكما اسلفنا ضعيف الرأي و فاقد الحكمة فلا يرتجى منه خيراً فحتماً أنه سيولي شرار القوم على رقاب شعبه و اهله وعندها ستخرج الامور من بين يديه و يُدخل البلاد و العباد في دهاليز مظلمة وكما تقول الحكمة الطيور على اشكالها تقع فإن السفيه لا يأتي إلا بسفيه ومن على شاكلته فيجعله سيفاً مسلط على رقاب عامة الشعب فعلى هذا المنوال القذر تشكلت حكومة الدواعش ، فمن المعروف أن أي حكومة تتعرض إلى خطر ولا تستطيع مجاراته فإنها ستلجأ حتماً إلى اسلوب المهادنة و المصالحة بغية درأ الخطر عنها و للحفاظ على شعبها و بلادها فترسل اغلى و أثمن الهدايا و تقدم العديد من التنازلات حتى تتمكن من الحيلولة دون اسقاط عرشها و دفع الخطر عنها وهذا ما تعارف عليه اغلب بلدان المعمورة إلا الدواعش فهم قد خالفوا كل ما تسالمت عليه المجتمعات الانسانية فها هي بغداد تسقط بين ليلة و ضحاها على يد المغول نتيجة سفاهة حاكمها العباسي الذي ترك الامور بيد الدويدار و الشرابي اللذان اشاروا عليه بارسال ما يقلل من مكانة و شخصية هولاكو خلافاً لما أشار عليه ابن العلقمي – و ليس دفاعاً عنه – الذي نصح الخليفة بأن يرسل التحف و الهدايا النفيسة علَّه يُفلح في ثني هولاكو من احتلال بغداد لكن ماذا نقول لحاكم ضعيف الرأي و فاقد العزيمة و الاصرار و السياسة الغير حكيمة و المشورة الطائشة لهؤلاء السفهاء وكما اورده الذهبي في تاريخ الاسلام (ج48/ ص33-35) فقال : ( في سنة 655هـ سار هولاكو من همدان قاصداً بغداد فأشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة ببذل الاموال و التحف النفيسة إليه فثنَّاه عن ذلك الدويدار و غيره و قالوا : غرض الوزير إصلاح حاله مع هولاكو فأصغى الخليفة إليهم و بعث هدية قليلة فتنمَّر هولاكو و اقبلت المغول كالليل المظلم وكان الخليفة قد اهمل حال الجند و تعثروا و افتقروا و قطعت اخبازهم ) خليفة يدمر منظومته العسكرية فيسرح الجند و يقطع ارزاقهم باقتراح من الدويدار و الشرابي مستشارين آرائهم سقيمة و مشورتهم غلطة العمر كانت نتيجتها خراب البلاد و ازهاق ارواح العباد فأي سفاهة كان فيها الخليفة العباسي و حاشيته المفسدة وقد علق رجل الدين الشيعي الصرخي الحسني على تلك المصائب و الويلات التي تجرعها المسلمون جاء ذلك في معرض كلامه بالمحاضرة (42) من بحثه الموسوم ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الاسطوري ) بتاريخ 12/5/2017 فقال الصرخي : (( أفليس هذا مِن أوضح وأجلى معاني السفاهة؟! فكيف سلّموا أمور المسلمين ومقدراتهم وتاريخهم ومستقبلهم بيد سفيه ؟! وإذا كان سفيها فكيف رضي أئمة التيمية بتسلّم السفيه السلطة والخلافة و الإمامة يحتمل أنَّ الذهبي كان ملتفتًا إِلى معنى وحقيقة وتجسّد السفاهة ، ولهذا لم يُشر هنا إِلى أكذوبة أنَّ ابن العلقمي قد أشار إِليه بقطع أكثر الجند وتسريحهم ، لأنَّ هذا يُثبتُ قمَّة السفاهة و أفحشها ، حيث يأخذ بنصيحة عميل خائن رافضي جَلْد خبيث !! ويؤيد هذا ويؤكدُهُ أنَّ الذهبي في هذا المقام قلَّل مِن دور عمالة وخيانة ابن العلقمي في سقوط بغداد وخيانتها ، فلم يُحمّلُهُ كلَّ ما حصل ، ولا الدور الرئيس فيما حصل )).