يواجه المختصون والمهتمون باللغة العربية صعوبات تتصل بالنحو والصرف أحيانًا، وتتصل بالإملاء أحيانًا أخرى، وهناك شبه إجماع على أن الصعوبات في قواعد اللغة العربية، أي في النحو والصرف، هي الأشد والأكثر تعقيدًا، وأن هذه الصعوبات هي التي تؤدي إلى ضعف اللغة العربية بالنسبة للذين يكتبون أو يتحدثون بها، ثم هناك فوق ذلك كله تلك المشكلة الأساسية، وهي أن اللغة الفصحى ليست هي لغة الحياة اليومية في العالم العربي، ولكن لغة الحياة هي «العامية»، وهنا تظهر أخطر مشكلة تواجه اللغة العربية مشكلة الازدواج اللغوي، أي وجود لغتين لكل مواطن، إحداهما يتم استخدامها وهي . في الحياة اليومية، والثانية هي لغة الكتابة والقراءة.
ومن هنا فإن الازدواج اللغوي هو حقيقة مزعجة
لا مفر من الاعتراف بها في اللغة العربية، والإنسان العربي مضطر إلى استخدام لغتين
يقول الكاتب شريف الشوباشي : “علينا، بعيداً عن النفاق، أن نعترف بأن طلبة المدارس – عندنا – يكرهون حصة اللغة العربية، وينعون همها أكثر من أي مادة تعليمية أخرى
فإلى متى نجعل أطفالنا وشبابنا يتجرعون عذاب القواعد «العربية» المعقدة التي عفا عليها الزمن، ولم تعد تواكب العصر”.
وتتجاوز القضية تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات، حيث لا يكاد يوجد شخص في العالم العربي لا يخطئ في اللغة، وحتى الذين يتباكون على اللغة ويتهكمون على أخطاء غيرهم هم غير قادرين على القراءة والكتابة دون خطأ باستثناء بضع فئات معدودة من المتخصصين في العالم العربي کله !!
ونتوقف أمام ملاحظتين؛ الأولى تتصل بالأخطاء الشائعة في اللغة العربية؛ فالحقيقة أن معظم الناس يخطئون حتى لو كانوا من كبار المتخصصين.
نعم، من الممكن أن يرتكب الكُتَّاب أخطاء في استخدام اللغة العربية في مقالاتهم، وذلك للعديد من الأسباب:
منها نقص المعرفة النحوية والإملائية مما يؤدي إلى أخطاء في الصياغة والإملاء، بعض الكُتَّاب قد يميلون إلى استخدام الكلمات والعبارات العامية بدلاً من المصطلحات الفصيحة، مما يؤثر على جودة النص،
والبعض الآخر يأتيه الخطأ
نتيجة التسرع في الكتابة في وكذلك عدم المراجعة والتدقيق الكافي، وهذا كله يؤكد بالفعل أن سلامة الكتابة العربية من الخطأ بصورة نهائية حاسمة لا تتوافر إلا لعدد قليل جدا من المتخصصين.
ولكن السؤال الذي لابد منه هو : هل منعت مثل هذه الأخطاء الكُتَّاب والأدباء
من أن يكون صاحب أسلوب عربي بالغ الجمال؟
وهل منعت من عرفوا بالأخطاء في كتاباتهم ومنهم طه حسين وسلامة موسى،من أن يكونوا فارسينِ للأدب والكتابة،
وإيقاع يأسر القلوب كما تأسره الألحان الرائعة، وما قلنا أنّ مثل هذه الأخطاء أصبحت شائعة جداً، وهي تدخل في باب الإهمال والتساهل والفقر الشديد في الثقافة اللغوية، على العكس من الأجيال السابقة الذين كانوا يدركون أن الثقافة اللغوية ضرورية، ليس فقط بين الأدباء والكتاب والمذيعين وغيرهم، بل كانت هذه الثقافة اللغوية ضرورية للمحامي والقاضي والطبيب والمهندس وأستاذ العلوم وغيرهم،
ومع ذلك، هناك كُتَّاب متميزون يحرصون على سلامة لغتهم العربية وتجنب الأخطاء قدر الإمكان، كما أن بعض المؤسسات الإعلامية والنشر تقوم بتدقيق النصوص قبل النشر للحفاظ على جودة اللغة.