يحلو للبعض من الكتاب والصحفيين تجاوز كافة الأسس والمعايير المهنية في الصحافة والإعلام ، إذ يطلق العنان لخياله الساحر وباسم المصادر النيابية البارزة ليعلن عن وجود صفقة يتم من خلالها إصدار عفو خاص عن شخصيات متهمة بالإرهاب بينها المدان طارق الهاشمي و 14 نائبا من البرلمان ، ولم يكتفي هذا الخيال بهذا الخبر بل يصور أن الساعي إلى هذا الاتفاق أو الصفقة كما يسميها هؤلاء الكتاب رئيس الوزراء لان الغاية من وراء قرار العفو الخاص ترتيب الأوضاع الداخلية وتشكيل تحالف جديد خاصة مع مشعان الجبوري وغيره من المتهمين بدماء العراقيين الأبرياء فضلا عن هذه الصفقة وحسب مروجيها ، ربما تأتي في إطار مساعي رئيس الوزراء نوري المالكي لجذب العرب السنة إلى مشروعه القاضي بتمديد عمل البرلمان والحكومة لمدة سنتين على غرار ما حصل في إقليم كردستان، بانتظار إن يتم إعادة نظام الانتخابات السابق ، بدلاً من سانت ليغو الذي تمت بموجبه انتخابات المجالس المحلية.
والأدهى من ذلك يرى هؤلاء الكتاب إن العرب السنة يرفضون هذه الصفقة ، لاسيما ائتلاف متحدون وبالتالي السؤال المطروح لماذا يروج هؤلاء لمثل هذه الأخبار البعيدة عن الحقيقة وبهذا الوقت بالذات وهناك مناقشات حول قانون الانتخابات البرلمانية ، هل وصل التسقيط إلى الكذب والاتهامات الباطلة فلو كان رئيس الوزراء يريد استثمار قضية الهاشمي لما سعى إلى فضحه في الإعلام ونقل اعترافات حمايته على الفضائيات حتى يتم قطع الألسنة المشككة في نية القائد العام للقوات المسلحة في نقل القضية إلى القضاء المستقل الذي لن يسمح بتسوية قضية الهاشمي سياسياً على أساس أن هناك جريمة إبادة جماعية من خلال عمليات إرهابية تجاوزت ثلاث مائة عملية راح ضحيتها المئات من المدنيين والقوات الأمنية ، وبالتالي لا سلطة للمالكي على تسوية القضية لأنه من البداية أراد أن يكون القرار بيد القضاء على الرغم من النداءات التي نصحته بعدم نقل القضية وتسويتها سياسياً وهكذا أعطى المالكي الأمر إلى القوات الأمنية لعرض الاعترافات على الإعلام حتى لا يبقى مشكك واحد في نية رئيس الوزراء .
من هنا محاولة البعض طرح هذه القضية في الإعلام لا تخلو من التسقيد السياسي الرخيص والحملة الإعلامية المدفوعة الثمن لنيل من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وهذا يضاف إلى الحملات المسعورة لتمزيق البلاد وضرب العملية السياسية ، فالمعادين لهذه العملية يحاولون تشويه صورة المشهد الحكومي من خلال إطلاق الاتهامات جزافاً مرة أن دولة القانون يضغط على الكتل الأخرى من اجل القبول بالقائمة المغلقة ومرة أخرى يحملون رئيس الوزراء لوحده ما يحصل من إخفاق امني ونقص الخدمات في حين هم شركاء في الحكومة ودولة القانون لا تملك إلا وزارة واحدة وهي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتالي يفترض أن يتحملون الشراكة التضامنية لأنهم مشتركون في هذه الحكومة الوطنية .
يضاف إلى الاتهامات السابقة لدولة القانون ورئيس الحكومة يحاول هؤلاء الكتاب تزيف الحقيقة من خلال اتهام المالكي في السعي لتمديد فترة البرلمان الحالي لمدة سنتين كما هو الحال في اقلي كردستان وهذا الاتهام مردود عليهم لان الدستور العراقي الاتحادي يختلف على دستور الإقليم ولا قدرة لا لدولة القانون ولا لدولة رئيس الوزراء على تغيير الدستور أو الضغط على الكتل السياسية الأخرى الرافضة لهذا التمديد وبالتالي طرح هذا الموضوع لتشويه ائتلاف دولة القانون والطعن بسمعة رئيس الوزراء وتصويره بأنه الساعي للتفرد بالسلطة والبقاء في رئاسة الحكومة في الوقت أن هذا الأمر بيد باقي الكتل السياسية وفي ظل الآليات الدستورية والقانونية وبإمكانها سحب الثقة من الحكومة من خلال هذه الآليات التي فشلت فيها هذه الكتل لأنها لم تستطع جمع الأصوات الكافية لإسقاط الحكومة .
وعلية لابد من المخلصين ومن يدعون حب الوطن العمل على إنقاذ العملية السياسية من الانهيار لان البديل التطرف بكل أنواعه الديني والفكري والثقافي وهذه المهمة يشترك فيها المثقفين والصحفيين والإعلاميين والكتاب فليس من مصلحة البلد نشر الأكاذيب من اجل التسقيط السياسي ، وباب العمل السياسي مفتوح للجميع بشرط الالتزام بالأسس والضوابط والمعايير السياسية والأخلاقية فقد تربح مقعد لكن تخسر نفسك وتاريخك السياسي والأخلاقي إمام المجتمع والإنسانية .