19 ديسمبر، 2024 8:26 م

هل يخضع الكرد للضغوط الدولية؟!

هل يخضع الكرد للضغوط الدولية؟!

ثمة رفض عام للقرار الذي اتخذته السلطة في إقليم كردستان بإجراء استفتاء على الاستقلال والانفصال عن العراق في 25 سبتمبر المقبل رغم التطمينات التي قدمتها إلى العراق والمجتمع الدولي بأن الهدف الأساسي من الاستفتاء هو «تعزيز موقف إقليم كردستان العراق في المفاوضات مع بغداد، لكنه لن يؤدي إلى انفصال عن العراق بشكل تلقائي» على حد قول رئيس هيئة الاستفتاء هوشيار زيباري.

والعملية برمتها وفق هذا الطرح تشير إلى عدة معانٍ:

أولاً، أن الاستفتاء عملية ذاتية محصورة داخل المجتمع الكردي لمعرفة رأي الشعب فقط في نوع العلاقة الوجودية مع بغداد، هل تظل علاقته كما هي الآن «علاقة مع وقف التنفيذ»، يشوبها التوتر والصراع المتواصل؟ أم علاقة شراكة حقيقية في دولة ديمقراطية تحتكم إلى القانون والدستور بحق، وتطبيقهما على أرض الواقع، بعيداً عن المبادئ الطائفية وفرضها على الآخرين بالقوة؟

ثانياً، أن الأكراد يريدون من خلال الاستفتاء ممارسة الضغط السياسي على بغداد لتحقيق بعض المطالب الدستورية التي رفضتها سابقا، وعلى رأسها تطبيق المادة 140 التي تعالج المناطق المتنازع عليها بين الإقليم والعراق، والتي يعتبرها الأكراد جزءاً من مناطقهم التي تعرضت لعمليات التعريب والتهجير في زمن نظام البعث البائد.

ثالثاً، الاستفتاء عملية تنفيس ديمقراطية وحق طبيعي مكفول للشعب الكردي، بموجب القوانين والمواثيق الدولية، ومن واجب المجتمع الدولي بشكل عام والدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية احترام إرادة الشعب الكردي وتأييده وتشجيعه، لا كسر مجاديفه وتثبيط عزيمته من أجل مصالحها في المنطقة والمحافظة على المعادلات الاستراتيجية والتوازنات الدولية والإقليمية.

ورغم أن هدف الكرد المتواضع في ممارسة حقهم الطبيعي ومرونة طرحهم، فإن الأميركيين والعراقيين على حد سواء رفضوا رفضاً قاطعاً إجراء استفتاء من أي نوع وبأي معنى، حتى لو كان الاستفتاء من أجل الاستفتاء فقط، ودون أن يطرحوا أي بادرة سياسية أو مشروعاً استراتيجياً عملياً لتشجيع الكرد على التراجع عن خطوتهم والدخول في مفاوضات عملية، كأن تتعهد بغداد، بضمان الدول الكبرى والأمم المتحدة، بتفعيل المادة 140 الدستورية والاعتراف بحق الكرد في تقرير مصيرهم، حتى لا تنكث بعهدها وتخرق مواثيقها كما كانت تفعل دائما، ولكنها لم تقم بذلك، بل راحت تصدر الأوامر وتندد وتهدد بعواقب وخيمة إذا أصروا على الاستفتاء في موعده المحدد.

لم يقف عضو داخل التحالف الوطني الشيعي الحاكم بجانب الحق الكردي المشروع، الكل وقف موقفا عدائيا منه وفي مقدمتهم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي «عمار الحكيم» الذي زار دول المنطقة وآخرها إيران، وكان المتوقع حسب المراقبين أن يثير «الحكيم» مسألة انشقاق أربعة زعماء كبار من حزبه، ولكنه تحدث عن الاستفتاء وقدم للإيرانيين صورة مرعبة لمستقبل المنطقة وإيران لو انفصل الكرد عن العراق، ولكي تكون الصورة كافية لتأجيج الشارع الإيراني ضد الكرد حشر البعبع الإسرائيلي في المسألة كالعادة، وكرر ما قاله للمصريين في زيارته بأن إسرائيل «تؤيد الاستفتاء الكردي بهدف إيجاد مركز لها في الشرق الأوسط».

فهل يخضع الزعماء الكرد للضغوط الإقليمية والدولية الكبيرة عليهم ويتراجعون عن إجراء الاستفتاء، وخصوصاً أن إيران قامت في الآونة الأخيرة بقطع المياه عن إقليم كردستان، وقصفت القرى الكردية الحدودية بالصواريخ للضغط عليهم والتأثير على قرارهم؟! الأيام القليلة القادمة ستظهر إلى أين ستتجه أحداث العراق المتلاحقة!

أحدث المقالات

أحدث المقالات