تساؤل يوقد نفسه وسط الهشيم الإنساني المتناثر في مجتمعاتنا المختنقة …هل يخشى الرجل الشرقي المرأة المثقفة حيث يود التقليدية ويتودد إلى المثقفة …؟؟
لو نظرنا إلى أصل المشكلة لوجدناها تكمن في مكنونات الرجل الشرقي والذي يميل بطبعه إلى الازدواجية ما بين موروثاته القبلية الشرقية بصبغتها الدينية العرفية مع اصطدامه بالحضارة الغربية المعاصرة بما تحتويها من مضمار التقدم والوعي لحياة حرة كريمه .. لذلك نجد الرجل الشرقي خصوصا في هذه المرحلة من الزمن يجد نفسه بحاجة ماسة إلى وجود امرأتين … احدهما تقليديه يعيش معها واقعه الشرقي ويحس معها بالأمان على عقيدتيه العرفية ومركزه الاجتماعي بين أقرانه وقبيلته وأمراه أخرى متحضرة مثقفه حديثة التفكير واسعة الأفق كي تحتوي أحلامه الجديدة ويسد فيها فراغه وشعوره بالنقص أحيانا أخرى
“البنت المثقفة حلم كل رجل” فالمرأة المثقفة تتميز بكونها أصدق في التعبير عن مشاعرها بطرق مختلفة، و أكثر مرونة بالتفكير مقارنه بالأخريات .. كما أنها تكون واثقة من نفسها بشكل كبير وذات نزعة ثورية ، الحياة معها ستكون أقرب للمثالية .. على ميدان الواقع فالرجل الشرقي مهما ارتقى به المستوى العلمي والثقافي ينظر إلى تلك المرأة في الوهلة الأولى بإعجاب وانبهار ويشتهي مناقشتها ويحاورها ولكنه في النهاية يترك كل ذلك ويركز على الأنوثة ومقدار حجمها مهما بلغت درجة ثقافته . وإذا انطلقت بأفكارها التي توغل داخلها وحررت له مشاعرها . وتحدثت له عن فلسفتها لقال عنها إنها تتقمص دور غيرها وتعيش في واقع غير واقعها .. وخيالية تعيش بعالم خاص لا يمت إلى الواقع بصلة ..
وهذا ما يشيب إليه الرأس حقا , مهما تكون تلك المرأة قد قلبت كيانه وأبهرت عقله وتشغفه وأثارت فضوله وأدهشته وأسرت قلبه بشخصيتها وجمالها وحضورها العارم وقد يعترف بسطوتها عليه .. لكنه عندما يصدم بالواقع يهرب منها كطير رفرف جناحيه …لأنه يريدها أن تكون عامل ترفيه وراحة نفسية فقط بما يريح نفسه وان تكون أنيسة ماهرة وقت يشاء .. و فاصلة المنشط الذي يتوق إليه ..ولا يريدها أن تتحدث وتحلم بغير ذلك وان لا تتعدى سطوته الذكورية الشرقية لأسباب فطرية تاريخية كما أسلفنا …
من الملاحظ أيضا فالرجل الشرقي المعتدل بشكل عام يميل إلى المرأة المتفقه بالتعليم لا بالمعرفة والأدب لأنه بطبيعة الحال مجتمع ظاهري شكلي مثلا قد يرغب الكثير منهم أن تكون امرأته متفوقة دراسيا وحاصلة على أعلى الدرجات لشهادات الجامعية وإن أخفقت لظروف وأسباب ما لنعتها بالفاشلة وحكم عليها حكم الغصن المكسور ..ومن العجب أيضا فهناك رجال مثقفون لكنهم يحبذون جدا الارتباط بامرأة تفتقر للثقافتين ضيقة التفكير .. ظنا منهم إنهم سيكونون أكثر قبولا فيما لو عاش عبدا متضرعا مع تلك المرأة .. حتى بالنسبة للعمل يحبذ الرجال للمرأة بعض الوظائف دون أخرى .. مثال ذلك لدية صديقة فيسبوكية عملها الأكاديمي يتطلب منها نشر صور أنشطتها وهي نشطه وتحب عملها كثيرا إلى حد تبالغ فيه بالنشر أحيانا حرصا منها على نشر أدق التفاصيل بمجرد إنها قد خطبت توقفت نهائيا عن النشر وجمدت جميع أنشطتها .. !
ألا يكن من لأجدر أن يبحث الرجل المثقف والواعي فعلا ،عن المرأة العصرية أي تلك التي تجمع بين العلم والثقافة والوعي ، وفي الوقت نفسه تكون امرأة وأنثى بنسبة مئة بالمائة ،،ـوهذا ما لا يتوفر في مجتمعنا لأسباب خارجة عن أرادة المرأة ،، ولكن على الرجل أن لا يطلب الكمال كله ،فالكمال لله وحده كما يقال ، ويكفي انه يجد فيها سندا متينا له في حياته وعقلا وقلبا مخلصين يمكنهما أن يحتويه …..
وخلاصة القول، المرأة المثقفة تعرف كيف ترسم خارطة لأهدافها وكيف تبني جبالا شامخة لطموحها ، لأنها حصلت على الوعي اللازم، التي ستجعل الأمور كافة أكثر وضوحا لها، كما أنها سوف تتعامل وفقا لحالة التوازن الإنساني بسبب ثقافتها، فتؤدي دورها على أفضل وجه ممكن مع مستحقات الرجل، ومتطلبات المجتمع عموما، لذلك سيكون المجتمع هو الرابح في جميع الحالات، إذا ساعد المرأة كي تكون واعية ومثقفة، لأنها سوف تكون أكثر قدرة على العطاء من غيرها …