22 ديسمبر، 2024 7:47 م

هل يحق للعراقي أن يسترخص كرامته !

هل يحق للعراقي أن يسترخص كرامته !

هنالك بقعة سوداء مدلهّمة إسمها العراق ، و رقم تسلسلها (بالچعبية) بين بلدان العالم ، تلعق نزيف جراحها ، و تحكي قصة حزنها ، بعد أن لفّها ليل سرمدي ، ووشاح ظلامي ، بعد ان كانت خضراء ، زاهرة ، تعشق الجمال ، و تتعطر بماء رافديه ، اللذان لم ينضب ماءهما يوما ، و لم يشح كرمهما لحظة
كل ذلك حصل و يحصل بسبب مَن عاش على أرض العراق و تمرغ بتربته و استنشق غباره
إنه الانسان العراقي ، الذي لم يرق (يروق) له يوما أن يخرج من رقعة العبودية و طوق الصنمية ، الى فضاء الامان و الحرية ، إن الطبيعة الشاذة قي سلوكياته يحفظه الارشيف الحزين ، و الاثر المؤلم لتاريخ عبوديته في كل العصور و الازمان ، إنه يعشق الموت و الذل و الهوان
ليس أمامه إلاّ أن يخرج من كفـنه ، و ينسلخ من واقعه الى واقع آخر يجد فيه قيمة الحياة
لقد إعتاد أن يخلق الأسياد ليبقى هو عبداً صاغراً ذليلاً
إن الحاكم العراقي ، يختلف عن جميع الحكام في العالم ، لانه ينقلب الى عفريت مستبد ، يتعسف في حكمه تجاه أبناء شعبه الضعفاء ، و لهذا عليك أن لاتمتدحه و لا تضحك في وجهه ، و لا تجامله و لا تهتف له و لا تنصحه ، و دليلنا في ذلك ، عندما وقف الشعب مع حيدر العبادي ، أملاً في التغيير فانه لم يستجب لمطالب الشعب ، و قد إنقضت أربعة سنوات و هو يراوح و يماطل و يغازل ، و لم تفلح معه النداءات المخلصة ، و اليوم و قبل اليوم ، يُطالب هو بالانقضاض على رؤوس الفساد و إقتلاع شره ، ووقف الشعب كله معه ، و لكنه يُماطل أيضا ، بل أضحى عدواً قاهراً للشعب ووحشاً كاسراً ، عندما تمادى في عدائه السافر للشعب و حربه المعلنة ، في كل مناحي الحياة ، حتى وصل الى إستنزاف الشعب في رواتبه و خدماته الشحيحة ، من الكهرباء و غيرها ، بابتكار كل الحيل و شرعنة كل الوسائل المقرفة ، التي تسيء للشعب المُحطم اللاهث وراء المطالب المتواضعة ، إن التغييـر أصبح مُحال تحت تسلط الحاكم العراقي ، لانه يصبح بل أصبح شيئاً فشيئاً دكتاتوراً بشعاً ، و ذئباً يلاحق طرائده من الشعب الاعزل
إن حيدر العبادي ، هو الاخير في هذه الأدوار العدوانية التي تكالبت على الشعب ، فقد سبقه صدام حسين ، حينما إستعبد الشعب و جعل من العراق سجناً ، و جعل من نفسه القائد الاوحد ، و كل ذلك كان نتيجة القبول (بالاستعباد) و الذي نجم عنه كل الرزايا على الشعب و الوطن
و قبله جاء عبد الكريم قاسم ، الذي إستعبد العراق و شعبه ، حينما جعله مسرحاً للمتناقضات و ميداناً للصراعات ، و جعل من نفسه الزعيم الاوحد ، و لم ينجح في إدارة البلاد إدارة صحيحة ، بالرغم من أنه جاء بالعنف و الرصاص و الدم ، حينما أفزع العراقييـن صبيحة الرابع عشر من تموز ببيانه الاسود المشؤوم (رقم واحد) مع جوقته من الاوباش القتلة ، ليشاهد الشعب بعينه في تلك اللحظات الدامية ، ذبائح النساء و الاطفال و الرجال الابرياء في البلاط الملكي
و قبله كان نوري السعيد ، الذي كان يحلو له أن يجعل من نفسه (الباشا) و باقي العراقيين عبيداً ، لقد كان يستكثر على العراقيين أن يكون بينهم سياسياً محنكاً و مفكراً بارعاً ، فكان يستهين بكل القدرات و يستهزيء بالعراقيين ، حتى كثر خصومه
و مع ذلك يرجع العراقي اليوم ، الذي جُبِل على العبودية ، و ترعرع على الذل ليبكي ذكراهم ، و يجعلها أطلالاً حزينة يحن اليها ، و هم كانوا قد أوصلوه الى الدرك الاسفل من الضياع و ساقوه الى الهاوية
ما دام هذا هو طبع الحاكم العراقي ، و هو التسلط عندما تقف الى جانبه أو تعاضده أو تضحك في وجهه أو تؤيد خطواته ، لذا علينا أن نتركه لوحده يقوم بواجبه ، و حينها سيعرف قيمته التي قد تكون أوطأ مرتبة بكثير ، من جميع العراقيين
إن جميع مَن يهتف بالشعارات المتسافلة من قبيل (علي وياك علي) هو أكثر سفالة من السافلين ، و لم يكن قد رضع حليباً طاهرا ، إنما هو من المنبوذين و من شذاذ الآفاق ، و على الشعب أن ينبذه و يرميه مع القاذورات ، ما دام أنه تربى على النفاق و الدجل و إمتهان الكرامات.