18 ديسمبر، 2024 7:56 م

هل يحظي ترامب برئاسة ثانية؟

هل يحظي ترامب برئاسة ثانية؟

لست خبيراً في التاريخ الاميركي “و لا ينبغي لمثلي ان يكون كذلك” لأفتي في مدي نفع أو ضرر الرئيس دونالد ترامب لاميركا “دولةً و امةً و مجتمع”. لكن بالنسبة الينا كدول و مجتمعات افريقية و “عالم ثالثية” و بالنسبة للشرق الاوسط و لبقية دول العالم ايضاً فبلا شك ان “ترامب” هو اسوء رئيس اميركي تعاطينا معه، و تعاطي معه العالم.
ترمب دخل في صراعات تجارية مع كل حلفاء اميركا، مع كندا و المكسيك و مع اوروبا و مع الصين، بل و حتي مع روسيا التي يعتقد علي نطاق واسع حتي داخل اميركا انها عبثت بالقيم الديمقراطية الأمريكية و تلاعبت بعقول الشعب الأمريكي و اسهمت في فوز ترامب! ثم هاهو يستغل مخاوف الأميركان التقليدية من الدب الروسي ليزيد من انفاقه العسكري علي حساب النظام الصحي و الإجتماعي الأمريكي!
أما نحن “دول العالم الثالث” بالنسبة له لا نعدو كوننا مجرد “قاذورات” black shit holes أما دول الشرق الاوسط الغنية “الخليج” فهي زبائن كبار للسلع و السلاح! حيث “يبتزهم” و يجني منهم سنوياً اموال طائلة allot of money بحيث يمكنه من ترميم اقتصاده و تشغيل ملايين العاطلين عن العمل! و يطالب علي هذا الاساس بولاية رئاسية ثانية الله وحده يعلم ما الذي يضمره فيها للعالم و لاميركا نفسها!
العالم في هذا العصر مجبر و مضطر الاهتمام بالشأن الداخلي الأمريكي لما للشأن الاميركي من تأثير كبير علي مصائر الاخرين، و من خلال اهتمامنا و متابعتنا للسياسة الاميركية، و مراقبتنا لتحولاتها يمكننا توقع ان يثوب ناخبو اميركا لرشدهم و يلحقو بترامب هزيمة مستحقة في انتخابات الرئاسة نهاية العام 2020 .
فالانتخابات الأمريكية التي اتت برائد الشعبوية “رونالد ريغان” ثم أثنت ببوش الاب عادت و “كفرت” عن فعلتها بتنصيب “كلينتون”، و التي فضلت “بوش الابن” علي العالم و السياسي “ال غور” عادت و استحقت الغفران بتقديم “باراك حسين اوباما”؛ وما فعله الأمريكان بتنصيب “ترامب” لا يمكن نسيانه إلا باسقاطه سقوطاً مذلاً و تصحيح اخطاءه عبر تقديم رئيس يعيد ترميم ما كسره “ثور معرض الخزف”، لذا نتوقع رئيس بمستوي الشاب الواعد “بيت بوتاجيجي” أو الشيخ الحكيم و الحليم “بيرني ساندرز”.
يظن ترامب و انصاره و يظن ايضاً المشفقين علي اميركا و العالم من شروره؛ ان مؤشرات الاقتصاد تدعم و ترجح فرص فوزه، لكن الاقتصاد ليس مؤشرات فقط، فكثيراً ما كانت المؤشرات تشير لجهة بينما الاقتصاد يسير في إتجاه معاكس، اقرب دليل علي ذلك أزمة العام 2008 حينما كانت كل المؤشرات تشير لتحسن بينما استيقظ العالم علي وقع أزمة ركود و كساد!
و هذا هو عين ما سيحدث مع سياسات ترامب الاقتصادية و المالية، و التي ستنطلق شرارة نتائجها الوخيمة مع موازنة هذا العام، صحيح ان مؤشر البطالة في احسن احواله، لكن هذا الحال لن يستمر طويلاً، فطيلة السنوات الثلاث السابقة ظل الرجل يتجنب تعريض الخزينة لهزة قوية، عبر تجنب الدخول في حرب خارجية “افغانستان و سوريا و العراق و ايران” و يسعي لتجنب نفقاتها، كما يقلص الدعم المالي لوكالات الأمم المتحدة “اليونسكو و الاونروا” و غيرها، لكن تقليص الانفاق الخارجي سيكون له تأثير علي نفوذ و مكانة الولايات المتحدة في المدي المتوسط علي الاقل؛ كما سيحد من تنافسية الشركات الاميركية خارجياً في مجال الخدمات و السلع ما سيقلص من مكاسبها و من نمو الاقتصاد، و حروبه التجارية التي اشعلها عبر زيادات التعرفة الجمركية، و سياساته الحمائية و انقلابه علي مبادئ التجارة الحرة العالمية و “قواعد عولمة الاقتصاد و السوق” ستكون لها ارتدادات كبيرة و قاسية علي السوق الاميركية في المديين المتوسط و الطويل.
صحيح ان القاعدة الشعبوية لترامب لا تملك الذكاء لاستنتاج تلك الارتدات المتوقعة بشدة و ليست المحتملة فقط، لكن هنا يبرز دور النخب الجمهورية و الديمقراطية علي حد السواء لتنبيه الناخبين لعواقب اختياراتهم علي مستقبل الاقتصاد و علي مستقبل مداخيلهم و ثرواتهم الشخصية.
و متي ما ادركت تلك النخب واجبها و قامت به فان فوز ترامب سيصبح متعذراً بل و سقوطه حتمياً.
ثم ان انتخابات الرئاسة 2020 تمثل اخر اختبار للنظام السياسي الاميركي، و لحصانته في وجه التدخلات الخارجية و في وجه تلاعب القوي المعادية لأميركا، و لفعاليته و كفاءته و صدقيته؛ و هذا التحدي سيرفع من همة الوطنيين الحقيقيين لا وطنيي الشعارات الفارغة و الجوفاء “اميركا اولاً”، ما يعني ان المشاركة في الانتخابات و التصويت ستكون في ذروتها و بارقام قياسية و هذا يصب في مصلحة منافس ترامب أياً كان، لأن المنافسة ستكون ترامب مقابل الأمة.