تمخضت الحرب التي خاضها العراق ضد الإرهاب، عن مشهد لا يمكن للباحث التنبؤ بمخرجاته التي أقل ما يقال عنها أنها كانت صادمة للتوقعات.
من مصاديق تلك المفاجئات وغرائبها, تشكيل التحالفات التي قيل عنها أنها عابرة للطائفية وإنها جمعت بعض الأطراف المتناقضة!
أغربها كان تسمية الحكومة دون تحديد الكتلة الأكبرمن قبل طرفين مختلفين الى حد كبير على كثير من التفاصيل، خصوصاً تلك التي تخص الشان الأقليمي وما ينعكس عنها من تداعيات تؤثر في الشأن العراقي.
هذه التداعيات وغيرها ساهمت بتشكيل واقع يمثل النار التي تختبيء تحت الرماد، فما عاد الحذر مانعاً للبعض من التصريح بميوله ومواقفه من الأزمات التي تعرضت لها دول المنطقة سواء كانت سبباً لها أو ضحيتها.
الحكومة العراقية تبدو الطرف الأضعف ضمن لعبة المحاور، إذ شٌكِلَتْ بدعم فريقين تباينت رؤاهما حيال الصراع الأمريكي_ الإيراني، ولكلٍ منهما موقفه تجاه “محور المقاومة”، ينأى تحالف “سائرون” بنفسه عن الدخول في خضم هذا الصراع كونه لا يمتلك مقومات التدخل، اضافة لتمرد زعامته على الرؤية الإيرانية التي كانت مؤيدة بل وداعمة له, إبان وجود القوات الأمريكية في مختلف مدن العراق.
تحالف الفتح على نقيض نظيره سائرون، من حيث موقفه المعلن تجاه الإستفزاز الأمريكي لإيران، إذ يرى ضرورة الوقوف الى جانبها إنطلاقاً من المشترك الفكري الذي يجمعهما وحزب الله. وعليه فإن ملامح هذا المحور معلومة للمتابع لو أُضيف إليها بعض الحركات الفلسطينية التي ترفض التطبيع مع إسرائيل.
في الجانب الآخر تقف بعض القوى المدنية والعلمانية ” المتشددة” في خطابها تجاه القوى الإسلامية، والتي لاتقف موقف الحياد إزاء ما تتعرض له إيران، بل تدفع بإتجاه وقوع الحرب، الأمر الذي تدعو اليه بعض الجهات المحسوبة على الوسط السني، وهي بذلك تنسجم مع الرؤية السعودية_بل تتبناها وإن لم تصرح بذلك علنا.
يبدو أن الحالة العراقية أمام مفترق طرق حيث فريق يدعم إيران لكسر هيبة الغول الأمريكي الذي خضعت له أغلب دول المنطقة.. وفريق آخر يمني النفس بإعلان الحرب ضد إيران التي يتهمها بالتدخل بشؤؤن العراق.
مراجعة سريعة لمواقف عمار الحكيم مما يجري في العراق والمنطقة، توضح لنا وكما يبدو, أنه يحاول التأسيس لمحور ثالث يضاف الى المحورين السابقين.. فهل سيفلح في ذلك؟!
في الوقت الذي يلمح فيه ضرورة إستقلالية القرار العراقي وإبعاد العراق عن الصراعات وحروب الوكالة، تراه يصرح بمعارضته للعقوبات الإمريكية ضد إيران.. وفي لحظة أخرى ينتقد إستغلال الأرض العراقية لمصلحة الدول الاخرى, نجده يهدد الدول التي تمس سيادة الاجواء العراقية في إشارة صريحة لإسرائيل التي أكد إن العراق قادر على الرد عليها في الوقت المناسب.
تلك المواقف جعلته, وكما يبدوا أنه يحاول أن يبتعد عن منهج الإفراط والتفريط في المنهج السياسي، إذ يظهر من سلوكيات الرجل انه بصدد التأسيس لمحور جديد يضاف إلى المحورين السابقين، فهل استشار معاونيه في ما يخص تسمية هذا المحور لغرض التداول الإعلامي؟
وهل فكر في ما سيفعله أبتاع المحورين الأخرين معه بإعتباره سيوهنهما معا؟! بل ما ذا سيكون موقف المحورين الكبيرين نفسهما منه, وهو سيظهر وبكل وضوح إنحيازهما بعيدا عن مصلحة العراق؟!