7 أبريل، 2024 6:17 ص
Search
Close this search box.

هل يتباكى القصاب على شاةٍ ذبحها؟!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

هل سمعتم بقصاب بكى على شاةٍ ذبحها , وأمضى ساطوره وسكينه في لحمها , وباعه لمن يشتريه , أو قطّعه لمن إستأجره للقيام بالذبح والتقصيب؟!!

لم يحصل من قبل مثل هذا السلوك ولكننا في هذه الأيام أخذنا نسمع عن قصابين كثيرين يتباكون بحرقة وحماس على شاةٍ ذبحوها وقطعوا أوصالها إربا إربا , وكأنهم لا يعلمون بأن ما كانوا يقومون به سيتسبب لهم بالبكاء الأليم.

قصابون يحملون سواطيرا وسكاكينا , إندفعوا بهمجية وعدوانية وإنفعالية حمقاء , ففتكوا ببدن وجود وكسروا عظام صمودٍ , وتحولوا إلى قصابين مأجورين ينحرون ما يُطلب منهم بحمق وغباء وتوهم بأن ما يقومون به هو الصحيح.

وهؤلاء القصابون ينتشرون في المجتمعات والبلدان , وهم منشغلون بالذبح الحلال للبشر والمدن والوطن , وكم وضعوا أوطانهم تحت الساطور المؤيد بأذرع الطامعين بطبخه على نار الويلات والتصاراعات الداخلية المريرة.

وهذه المجتمعات معروفة , وقصّابوها يعلنون عن دورهم وسطوتهم بصلافة غير مسبوقة في تأريخ الشعوب والأوطان , وبعد أن مزقوا أوطانهم وشرذموا مجتمعاتهم , كأنهم إستفاقوا من خمر السلطة وأخذوا يجهشون بالبكاء على وطنٍ إفترسوه مع أسيادهم الأشداء , وهم يذرفون دموع التماسيح طبعا.

لكنهم قصابون , والقصاب لا يجيد سوى مهنة الذبح والسلخ وتقطيع اللحم وكسر العظم , ولن يتغير سلوكه , ولن يتوقف عن الذبح لأن فيه مصدر رزقه , ولا يمكنه أن يستغني يوما عن سفك الدماء , ومهما بكى وتشكى فأن فيه رغبة دفينة للذبح والتهبير.

قصابون وياليتهم يُقصبون شاةً أو خروفا , لكنهم يقصبون وطنا ومجتمعا وشعبا وأمة , وساطورهم حاد ويتناوب على شحذه الذين علموهم التقصيب , وأيدوهم بالترهيب والترغيب , والعجيب في أمرهم أنهم يقصّبون أنفسهم ومجتمعهم ووطنهم وما يشير إلى هويتهم وأصلهم.

قصابون من الطراز المتوحش المسكون بإنفلاتات النفوس الأمارة بآفات الشرور كالبغضاء والكراهية والعدوانية , والتلذذ بقهر الآخر وتعذيبه والقضاء على وجوده ومحق آدميته ومصادرة إنسانيته.

قصابون ويتباكون على قطعة لحم مما يقطعون ويمزقون بسواطيرهم الحمقاء , وكأن تلك القطعة أيقظتهم من عمائهم وعفونة رؤاهم وسوء تصوراتهم , وغباء سلوكهم , وعدوانيتهم على ذاتهم وموضوعهم , ووعاء كينونتهم وحاضنة صيرورتهم.

قصابون يحسبون الوطن شاةً مذبوحةً ومعلقة من أرجلها , وسكاكينهم تهبر بها وتسلخ جلدها , والقصاب يبيع اللحم بالوزن , وهم يبيعون لحم الوطن (بالكوترة) أي (حمّل وشيل), وبأبخس الأثمان!!
فلماذا نعاتب القصابين على تقطيع أوصال وطن؟!!
لكن ما يثير العجب أنهم يذرفون الدموع على شاةٍ ذبحوها؟!!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب