23 ديسمبر، 2024 6:14 ص

هل وقع الأكراد في الفخ الإيراني ؟!‎

هل وقع الأكراد في الفخ الإيراني ؟!‎

تداولت مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الالكترونية خبراً وأشارت على إنه مسرباً عن أحد النواب البرلمانيين, ويفيد بأن الأكراد اشترطوا حضور المالكي شخصياً للتفاوض بإسم جبهة الإصلاح ( ائتلاف دولة القانون سابقاً ) لتقوية جبهة المعارضة لإقالة الجبوري والعبادي واختيار المالكي رئيساً للوزراء بدل العبادي مقابل حسم ملف كركوك والنفط لصالح الكرد.
فإن صح هذا الخبر, فهذا يعني إن إيران قد أعدت فخاً محكماً للأكراد وما شروطهم تلك إلا هي خطوات نحو السير إلى الهاوية, فالجميع يعلم إن المالكي يعني إيران, فهو الممثل السياسي الإيراني في العراق وهو الساهر على تحقيق مصالحها في هذا البلد, والكل يعلم إن إيران تسعى لإعادة المالكي إلى الحكم مرة أخرى, وذلك لما له من أهمية لدى طهران, والأخيرة تعي جيداً إن حسم ملف محافظة كركوك والنفط لصالح الأكراد يعني هو التأسيس لخطوات قيام الدولة الكردية, وهذا لا يصب في صالح إيران, لان قيام هذه الدولة يعني مطالبة الأكراد في إيران على الانضمام لهذه الدولة أو المطالبة بقيام دولة مماثلة, فكيف تسمح إيران بهذا ؟ وهل ستحسم هذا الملف لصالح الكرد ؟ طبعاً وقطعاً وبدون أدنى شك إيران لا تقبل بذلك, لكنها وجدت طموح الأكراد خير وسيلة لإعادة المالكي لكرسي الحكم.
فالمالكي الآن يسعى للحصول على توافق سياسي برلماني لإعادته إلى حكم الولاية الثالثة, وهذا ما صرح به بعد تفجيرات الكرادة, فوجود الكتلة الكردية والكتلة الصدرية في البرلمان العراقي لا يضمن حصول هذا التوافق, لذلك تسعى لكسب الأكراد وكيف تكسبهم ؟ تكسبهم من خلال ملف كركوك والنفط, وبهذا تحصل على توافق سياسي وأغلبية برلمانية تصوت على إقالة العبادي وعودة المالكي للحكم, وذلك بتوافق إتلاف القانون في البرلمان مع الأكراد و بعض الكتل الموالية للمالكي ولإيران وكذلك بعض ” سنة إيران “, لكن السؤال هنا هل ستضمن إيران للأكراد ملف كركوك والنفط ؟ هل ستعطي للكرد ما يحتاجونه لقيام دولتهم التي ستؤثر على إيران ؟.
الجواب قطعاً لا, لكن هذا الإتفاق هو اتفاق مبدئي, وسيكون بالشكل التالي : على الأكراد أن يصوتوا لصالح المالكي وبعد عودة المالكي سيضمن لهم هذا الملف, بمعنى ( نصبوا المالكي رئيساً للوزراء وهو سيضمن لكم ملف النفط وكركوك ) وهنا يكمن الفخ الإيراني, فرجوع المالكي سيكون مضموناً أما ملف النفط وكركوك غير مضمون, أي بعد عودة المالكي للحكم سيضرب هذا الإتفاق عرض الجدار وسيختلق الحجج والأعذار من أجل عدم حصول الأكراد على كركوك والنفط, وهذا بالتحديد كقضية التحكيم التي حصلت بين الإمام علي ” عليه السلام ” وبين معاوية بن أبي سفيان, حيث سلبت الخلافة من علي ” عليه السلام ” ومنحت لمعاوية بسبب غباء أبو موسى الأشعري ودهاء عمر بن العاص, وهذا الأمر هو كمثال توضيحي وليس للتشبيه.
وبهذا تكون إيران قد ضمنت عودة المالكي وكذلك عدم حصول الكرد على المقوم الأساسي لدولتهم, وهذه خطوة نحو إنقلاب سياسي أبيض أتخذ من عنوان الإصلاح ستاراً له وهو في الوقت ذاته يوضح حقيقة الصراع السياسي القائم في العراق بين الدول الإستكبارية وهو واقعاً لا يمثل الإصلاح الحقيقي الذي ينشده الشعب العراقي, خصوصاً وإن إقالة العبادي والجبوري وكما يتضح هو مسعى إيراني وهذا ما أكده المرجع العراقي الصرخي في استفتاء ” أميركا والسعودية وإيران….صراع في العراق ” في النقطة ب من الفقرة ثالثاً من الإستفتاء, حيث قال …{{… ب ـ أما الاعتصام الثاني للبرلمانيين – الذين طالبوا فيه بإقالة الرئاسات الثلاث – فالظاهر أنه بتأييد ومباركة ودعم بل وتخطيط إيران لقلب الأحداث رأساً على عقب وإفشال وإبطال مخطط ومشروع محور السعودية وحلفائها، وقد نجحت إيران في تحقيق غايتها إلى حدٍّ كبير …}}.
وبهذا الحراك والإتفاق مع الأكراد يتضح جلياً كيف إن إيران تريد تغيير الرئاسات الثلاث بشكل يتناسب مع طموحاتها وفي الوقت ذاته تؤكد قراءة المرجع الصرخي للأحداث في العراق, وبكل الأحوال فإن إقدام الأكراد على هذه الخطوة فهو وقوع في فخ إيراني محكم يحطم أحلامهم وكذلك يرجع العراق إلى نقطة الصفر, فهذا الإتفاق هو نحر لكل العراقيين وليس للأكراد فحسب.