23 ديسمبر، 2024 7:42 ص

هل هي صدفة تمت تصفية بن لادن في بداية الربيع العربي الاول والبغدادي في بداية الثاني؟

هل هي صدفة تمت تصفية بن لادن في بداية الربيع العربي الاول والبغدادي في بداية الثاني؟

قبل ان ادلو بدلوي اود ان اذكرسريعا القارئ الكريم مسلسل الاحداث في العراق:
1 تشرين الاول تظاهرات معيشية وخدمية سلمية وحضارية في بغداد والجنوب، 25 تشرين الاول قنابل مولوتوف واغتيالات وقنص وقتل المتظاهريين، في تشرين الثاني وكانون الاول قطع الطرق واغتيالات النشطاء وحرائق المباني الحكومية والمدنية والقنصليتين الايرانيتين وتهديد المرجعية الدينية في النجف، فتح النار على المتظاهرين في السنك وقتل والتمثيل في صبي عراقي وتعليق جسده على عامود في ساحة التحرير وقبلها قتل عددكبير من المتظاهرين في الناصرية على يد الاجهزة الامنية. توتر عام في جميع شوارع بغداد والمدن الجنوبية. في 29 كانون الاول والثاني من كانون الثاني 2020 قصف امريكي كبير واستشهاد وجرح عدد كبير من الحشد في القائم وحرق بوابة السفارة الامريكية بعد مظاهرات حاشدة واع8تصام مستمر ضد الوجود الامريكي، وصول مئات من المارينز الى السفارة الامريكية وتحوم الهيلوكبترات الامريكية في سماء بغداد متحدية ومهينة بذلك سيادة العراق مرات ومرات ولا نعرف الامرالى اين سيأول وكأنه الهدف من طيرانهم لا يقتصر على بغداد وانما جميع مساحة دولة العراق تأزيم الاوضاع مستغلين بذلك الفراغ السياسي ام ماذا؟ انتقلنا من تظاهرات سلمية مطلبية حضارية الى طائرت امريكية واسلحة ثقيلة تحوم فوق رؤوس الحكومة والبرلمان العراقيين ورئيس الجمهورية.

كي نكون دقيقين في التواريخ، لقد تمت تصفية اسامة بن لادن في 02/05/2011 اي في بداية المؤامرة على سوريا وبداية حرب الساحات والتظاهرات “للمعارضة” السورية الممولة اعلاميا وماليا، غربيا وخليجيا ضد حكومة بشار الاسد في الشهر الثالث آذار 2011 ولكن فيما بعد تركيا دخلت رسميا على الخط لقلب الحكومة السورية .
كانت هذه المؤامرة ضد سوريا تحتاج للتعاطف ومشاركة المجتمع السوري كي تتم بنجاح وبسلاسة. لقد استغل انتحار التونسي محمد بوعزيزي في بداية شهر كانون الثاني 2011 لاشعال الانتفاضة التي ركبتها المخابرات الامريكية والناتو واعلام قطر وقناتها الجزيرة نت التي لعبت دورا محوريا بقيادة المظاهرات، وأعطيت الاشارة الخضرا للجيش التونسي الذي يأتمر بأوامر اسياده في الغرب، واسقط رئيس تونس زين الدين بن علي، وانتقلت فكرة التظاهرات “السلمية” الى مصر حسني مبارك الذي كما رئيس تونس صلاحيته في السلطة انتهت ويجب ابداله مع آخر يتماشى مع خطط امريكا وواضفاء دم جديد للسلطة الجديدة التي ظاهريا هو الشعب الذي اسقطها وشرعن استبدالها بنظام يرتضيه ولكن الحقيقة ان الشعب كان واسطة بيد المخابرات الاجنبية دون علمه ووعيه الموجه بالرموت كنترول من حيث لا يعلم اي وعيه الجمعي مخترق خلال الفورة “الثورة” بسبب الكبت المتراكم ضد تلك الانظمة الفاسدة.. وهنا ايضا الجيش المصري تلقى الاوامر من الخارج كما شقيقه التونسي وانضم الى التظاهرات وازيح مبارك عن الحكم .
كان الانتقال للحكومتين في تونس ومصر سلميا وسلسا والسبب ان جيشا البلدين اطاعا اوامر سيدهم الامريكي بعدم الدفاع عن رئيساهما وتركهما للرحيل. اما في ليبيا الجيش الليبي كان وطنيا ان جاز التعبير ولا يقبل بتغيير رئيسه معمر القذافي فما كان على امريكا والغرب انتاج مسرحية المظاهرات تبدأ في بنغازي والاتيان بمسلحين يقوموا بدور الشعب المسلح الذي ينتفض ضد “الشرير” القذافي ويدخل الاعلام على الخط لشيطنته وثم يتبع قرار من مجلس الامن الذي استطاع الناتو تفسيره على هوائه وشنت طائراته لقصف الجيش الليبي مما اتاح للمرتزقة المسلحة بقلب النظام الليبي.
وانتقلت الانتفاضة من خلال عملاء امريكا عبر الجمعيات المدنية السورية في خضم همروجة الربيع العربي الذي صوره الاعلام انه طوفان على الانظمة لا احد يستطيع صده كي يتشجع السوري بقيادة هؤلاء العملاء من جمعيات مدنية بأستمالة ضباط الجيش مع مغريات مالية ومناصب ينضم اليهم وينشقوا عن النظام وتكون الانتفاضة في سوريا مضمون نجاحها كما في مصر وتونس. فكانت الشرارة في الشهرالثالث 2011 وخصوصا في ارياف المدن الحدودية السورية البعيدة عن سيطرة دمشق امنيا بشكل كامل. لكن في سوريا اصطدموا بالجيش السوري العقائدي ووعي اغلبية السوريين في المدن الكبيرة والعاصمة فلم يستطيعوااستمالة ضباطه لاجل مسرحية الثورة الا القليل منهم. وكان هناك تلكؤ واضح لخططهم في قلب الحكومة السورية فأنتقلوا الى خطة (ب) مفادها تذهب من المظاهرات الدموية التي راح ضحتيها متظاهريين بسبب مندسين من اجل تشويه صورة الحكومة الى ادخل عناصر مسلحة مدربة للداخل السوري.
خطة (ب) كانت تقول جلب متطوعين من القاعدة عبر تركيا وجعلهم يتغلغلون من شمال سوريا الى دمشق اي حرب مواجهة مع الجيش السوري وترويع وترويض ارادة الشعب وكان وقتها تركيا قد دخلت رسميا الحلبة مع قطر ضد سوريا.
قبل ذلك يجب تغيير رأس القاعدة كي لا يقال انه هو بعين اسامة بن لادن من يقود الحملة على سوريا لأنه في علم العالم مجرم ومطلوب حيا او ميتا كأرهابي رقم واحد فتوجب تصفيته وتمت في 02 مايس/مايو 2011 وغطيت تسمية القاعدة بـ جبهة النصرة اسم جديد وجميل طري المسمع، جبهة النصرة ومشتقاتها. وكي تصبح النصرة حركة مقبولة وابعاد شبهة القاعدة والتكفير وقطع الرؤوس عنها …الخ تجانب معها حركة تكفيرية اكثر دموية وشناعة داعش تسمية صوتها يزمجر في الاذان بشع كي تميز النصرة “المعتدلة”. وبذات الوقت تتحجج امريكا في احتلال العراق من جديد والبقاء في المنطقة بحجة محاربة داعش والهدف الاخر ان داعش بزعزع العراق ويمنعه من التعافي..
كان نصيب الاخوان المسلمين في الربيع العربي الاول هو استلام السلطات التي وقع فيها الربيع العربي تونس وليبيا ومصر واليمن وحتى المغرب كي يحكم هذا التنظيم والمشرعن من قبل الشعوب كبديل لنظام الاسد في سوريا ويكون اردوغان في خططه مع امريكا والناتو هو شيخ العثمانية الجديدة التي تهدد روسيا والصين كون هناك اتراك يمتدون الى تخوم البلدين، وكذلك يتربع على عرش الاخوان في الشرق الاوسط وبالمقابل كما امريكا خدمت اردوغان فهو يخدمهم على ادارة تلك الاصقاع سوية.
فشلت الخطة (ب) في سوريا وفشل مشروع اردوغان في الاخونة والعثمنة وما على امريكا الا ان تعمل شلع قلع جميع الحكومات الاخوانية التي مهد لها الامريكي الطريق للفوز في الانتخابات في تونس ومصر واليمن واستبدالهم بالخطة (ج) هذه المرة مع السعودية اي التكفيريون بدل الاخوان اي القاعدة وداعش 2014.
اهمية العراق وسوريا لامريكا واسرائيل، ما عدا النفط والغاز، هو قطع المتواصل بين ايران ولبنان وفلسطين المحتلة واضعاف ايران نفسها، لذا هم حاولوا في سوريا لكن دون جدوى ملموسة، اما العراق فهو الحلقة الرخوة في ذلك المحور الذي يطلقون عليه محور المقاومة.
لا يمكن اعادة ربيع عربي في سوريا وهي تخرج منتصرة على اسباب ذلك الربيع الاول فليدشن العراق ربيعه هذه المرة في 01 تشرين اول 2019 . لااقصد حراك الناس الشرفاء الموجوعين من الفساد في العراق وانما استغلال الامريكي لحراكهم بواسطة حثالاته المندسين والقتلة وبعض الساسة من الرئاسيين في السلطة…الخ فيتكون لنا المشهد في الهدف الامريكي ان يكون مرتبك ومشوش جدا تظاهرات عارمة في الوسط والجنوب وحرب داعش رقم2،، الذي صفي زعيمه في 26 تشرين الاول 2019 اي في بداية الربيع العراقي،، في الوسط والشمال الغربي ومن ثم فصل الرمادي-الانبار عن بغداد ذلك بأمكانه ان يربك ويشل القوى الوطنية العراقية وتصويرها امر داخلي عراقي بحت، ومن ثم الانقضاض على العراق اما ترشيح رئيس وزراء موالي لامريكا بعد ان ملّ الشعب العراقي من الانتظار والفوضى والقتل واما انزال امريكي محتل في غرب العراق بمساعدة بعض عملاء امريكا، وفي كلتا الحالتين يكمن دور داعش رقم2 في الخطة الامريكية وزيارة مايك بنس نائب الرئيس الامريكي الى الانبار مؤخرا دون علم الحكومة العراقية بها كالعادة خير دليل على التنسيق الامريكي مع بعض العشائر هناك.
لقد عملت امريكا في العراق نسخة طبق الاصل من الربيع العربي الاول في سوريا حتى لو حرقت حلفاءها في داخل الحكومة والبرلمان العراقيين كما فعلت في الربيع الاول، اذ قامت بتصفية ابو بكر البغدادي اكرر في 26 تشرين الاول 2019 بغية انطلاقة جديدة بتسمية جديدة ومرحلة جديدة لقلب النظام في العراق وبالتالي ترجع امريكا لاحتلاله من جديد رسميا وبصورة اوسع بحجة داعش او مشتقاته.
الانتفاضة في العراق جوهرها حقيقي مطلبي صحيح والساسة الامريكان والعراقيون كانوا يعلمون بها قبل اشهر من اندلاعها.
ذاق العراق السم من الفساد والعطالة وسوء الخدمات ولم يعد يتحمل. الدوائر الامريكية كانت تتربص منذ اشهر طويلة لعمل انقلاب في العراق او زعزعته لأجل تثبيت اقدامهما في العراق. فتح الحدود بين سوريا والعراق في القائم والاتفاقية بنصف مليار دولار مع الصين لم يعد وقت لترامب ان يأخذ نفس من الاوكسجين ولا للدولته العميقة فتوجب عليهم عمل شيء ضد العراق.
امريكا هيأت عن طريق تواصلها مع الشباب العراقي تحت مسميات جمعيات مدنية جندت الكثير منهم لساعة الصفر، ويوجد ضباط كبار في الجيش العراقي هؤلاء جعلوا السفارة الامريكية مزارا لهم جاهزين للوظيفة في ساعة الصفر، ويوجد في مجتمعاتنا ما نسميهم في العامية العراقية (على حس الطبل خفن يا رجلية). لنتذكر في 2018 في البصرة كانت هناك مطالب ملحة وعاجلة في امور خدمية حياتية كانت مسيرات بصراوية تخرج بصورة عشوائية ضد سياسة حكومة حيدر العبادي انذاك ولكن فجأة خرج اناس صمموا حرق القنصلية الايرانية في البصرة بدون سبب يُذكر الا لتشويه العلاقة مع ايران ولم تُحرق القنصليات الاخرة كالامريكية او السعودية مثلا. هذا يجعلنا ان نربط بين حرق القنصلية الايرانية في البصرة 2018 والنجف وكربلاء في 2019 استطرادا بأن الامريكي كان يعمل خطط زعزعة امن العراق بواسطة هذه الجمعيات المدنية منذ 2018 على اقل تقدير.

السؤال للقارئ الكريم الواعي هل يبقى لديك ادنى شك في موضوع اختراق الوعي الجمعي للشعوب من قبل المخابرات الامريكية؟ تظاهرات في مظهرها محقة وشعبية ولكنها تنحرف عن مسارها لصالح قوى خارحية وتنتهي في خراب وتدمير بلد. والانكى تعاد وتتكرر وثم تعاد ذات العملية بدون اخذ الحيطة والعبرة من سابقاتها؟
هل تعرف لماذا تنحرف؟ لسببان جوهريان:
اولا: اصبحت قاعدة لا تقبل التأويل كلما كان هناك حراك شعبي مطلبي بدون قيادة او رأس فعلينا بالحكم عليه بدون تردد بان هذا الحراك “العفوي والشعبي” في شكله والمحق في جوهره سينحرف نحو الهاوية لأن المجهول هو من يقود هذا الحراك الواسع عن طريق الفيس وتويتروغيرهما: يُقال انها تنسيقيات الله اعلم” ويكون مصحوب بقصف اعلامي كثيف من اعلام الدول المعادية لذلك النظام مع اندساس بين المتظاهرين عشرات بل مئات من عملاء الاجنبي المتدربين عليها لحرف التظاهرة وهم دون شك اعضاء تلك الجمعيات المدنية التي تتعامل مع السفارات والقنصليات الامريكية والسعودية،…الخ وهذا ما يسهل على الاجنبي بموارده وامكانياته الاعلامية الهائلة ان يخترق ذهنية المتلقي ويوجهه صوب مراده.
ثانيا: ان لم تؤطر المطالب المعيشية والخدمية وغيرها بمطالب وطنية اي مثلا التظاهرات في وسط وجنوب العراق اقتصرت فقط على الفساد والحدمات وفرص العمل ولم تطالب بطرد القواعد الامريكية وتقليص السفارة الامريكية التي تنتقص كل يوم من سيادة العراق والعراقيين. فلو كان هناك مطلب وطني لدى المتظاهرين لأغلق على تظاهراته باب تحريفها بتطعيمها بمطالب سياسية تعجيزية كأسقاط النظام ويسهل الاندساس الذي هدفه اتهام الحكومة (لا دفاع عن الحكومة) بالجرائم ضد المتظاهرين كما حدث في سوريا اتهمت السلطة بقتل المتظاهرين ومحاولة لتأليب الشعب ضد السلطة، والعبث والحرائق ..الخ فيجب ان تؤطر بمطالب وطنية ايضا لدرء خطر التدخل الامريكي وركوب مطالب المتظاهرين، ولكن الامريكي حَوَّل مسار التظاهرات في الاعلام ضد ايران بسبب اعضاء تلك الجمعيات المدنية الاجرامية العراقية التي اتصلت بها في الماضي.
لكن بما ان جميع التظاهرات في العالم الملونة وغير الملونة والربيع العربي اقتصرت على مطالب معيشية او سياسية لقلب النظام وانتهت اجباريا في كارثة والتهلكة ولا استثني تظاهرة واحدة من تلك التظاهرات لأن الامريكي من اشعلها ومن ركبها ومن حرفها ونشر الفوضى والحرائق والقتل.

في الربيع العربي الاول وقتها كان باراك اوباما رئيس امريكا واوباما كان ينسق مع الدولة العميقة الامريكية او المؤسسة الامريكية لذا كان ملف بن لادن والقاعدة مشترك بينهما. اما دونالد ترامب فهو شخصية ارتجالية وليست واضحة سياسته وخططه في الشرق الاوسط هل يبقى ام يرحل. فموضوع انشاء داعش رقم2 ملف الربيع العربي الثاني في العراق ولبنان يبدو انه بيد الدولة العميقة فقط واستثني منه ترامب حتى بو قال ان قصف القائم جاء بأمره.
ما حصل في القائم في 29 كانون الأول الماضي واستشهاد ثلة من الشباب العراقي المقاوم كان تدخل امريكي مباشر وهذا اذا دل على شيء فيدل على تأزم الخطة الامريكية في انجاح ربيعها العربي في العراق وضعف اداء داعش2 العسكري لهذا االامريكي الاصيل لا يعتمد على الوكيل العراقي في الخطة فيزج بنفسه مباشرة بالمعترك ويفشل كذلك.
هل لاحظت ايها القارئ الكريم كيف تمت مجريات الامور بين 1 تشرين الاول 2019 و 2 كانون الثاني 2020 … كي نفهم كيف تبدأ وتنتهي تظاهرات مطلبية بدون رأس وبدون مطالب وطنية. بدأت تظاهرة في ساحة التحرير جدا حضارية واليوم طائرات امريكية قتالية وسلاح ثقيل يحوم فوق رؤوس سكان بغداد وربما غدا جميع سماء العراق يستبيح ويهين السيادة العراقية مستمرة ولم يرد عليه نشامى السلطة.