جو يملأه التعب والعناء، ومع زحمة أصوات البائعين، حيث أعمل أنا، رن هاتفي ولم أسمعه أول مرة، في الثانية وجدت المتصل مسؤولا في ذي قار! حسبته إتصالاً عابراً، لكن عندما فتحت الخط تعالت معه صراخات وضجيج لم أفهمهما، أغلقت الهاتف ثم عاودت الإتصال، فما زالت تلك الصراخات موجودة، تتخللها فرحة عارمة.
آه لضعف شبكة الإتصال بمدينتنا! أغلقته وإتصلت مرة أخرى ففهمت كلمات أهمها (مبروك)، لم أفهم لماذا، قبل أن ينقطع الخط ثانيةً، غيرت مكاني فإتصل هو، فأخبرني بأني حصلت على تعييناً في شركة نفط ذي قار، من الفرحة أغلقت الهاتف قبل شكره، ركضت مهرولا تاركا بسطتي! إصطدمت بإمرأة مسكينة كانت تتبضع، لم أعتذر منها! وأكملت هرولتي، دخلت البيت باحثاً بفرحة وعصبية، عن حاسوبي لأتأكد عن طريق الأنترنيت.
فتحت الأسماء الفائزة، وإذ إسمي ثالثها، وجميع أهلي كانوا مستغربين التصرف الذي عملته، مجتمعين حولي يريدون نتيجة، إلا أمي التي كلفتها بالدعاء لي منذ يومين، قبل إعلان النتائج، فكانت تدعوا لي وهي متخفية، أفرجت جمعهم ونهضت لأخبرها، وإذا أنا في جو هادئ، وجميع أهلي نائمين! عندها عرفت أني في حلم.
إستشفيت من هذه الرؤيا، كيف يعاني الشاب العراقي من حصوله على فرصة عمل، وما مقدار الفرحة لو حضي بحصولها، لتضمن مستقبله وعائلته، لكن البلد أغرقه لصوص السياسة، فأفسدوا عيشه ونهبوا رزقه، فمن يصدق أن العراق يستقرض لسد رواتب موظفيه! ومن يصدق أن الموازنات الإنفجارية، أصبحت لا تسد رمق الدولة في ليلة وضحاها، فضلا عن المشاريع التي توقفت بسبب فسادهم.
شباب قضى سنين من عمره، في صعوبة الدراسة والعيش، لينجز شيئا عظيما إسمه التخرج، لكنه يفاجئَ بركن شهادة تخرجه في أبعد زاوية في بيته، ويهرول باحثا عن عمل يٌعَيٌش فيه أهله، أي عاقبة نمر بها؟ وأي بلاء إبتلانا به الخالق بشرذمة فاسدين نهبوا بلدنا؟.
خلاصة القول: لم أجد تفسيرا لرؤياي وأنا باحثا عن من يفسرها، أسألكم: هل هي أضغاث أحلام أم أنتم بتأويلها عالمين. والسلام.